الجمل

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
مراجعة 16:49، 7 أبريل 2018 بواسطة imported>Mafia mafia
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
التصنيف العلمي
المملكة الحيوانات
الشعبة الحبليات
الصف الثدييات
الرتبة مزدوجة الأصابع
الفصيلة بعران
الجنس جمل عربي
معلومات عامة
معدل العمر 30 - 50 سنة
معدل السرعة 40 ميل في الساعة
معدل الطول 2.15 متر
العدد الإجمالي 700,000 [1]

البعير حيوان لا تتجاوز ثقافته حدود الصحراء والأحمال الثقيلة والواحات والسراب , لم تتخذه الأحزاب المتحضّرة وغير المتحضّرة رمزاَ لها كما تشرفت الفأرة والحمار والأسد والفيل وغيره ، ربما لصحراويته وربما لأن الأحزاب الأجنبية لم تشأ الإعتداء على حقوق الملكية في العالم العربي . البعير في وعيه عرف النفط قبل الشركات المعاصرة . البعير سفينة الصحراء الموجهة بالستلايت في هذه الأيام ، دون أن تتخلى عن ثقافتها . ابتلاه الله بلعنة الفقر الأبدية ونعالات ممزقة صنعوها لأنفسهم بأنفسهم من قبر النبي يونس في العراق إلى اليمن الذي لا أحد يستطيع الإدّعاء السعادة فيه ، ومن موريتانيا إلى جزر الطنب في خليج ما عاد للعرب .

البعير من صفاته الحميدة في شخصه من عرب أجمعوا على عقيدة الإلتزام بدور الحمّال الجبان صاحب الخفّ الضاحك ، الذي لا تستفزّ كرامته إن أستبيحت على جزمة سيّده ، ولا تستفزّ إنسانيته عندما يئد الجلاّد ذويه ، والذي يأكل الشوك وهو محّمل بالذهب ، و المؤمن بحقّ الحاكم بجلده و سرقة حليب أطفاله وحتّى عرضه. من عجائب الأباعر إنهم مازالوا يظنون انهم أحرار وهم أتعس من عبيد ، وتراهم يحتجّون ويتوعّدون اليهود والإمبريالية بالويل والثبور وعظائم الأمور فيما رؤوسهم مستسلمة لجزم أصحاب السعادة والمعالي من الذين ورثوا العرب مع نعالاتهم الضاحكة .

في 2017 قامت السعودية بطرد الإبل القطرية من أراضيها في عملية فض اشتباك لمتلازمة العربي والجمل، والتي استقرت في الخيال العالمي قرونا خلت ، وها نحن نشهد ، أخيرًا ، الخاتمة المأساوية لهذه العلاقة ، بنفوق آلاف البعير المطرودة من صحراء إلى صحراء. كنا نرجو ألا يشاهد الغرب ، حصرًا . مشهد الإبل النافقة على الحدود القطرية السعودية، كي لا تتحطم تلك الصورة الأثيرة في إعلامهم عن العربي والإبل . بأي حيوانٍ آخر، سيستبدل الغرب الإبل إلى جانب الكائن العربي في إعلامهم وصورهم الكاريكاتورية، بعد هذا المشهد الحزين، بعد أن أدهشهم استخفاف العرب بحياة أهم رمز في وجدانهم، وتركه ينفق جوعًا وعطشًا من دون أن تطرف لهم عين، وتكبيد هذا الرمز ثمن خلافاتهم المزمنة.

سيبحثون بالتأكيد عن حيوان يمثل الصفات العربية الجديدة التي ظهرت لهم في مشاهد الإبل النافقة، وفي مقدمتها، بالطبع، حقد العربي على العربي، حدّ الحصار والخنق. وفي هذه الحالة، أجزم أنهم لن يجدوا حيوانًا بهذه الصفات، إلا إذا قرّروا عكس الصورة، وشبّهوا الحيوان بالإنسان، مع الفارق الجمّ بين الثريّا والثرى. ماذا تبقى للعربي من رموز قابلة للاحتفاء والتبجيل ؟

الإبل رافقت العربي في حله وترحاله، واحتفى بها الخالق ذاته، حين جعلها آيةً للعرب، موصيًا بسقايتها، لكن القوم أعادوا مشهد الجحود وهم يعقرون ناقة القرن الحادي والعشرين على الحدود، وكأني بهم ينحرون آخر ما يربطهم بجلودهم العربية، أو كأنه نحرٌ جماعيٌّ للذات، والفرار بعيدًا عن كل ما يذكرهم بعروبتهم وتراثهم. ولربما كان أكثر المصدومين خالد بن الوليد الذي ظنّ، ذات احتضار، أن الإبل العربية تموت مدلّلة على فراشها، ولم يكن يرغب بميتةٍ تشبهها، وقد يكون على حقّ في سياقه التاريخي، لأن إبل ذلك الزمن كانت مدللة، حقًا، ومحط هوى العربي الذي لم تكن قصيدةٌ له تخلو من ذكرها، ويا لحظّ الحبيبة التي تماثل مشيتها تثنّي الإبل، غير أن ابن الوليد لم يشهد زمنًا آخر، لا تموت فيه البعير على فراشها، ولا تبقي المعارك العربية - العربية في جسدها موضعًا فارغًا لضربة سيفٍ أو طعنة رمح، فيما يموت أسياد المعارك الدونكيشوتية على سُرر الحرير من شدة التخمة، بعد أن أوكلوا حروبهم الداخلية للإبل والحمير.

ربما نفقت الإبل التي تحمل الجنسية القطرية جوعًا وعطشًا، لكنها ماتت قهرًا هذه المرة، بعد أن نفد صبرها على الملهاة العربية التي يختلط فيها الضحك بالبكاء، خصوصًا وهي تعجب من قدرة مديرية الجوازات السعودية على فرز الإبل حسب الجنسيات، وإدراج البعير في خانة القطريّات كالبشر، تمامًا، ومن يدري فقد تمنع العصافير القطرية من التحليق في الأجواء السعودية ، ما دام لمسؤوليها هذه القدرة العجيبة على الفرز القُطْري.

لم تعد سفينة الصحراء تحتفل بلقبها الذي خلعناه عليها ذات أسفار ومشاقّ، لأنها ترى حجم الثقوب في السفينة العربية أوسع من أن يرتقها راتق، ولأنها هي من آثر أن يفضّ اشتباكه بأسيادٍ كالعبيد، حين يتعلق الأمر بالعصا الخارجية التي تجلدهم صباح مساء، حتى مع امتثالهم للأوامر بحذافيرها. أما العذر الأخير، فموجّه لأبي فراس الحمداني، فبعيرنا أحقّ منا بالدمع مقلةً، لأننا، باختصار، لم تعد تُبكينا أي مهزلةٍ أو كارثة عربية أو قومية، مهما استفحل خرابها.

هذه المقالة عبارة عن بذرة تحتاج لإضافة الكثير من الحقائق الموجعة و المضحكة فساهم في إثرائها بالمشاركة في تحريرها.