النفط

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

قالت وكالات الانباء اليوم ان آخر نقطة من نفط العرب قد حملته احدى الناقلات الى امريكا وان الشيوخ من اهالي النفط حلقوا لحاهم وساووها بشواربهم لأنهم بعد اليوم سوف يزيدون الضرائب على البضائع التي تدخل البلاد لايجاد دخل بديل يصلح للسرقة واللصوصية . الشيخ غضبان سمع بما حدث فحدثته نفسه ان يهجم على بيت جيرانهم لسرقة ما لديهم من الطعام والشيخ نعسان حذا حذو رفيقه الاول اما الأمير الاحمر من جماعة سراة الليل فقد كان يعرف ان النفط سوف ينضب ولذا فقد ربى عنزتين سمينتين لاقتناص حليبهما عند الصباح وبيعه في سوق الخضار أملا في جلب بعض الملاليم التي تجعل ملايينه تزيد قليلا خشية الفقر والضياع .

زوجة الشيخ غضبان رأت ان تستبدل العقود الماسية التي سرقتها من اموال الشعب فيما مضى يوم كان تدفق النفط يغنيها عن الحاجة بعقود خزفية او زجاجية لايهام الرأي العام العالمي انها لم تزل غنية وان البخور الذي كان يطوف على اطراف ثوبها قد غدا عطرا باريسيا لا تدانيه كل عطور العالم. اما ابناؤها الذين ربتهم على العز واكل الوز فقد علمت ما تخبؤه لهم الايام فاحتاطت للامر وتوجهت معهم الى امريكا للعيش في رغد وهناء تاركة شيخ الطريقه النفطية يرتع في جحيم الفقر والعذاب .

اما المرسيدس التي كان الشيخ ذو العباءة المقصبة يربطها امام خيمته مع الحمار في حبل واحد فقد نفذ منها الوقود ولم يجد بدا من ان يخترع طريقه مثلى في تشغيلها بالماء وبذا سجل اختراعه في اعظم دور الاختراعات الغربية فسلمهم ذقنه ومرسيدسه وحلف بالطلاق ان يعيش ارملا طيلة حياته ان لم يسفر ذلك الاختراع العجيب عن نتيجة ايجابية . البار الذي بناه الشيخ فدعوس بن متعوس في دارته الجديدة فرغ من زجاجاته المنمقة المنثورة على صفحة الغطاء الحريري المفرود على سعة الصالة واستبدلت زوجة الشيخ قنانيه المنمقه باخرى من الادوية التي تتضمن الشفاء من الضغط والسكري وامراض القلب وانسداد شرايينه وأدوية اخرى للكحه والسعال الديكي والشفاء من مرض الايدز .

الصحف التي كان يدفع لها شيوخ النفط وما زالت تعيش في ذلك العصر طالب الشيوخ باسترجاع نقودهم منها ولما كان الصحافيون الذين تعاملوا مع النفط قد صرفوها فقد قدموا زوجاتهم هدايا للشيوخ الطفرانين الذين كانوا يؤمون امريكا ودول اوروبا لتحصيل ديونهم من الصحافيين العملاء . وكانوا يحسبون الليلة التي يقضونها مع الزوجة ببرميل من النفط . وهكذا علم الشيوخ ان ديونهم على الصحافيين العملاء ربما بلغت ستة اجيال من النساء اللواتي يدفعن ثمن رفاهية الاخرين.

بلغ عدد الصنادل الشواريخ التي استوردها الشيوخ من دول الغرب عشرين مليونا في كل شهر دفعوا اثمانها من دماء ابنائهم كانوا يصفون دماء الصغار ويرسلونها في قناني مختومة الى مستشفيات الغرب الحضارية ثمنا للصنادل عطرة الذكر والرائحة وكان المرضى من الأمريكان يلفظونها ولا يأخذونها لأنها ملوثة بالدماء العربية. وقد قيل والعهدة على الراوي ان الامريكي كان يفضل الموت على ان تعطيه دما عربيا ونسأل .. فيقال لنا ان الدم العربي في عصر النفط اصبح دما رماديا ليس فيه بعض من مروؤة او شجاعة .

وخشية ان يصاب الانسان الامريكي بالجبن كان يأبى ان يأخذه حتى ولو ادى عدم تعاطيه الى الذهاب طوعا الى المقبرة. كل شىء في بلاد النفط تغير اصبح الاسد قطا والقط اسدا. الملك اصبح صعلوكا والصعلوك اصبح اميرا. الوزير أجر خادمته لوزير آخر من دولة اخرى واخذ يعيش من عرقها ومن حل شعرها. اصبح القواد شريفا والشريف قوادا. الكاذب صادقا والصادق مصيره سجون جهنم الحمراء .

الرئيس غدا يضع طاقيته على ابواب المساجد ويحمل آلة موسيقية يشحذ بها لتأمين عشاء ليلته أما الفقراء من الشعب فلم تتغير حياتهم كثيرا لكنها مع كل هذا تغيرت .اصبح من لا يجد عشاءه يسرقه من جاره. واعيدت بذلك اسطورة الغزو التي انتهت مع انتهاء عصر الجاهلية . سلام الشجعان مع اسرائيل اصبح اسمه سلام الخرفان. واستقبل الاطباء ممن درسوا في دول الغرب زرافات من الرجال يريدون ان يجروا عمليات بسيطة تحول الرجل الى امرأة لأنه يريد ان يجلس في البيت يربي الاولاد ويرضعهم ويهدهدهم حتى النوم كي لا يعمل . ومع كل ذلك فقد كتب على باب بيته يافطة تقول: ارحموا عزيز قوم ذل.. كل من حكم الوطن العربي منذ بزوغ اول نقطة من عصر النفط وحتى انتهائها وقف فوق مئذنة المسجد الكبير في عاصمته لكي يعرض الحكم على الناس. ايها الناس لقد حكمت حتى صدع رأسي ، من منكم يقبل بان يكون حاكما لهذه البلدة فليتقدم بطلب للجهات المختصة.

عرضت بعض المدن الكبيرة في الوطن العربي للبيع .كان سعر المدينه بسكانها ومبانيها وسككها الحديدية , الشرفاء فيها واللصوص , المحترمون والعاهرون بمبالغ لا تتجاوز ان يشبع البطن لشهر واحد. وكان هذا البطن بالطبع بطن الامير او الشيخ او الملك الابله . نشرت بعض الصحف اخبارا تقول: اما باعت طفلها لتشتري علبة من البودرة لتحمر خدودها بعد ان ذبلت نتيجة شح الدولارات . فغدت عجوزا متصابية مثل التين الذي يسقط من على الشجرة قبل ان تنضج. وان رجلا قتل اولاده الثلاثة لكي يوفر قوتهم لنفسه بعد ان اصبح جوعه اكثر من شبعه.

وان اولئك الاولاد قدموا انفسهم عن طيب خاطر لسكين الأب حتى لا يحتكر الجوع امعاءهم الصغيرة وان ضوء السراج الذي يضئ قصر الملك قد فرغ زينه ليلة الامس.. ولم يجد زيتا يضئ به المصباح سوى دم زوجته التي صعقت عندما علمت بخبر وفاتها في الجريدة الرسمية للدولة . وان الدولة اعلنت عن بيع الارامل فيها بدولار لكل منهم. وعن بيع السجناء لاستخدامهم عبيدا في تشغيل آلة الحرب الاسرائيلية. وعن تخليد ذكرى الملك برسم صورته على كرتونية تقول انها تحوى احد عشر لفة من المحارم الورقية النظيفة ومن ثم تصديرها الى امريكا.

يقول الراوي: يا سادة يا كرام.. لما بلغ كل ذلك الى الحلقوم اكتشف الشعب ان الامراء والملوك والرؤساء قد اكتشفوا الذهب في جبال بلادهم بالاف الاطنان وقيل يومها ان الامراء كانوا يسيحون الذهب في براميل كبيرة ويرسلونه الى امريكا بعد ان يختموا شفاه زوجاتهم عليها كعلامة مسجلة فيقبل الامريكان على استخدام تلك البراميل بعد ان يضيفوا اليها كلمتين اثنتين : حاوية للقمامة.. هذا والله اعلم.

مصدر[عدل | عدل المصدر]

  • وليد رباح , رئيس تحرير صحيفة صوت العروبة . سيناريو ما بعد النفط