مقدس
المقدس أيهما أفضل يا وزير.. درهم حظ أم مثقال ذرة من القداسة ؟ سأل الملك . أجاب الوزير واثقا كما بيدبا الفيلسوف : مثقال ذرة من القداسة يا مولاي , رد الملك : وانا أقول درهم حظ يا غبي ؟ وساثبت لك ذلك غدا. في صباح الجمعة ذهب الملك ووزيره في موكب ملكي الى سوق يتعسسون بين الناس وتجولا فيه مابين سمك الجرع والبصل الاخضر وبطيخ القرع..! ليجد الملك فقيرا هنديا شابا شبه عار ممردغا بعادم السيارات والعرق والتراب .. فهتف : وجدتها .. هذا هو الطلب .. هاتوووه... وحمله الحرس ككيس برسيم وألقوه في حاوية خلف مركبة الملك الذهيية والناس تظن ان المخفور كتب مقالا مش ولابد أو عامل عملة واختطفته قوى امنية . في الحال أمر الملك الخدم والحشم بنقع الشاب القذر في حوض الكلور ساعات وغسله وعصره وشطفه عند الحريم عدة مرات ودهنه بالكريمات والملطفات الفرنسية وإلباسه حلة ملكية , وهكذا في سهرة المساء تحول الفقير الى الامير شاه جيهان وكانه محمد عساف أو شاروخان. والملك ينظر ساخرا منتصرا الى وزيره والوزير يهمس: يالك من غبي .. غباء جدك و ابيك .. طيب انا ح اوريك.
في الصباح التالي ذهب الوزير الى سوق مريدي وبحث حتى وجد حمارا أجرب هزيلا يجر نفسه جرا بالعافية تحت كيسين من شعير فاعطى صاحبه درهمين وقال له: أخلع من هان يا حيوان ! ..ثم هتف بالناس : أيها الناس ..أيها الناس , فالتفوا حوله وخطب الوزير :اسمعوا وعوا , هذا الحمار المبارك الماثل أمامكم جده من حمل الولي فلان وابوه حمل شيخ الأزهر علان وهو بكل فخر وحبور من نسل يعفور..حمار النبي عليه السلام , تبارك الذي خلق , لمسة له تشفى مع سورة الفلق من كل الامراض والقلق , وبوله يعيد الشيخ الى صباه وينفع في عقم النساء باذن الله . بدأ الرجال يتهافتون على البول لاستنهاض الفحولة كل رشفة بدينار والنساء يتمسحن به ويقبلنه أكثر من أزواجهن ويأخدن بعيرات منه للتبرك كل بعرة بدولار .
اكتظ المكان فانتقل الوزير بالحمار الى ساحة الكتيبة وزاد العدد والناس تطلب العون والمدد وقام رجال الصحافة والاعلام بعقد لقاءات حصرية وبث مباشر من الجزيرة و قناة العربية مع الوزير والحمار المزين بحرير المجد وغار الفخار واصدار فيديوهات وكليبات لنهيقه الشجي وقام رجال الاعمال بعرض ملايين الدولارات على الوزير للاسثتمار وهو يرفض ويطلب زيادة العرض الى مليار . سمع الملك بما فعل وزيره فاستدعاه وصرخ به ماذا فعلت ياجلبهار في هذا النهار ؟ فقال لا شيء يا مولاي المغوار إلا لأثبت لك ان مثقال ذرة من القداسة افضل من درهم حظ , فالفقير الهندي الذي حولته الى امير تستطيع في أي لحظة ارجاعة الى فقره ولكنك لن تستطيع إرجاع هذا الحمار الأجرب الى ما كان عليه بعد هالة القداسة .