خروف

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
(بالتحويل من الخروف)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
التصنيف العلمي
المملكة الحيوانات
الشعبة الحبليات
الصف الثدييات
الرتبة مزدوجة الأصابع
الفصيلة خروف و تخاريف
الجنس خرفان عرب
معلومات عامة
خروف مستنسخ دولي Dolly
خروف مقدس المسيح
خروف مسكين خروف العيد

الخروف : ارفع يدي الى الباري عز وجل ان يحولني الى خروف في هذا الزمن المر فان هذا يضمن لي صفحة سوابق بيضاء ناصعة وغير مصنفة على فصيل أو لون معين ويضمن لي قبل الذبح طبعا تبنا وشعيرا كثيرا ممزوجا بالملح من التاجرالجشع لضمان زيادة وزني وبيعي بأكبر مبلغ ممكن من الدنانير أو الدولارات أو الشيكلات هذا عدا الجولات السياحية في المراعي للتحلية بالحشائش الطرية بعيدا عن الهم البشري من طحين وغاز وفواتير التليفون والكهرباء وتزايد ضنك من يعيشون الحصار ويعانون من اغلاق المعابر . اني أرحب بمصيري على يد سكين جزار تنفيذا لقيمة التضحية الالهية ففي رأيي كخروف عيد ان نهايتي بهذه الطريقة هي أعظم من نهايات كثيرة للبشر من حولي حيث يذبح الاخ أخيه والابن ابيه من أجل مخترة أو مشيخة .

ولدت مع توأمٍ في مزرعة كبيرة وأتذكر بأنني وأخي كنا مدللين في الصغر ، وكان الجميع يهتم بنا ، وكانت امي ترضعنا من حليبها اللذيذ ، بل ان الراعي ، كان يجلب لنا حليباً جاهزاً في قنان عندما كانت امي مريضة . وفوق ذلك ، كان الراعي يحمينا من الخرفان الكبيرة ولا يسمح لها بإيذاءنا . أتذكر ان امي كانت تصيح عندما نبتعد قليلاً : إرجع ياولدي .. فأن هنالك ذئاب شرسة سوف تفترسك إذا إبتعدْتَ عن القطيع !كنت أرتعدُ حين أسمع بإسمه وحتى بعد أن كبرت وأصبحت خروفا بالغا .لم تستمر فترة طفولتي طويلاً ... وتدريجياً إكتشفتُ أن لحظات سعادتي في الأسابيع الأولى من عمري ، كانت حلماً قصيراً وإنتهى إلى الأبد وأن العيش كخروف ضمن القطيع ، صعب للغاية .

لشد مايحزنني ، ان البشر يتصورون ان جميع الخرفان أغبياء ، ولهذا السبب يسمون الشخص المصاب بداء النسيان او الهلوسة بالخرِف المأخوذة من خروف . علماً أنني خروف ذكي وعندي مشاعِر وأحاسيس ... لكن صفاتي هذهِ نقمة علي وليس نِعمة . فلقد أدركت مُبكِراً أنهم يطعمونني ، ليس حباً بي ولا عطفاً علي ، بل من أجل تسميني لكي أكون جاهزاً للَذبح . كم كنت أتمنى لو كنت خروفاً تقليدياً مثل معظم خرفان القطيع التي تتبع أوامِر الراعي وتوجيهاته ، وهي مغمضة ومبتسمة ، مهما كانت تلك الأوامر غير منطِقية وتلك التوجيهات مجحفة ! . لكن ماالعمل وأنا خروف مفكر ؟ لا أدري هل أضحك أم أبكي من هذه المفارقة طيلة عمري خوفوني من الذئب الذي سوف يفترسني ، لكني متأكد أن سكين الراعي هو الذي سيذبحني في النهاية .

ثم كيف لا أشعر بالغبن والظلم صحيح ان البقرة أكبر مني حجما وتوفر الحليب بكمياتٍ محترمة لكنني أيضاً ، كلي خيرات وفوائد ، فليس هنالك جزء من بدني لا يستفاد منه البشر فلحمي هو الأطيب وكبدي هو الألَذ ، وجلدي هو الأحسن وصوفي هو الأروع وأحشائي تطبخ منها الباجة بل أن خرائي سماد عضوي ثمين وفوق كل ذلك ، فأن ملايين البشر يعبدون البقر ، ولا أحد يعبدني ! .

التاجر يقرر بيعي ويذهب بي السوق راكبا لانه يخشى على من التعب والارهاق , ياسلام على الانسانية ، وهناك يبدأ المساومات وحلف الايمان والصلاة على النبي وهو الذي لم أره يصلي منذ فتحت عيني على الدنيا وحرمني من الرضاع من امي التي باعها بعد ميلادي بعشرة أيام . بعد ربع ساعة باعني التاجر فاقد الذمة الى رجل موسر من أهل الحكم وقبض المبلغ بالدولار فدسه في جيب البالطو الوسخ وقال مبروك . أخذني المالك الجديد راكبا ومعززا مكرما الى بيته وهناك استقبلني الاطفال من رأس الشارع زفوني وداعبوني و حاولوا اضحاكي وصوروني عدة صور للذكرى ولكنى لم ابتسم فكيف أفعل ذلك وأنا سأغادر الدنيا بعد يومين . كان المكان أكثر دفئا وأنسا فقد سمعت لاول مرة أخبار الجزيرة وأناشيد الاقصى وبكيت لما سمعت أغنية حزينة عن الغربة والاسر ولكني فوجئت عندما سمعت اغنية خاصة للخراف أمثالي .

قبل لحظات من موعد الذبح جاء أبو الحسن من صلاة العيد والسبحة في يده وبرفقته جزار محترف . ايقنت لحظتها ان ساعتي قد دنت . قرأت الفاتحة. ودعوت الله ان يخفف عنى سكرة الموت , سمعت كما الحلم زوجة صاحب البيت توصي زوجها بلهجة أمرة ان لايفرط بالكبد والكلاوي والفشة والمعلاق وحتى الكرشة وثلثي الضحية لانها ستخبئها في الثلاجة الكبيرة فاللحمة طار سعرها الى 50 شيكل للكيلو . كانت ضحكتي الاخيرة قبل أن أرفض بصمت الشرب من الجردل الاسود شربتي الاخيرة . وهنا أمسك بي الجزار وداعبني بيده الجافة قليلا وعيني على سكينه الفضي الحاد. بكى الطفل الصغير من جلال المنظر فأخذوه بعيدا . هتف الجزار العبوس :الله أكبر !! تجلدت وتقلصت فرائصي وأخذتني العزة فلم أصرخ بـ ماء .... ماء . كانت قرصة عميقة سرعان ماتحولت الى احتراق كبير واختناق في الرقبة فظيع سائل لزج يتدفق برودة سريعة تسرى ترتعش اطرافي أصعد في غيبوبة بيضاء , ارى امي في أبهى صورة وهي تمد يديها الي سعيدة مرحبة . أحسستني في صعودي الى السماء المسيح ويوسف واسماعيل معا , سعادة مابعدها سعادة أني أغادر ذلك العالم الضيق المتهالك الى فضاء الديمومة والصفاء .

الكثير من العرب لا يعلمون بان القانون الامريكي المكتوب منه وغير المكتوب يجيز ان يموت الناس في مناطق الصراع في العالم بالالاف وان تحرق جثث الاطفال بالنابالم في فلسطين ولكنه لا يجيز ولا باي حال من الاحوال ان يموت خروف امريكي الا عن طريق الذبح في المسلخ . وبعد ان يضعوا تحت رقبته مخدة ناعمه . ويتلو عليه من يذبحه آيات من سفر التسابيح . وشيئا من المدائح والاغاني الهابطة وزهرة اقحوان حمراء تلون بها قرونه ان كان له قرون .اما ان لم يكن فبوضع شريط ملون حول رقبته حتى يرى الحياة بعد الموت زاهية الالوان ثم يبدأ البكاء على الخروف الذي سيذبح وبعد الانتهاء من النحيب ومراسيم الطقوس المعتادة يذبح الخروف بوجود ما يسمونه الانسبكتر الذي ترسله جمعية الرفق بالحيوان وبعد الذبح يضع ذلك الانسبكتر اذنه على قلب الخروف ثم يدس تحت جلده آلة صغيرة تنبىء انه قد توفي الى رحمة الله قبل ان يأمر بسلخ جلده واقامة الاحتفال على لحمه الطري .

ولقد حدثني أحد الاخوة العرب عند قدومه الى امريكا بانه امتهن ذبح الخراف في الوطن العربي بحيث لايجيد مهنة سواها . فقد عمل في مسالخ الوطن فترة طويلة بدءا من جهاز المخابرات الى الشرطة ولخبرته العريقة في سلخ جلود الناس رسا به الامر بعد التقاعد الى مسلخ للذبائح بكل انواعها وقال لي بان سكينه لا يخطىء ابدا . فهو يضع رجله اليسرى على رقبة الروف ويدوس عليها بقوة حتى يكاد الخروف يفطس بين يديه . ثم يسبه في سره ويسب صنعته ومن علمه تلك الصنعة ويسب الدهر والايام والزمان تماما مثلما كان يفعل ايام وظيفته في دائرة المخابرات يوم كان رنين الخيزرانة في يده تسمعه من الطوابق العليا ثم يدوس اكثر على رقبة الخروف حتى لا يتحرك من مكانه ويقترب من الموت ثم بعد ذلك يحن عليه بضربة سكين تفصل رأسه عن جسده في لحظات وتحيله الخروف الى عالم العدم ولا ينسى في كل ذلك ان يسمي حتى يكون الذبح على الطريقة الاسلامية . سواء كان الذبح في جهاز المخابرات او في المذبح .

قال لي الاخ العربي ذهبت الى مسلخ امريكي لكي أعمل عندهم و اريهم مواهبي ولم يكن احد قد اخبرني كيف يعامل الخروف الامريكي .. ولا الطقوس التي يمكن ان تقرأ كي يستحضرها واراد صاحب المسلخ ان يجربني فاحضر لي خروفا صغيرا بريئا وطلب مني ان اجرب سكيني في رقبته ولما كنت اجهل الطريقة الامريكية في معاملة الخراف فقد امسكته (الخروف طبعا وليس صاحب المسلخ ) من رجليه ويديه ورميته ارضا وعاجلته بان وضعت رجلي اليسرى على رقبته رفس الخروف برجليه اولا ثم اخرج فحيحا ثانيا ثم اغمض عينيه مستسلما ثالثا فصرخ بي صاحب المسلخ بصوت كالرعد : ايها المتوحش ؟ ماذا تفعل بالخروف ؟ انت تقتله قبل ان تذبحه قلت له وما الفرق بين الذبح والقتل ؟ قال لو كان هنا الانسبكتر لدفعنا غرامة قدرها خمسة الاف دولار ثم تابع الامريكي : لقد حضرت حرب فيتنام وحرب كوريا واسقطنا مئات الاف الاطنان من القذائف على رؤوس الناس ولكننا لم نكن نرى الذين يموتون ولم نصل الى مرحلة سواد القلب فنقتل حيوانا بالهمجية التي تفعلها ثم احمرت عيناه وصرخ في وجهي وقريبا من اذني : اذهب لا عمل لك عندي .

مصدر[عدل | عدل المصدر]

  • توفيق الحاج , خاروف و تخاريف .