الجمل
| ||
التصنيف العلمي | ||
---|---|---|
المملكة | الحيوانات | |
الشعبة | الحبليات | |
الصف | الثدييات | |
الرتبة | مزدوجة الأصابع | |
الفصيلة | بعران | |
الجنس | جمل عربي | |
معلومات عامة | ||
معدل العمر | 30 - 50 سنة | |
معدل السرعة | 40 ميل في الساعة | |
معدل الطول | 2.15 متر | |
العدد الإجمالي | 700,000 [1] |
البعير حيوان لا تتجاوز ثقافته حدود الصحراء والأحمال الثقيلة والواحات والسراب , لم تتخذه الأحزاب المتحضرة وغير المتحضرة رمزاَ لها كما تشرفت الفأرة والحمار والأسد والفيل وغيره ، ربما لصحراويته وربما لأن الأحزاب الأجنبية لم تشأ الإعتداء على حقوق الملكية في العالم العربي . البعير في وعيه عرف النفط قبل الشركات المعاصرة . البعير سفينة الصحراء الموجهة بالستلايت في هذه الأيام ، دون أن تتخلى عن ثقافتها . ابتلاه الله بلعنة الفقر الأبدية ونعالات ممزقة صنعوها لأنفسهم بأنفسهم من قبر النبي يونس في العراق إلى اليمن الذي لا أحد يستطيع الإدّعاء السعادة فيه ، ومن موريتانيا إلى جزر الطنب في خليج ما عاد للعرب .
البعير من صفاته الحميدة في شخصه من عرب أجمعوا على عقيدة الإلتزام بدور الحمّال الجبان صاحب الخفّ الضاحك ، الذي لا تستفزّ كرامته إن أستبيحت على جزمة سيّده ، ولا تستفزّ إنسانيته عندما يئد الجلاّد ذويه ، والذي يأكل الشوك وهو محّمل بالذهب ، و المؤمن بحقّ الحاكم بجلده و سرقة حليب أطفاله وحتّى عرضه. من عجائب الأباعر إنهم مازالوا يظنون انهم أحرار وهم أتعس من عبيد ، وتراهم يحتجّون ويتوعّدون اليهود والإمبريالية بالويل والثبور وعظائم الأمور فيما رؤوسهم مستسلمة لجزم أصحاب السعادة والمعالي من الذين ورثوا العرب مع نعالاتهم الضاحكة .
في 2017 قامت السعودية بطرد الإبل القطرية من أراضيها في عملية فض اشتباك لمتلازمة العربي والجمل، والتي استقرت في الخيال العالمي قرونا خلت ، وها نحن نشهد ، أخيرًا ، الخاتمة المأساوية لهذه العلاقة ، بنفوق آلاف البعير المطرودة من صحراء إلى صحراء. كنا نرجو ألا يشاهد الغرب ، حصرًا . مشهد الإبل النافقة على الحدود القطرية السعودية، كي لا تتحطم تلك الصورة الأثيرة في إعلامهم عن العربي والإبل . بأي حيوانٍ آخر، سيستبدل الغرب الإبل إلى جانب الكائن العربي في إعلامهم وصورهم الكاريكاتورية، بعد هذا المشهد الحزين، بعد أن أدهشهم استخفاف العرب بحياة أهم رمز في وجدانهم، وتركه ينفق جوعًا وعطشًا من دون أن تطرف لهم عين، وتكبيد هذا الرمز ثمن خلافاتهم المزمنة.
سيبحثون بالتأكيد عن حيوان يمثل الصفات العربية الجديدة التي ظهرت لهم في مشاهد الإبل النافقة، وفي مقدمتها، بالطبع، حقد العربي على العربي، حدّ الحصار والخنق. وفي هذه الحالة، أجزم أنهم لن يجدوا حيوانًا بهذه الصفات، إلا إذا قرّروا عكس الصورة، وشبّهوا الحيوان بالإنسان، مع الفارق الجمّ بين الثريّا والثرى. ماذا تبقى للعربي من رموز قابلة للاحتفاء والتبجيل ؟
الإبل رافقت العربي في حله وترحاله، واحتفى بها الخالق ذاته، حين جعلها آيةً للعرب، موصيًا بسقايتها، لكن القوم أعادوا مشهد الجحود وهم يعقرون ناقة القرن الحادي والعشرين على الحدود، وكأني بهم ينحرون آخر ما يربطهم بجلودهم العربية، أو كأنه نحرٌ جماعيٌّ للذات، والفرار بعيدًا عن كل ما يذكرهم بعروبتهم وتراثهم. ولربما كان أكثر المصدومين خالد بن الوليد الذي ظنّ، ذات احتضار، أن الإبل العربية تموت مدلّلة على فراشها، ولم يكن يرغب بميتةٍ تشبهها، وقد يكون على حقّ في سياقه التاريخي، لأن إبل ذلك الزمن كانت مدللة، حقًا، ومحط هوى العربي الذي لم تكن قصيدةٌ له تخلو من ذكرها، ويا لحظّ الحبيبة التي تماثل مشيتها تثنّي الإبل، غير أن ابن الوليد لم يشهد زمنًا آخر، لا تموت فيه البعير على فراشها، ولا تبقي المعارك العربية - العربية في جسدها موضعًا فارغًا لضربة سيفٍ أو طعنة رمح، فيما يموت أسياد المعارك الدونكيشوتية على سُرر الحرير من شدة التخمة، بعد أن أوكلوا حروبهم الداخلية للإبل والحمير.
ربما نفقت الإبل التي تحمل الجنسية القطرية جوعًا وعطشًا، لكنها ماتت قهرًا هذه المرة، بعد أن نفد صبرها على الملهاة العربية التي يختلط فيها الضحك بالبكاء، خصوصًا وهي تعجب من قدرة مديرية الجوازات السعودية على فرز الإبل حسب الجنسيات، وإدراج البعير في خانة القطريّات كالبشر، تمامًا، ومن يدري فقد تمنع العصافير القطرية من التحليق في الأجواء السعودية ، ما دام لمسؤوليها هذه القدرة العجيبة على الفرز القُطْري.
لم تعد سفينة الصحراء تحتفل بلقبها الذي خلعناه عليها ذات أسفار ومشاقّ، لأنها ترى حجم الثقوب في السفينة العربية أوسع من أن يرتقها راتق، ولأنها هي من آثر أن يفضّ اشتباكه بأسيادٍ كالعبيد، حين يتعلق الأمر بالعصا الخارجية التي تجلدهم صباح مساء، حتى مع امتثالهم للأوامر بحذافيرها. أما العذر الأخير، فموجّه لأبي فراس الحمداني، فبعيرنا أحقّ منا بالدمع مقلةً، لأننا، باختصار، لم تعد تُبكينا أي مهزلةٍ أو كارثة عربية أو قومية، مهما استفحل خرابها.
الجمل والخروج عن النص[عدل | عدل المصدر]
تظلّم طالب عرف بصاحب الجمل من ظلم مدرس اللغة العربية له في مادة الإنشاء، واستجار بالمدرسين والمدير، وتشفّع بهم يستوضح سبب رسوبه فيها، فقال المدرس لأصحاب الشفاعات إن الطالب المذكور يخرج عن الموضوع المطلوب، ويمضي حقبا، ووصفه بأنه من الخوارج في مادة الإنشاء، ويستحق إقامة الحدّ عليه، والحدّ هو علامة الصفر. وقال جاداً: طالبكم مصاب بمتلازمة البعير . طلبوا أوراقه للوقوف على الخبر ، فأخرج المدرس ورقة وقال: هذا موضوعه المكتوب عن فصل الربيع . كان الطالب قد كتب التالي:
” | فصل الربيع من أجمل فصول السنة، تزهر فيه الأشجار، وتغني الأطيار، وتسيل الأنهار، وتثمر الخضار، مما يتيح للجمل أن يشبع من المراعي، والجمل حيوان يصبر على الجوع والعطش أياماً، ويبحر في الرمل بيسر. يحب البدو من الأنعام الجمل، لأنه ينقل متاعهم ويساعدهم على الترحال من منطقة لأخرى. ثم يمضي الطالب في سرد السيرة الذاتية للجمل، مفردا ثلاث صفحات لأسنانه وأحواله في الروضة والابتدائية والإعدادية. | “ |
وقال المدرس : خذوا على سبيل المثال إنشاءه التعبيري عن الحاسب الآلي. فكان صاحب الجمل قد كتب هذه السطور:
” | الحاسب الآلي جهاز حديث ، سهل على الإنسان الكثير من العمليات الذهنية ، ولا غنى عنه في المدن والدول الحديثة ، لكن البدو يفضّلون عليه الجمل ، لأن الجمل حيوان صبور على الجوع والعطش ، وقال الله تعالى في كتابه "أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت" وابتلى الله تعالى قوم صالح بناقة خلقها من الصخر ، وكان لهم شرب ولها شرب يوم معلوم، ويسمى سفينة الصحراء، وسبب التسمية أنه يحرك أطرافه مثل مجاذيف السفينة، قد تكون هناك أسباب أخرى في تشبيهه بالسفينة، لأن البوادي بحار رملية، لا يعبرها إلا الجمال. قالت العرب في الإبل: إذا حملت ثقلت، وإذا مشت أبعدت، وإذا نحرت أشبعت، وإذا حلبت روت. | “ |
اقتنع أصحاب الشفاعة بمرض الطالب واستحقاقه الرسوب ، لكن الطالب لم يقتنع ورفع شكوى إلى وزير التعليم جاء فيها:
” | سعادة وزير التربية والتعليم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أُقدم لمعاليكم تظلّمي هذا، وفيه اشتكي إلى الله تعالى ومن ثم إليكم ما حاق بي من ظلم وجور، فمدرس مادة التعبير مصرٌّ على ترسيبي في مادة التعبير، وقد صبرت عليه صبر الجمل، والجمل حيوان يصبر على الجوع والعطش والظلم والقصف أياماً ونحن أمة تهدر المواهب والطاقات ويصدق فيها قول الشاعر: كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ، والماء فوق ظهورها محمول. وللجمال الصينية سنامان، لكنها لا تتحمل الحرّ، ولحمها من أطيب اللحوم ولبنها سائغ بطيء الفساد، ليس كلبن البقر والغنم، والجمل يهان في الأفلام الأمريكية المصوّرة في الصحراء العربية وأرجو من معاليكم أن تجملوا. | “ |
الحكاية المذكورة حكاية شعبية , يطلق الخبراء على مرض بطل النص في علم النفس بالاستحواذ النفسي، والتثبيت، وهي حكاية الشعب العربي من المحيط إلى الخليج، المصاب بمتلازمة حبّ البعير . ونسمعها يومياً في التلفزيون والصحف اليومية ، من المدرس والطبيب والمحامي ، والوزير ورئيس الوزراء ، والمفتي ، فالطبيب يخرج ويقول نجحنا في إجراء عملية القلب المفضوح ، وما ذلك إلا بفضل سيادة الرئيس الطبيب الأول، الذي وفّر لنا المشافي واستورد الأجهزة الحديثة، وأدام الله الرئيس وحفظه ورعاه فوق رؤوسنا، ولولاه لدُمّرتْ البلاد وهلك العباد، والمدرس يخرج ويقول : لقد كانت نسبة النجاح هذه السنة كبيرة في الثانوية العامة والفضل يعود للسيد الرئيس ، الذي كرّم المعلم، الذي كان مظلوماً ومضطهداً أيام الاقطاع ، ويعامَل كالعبد الأجرب في العهود السابقة ، فجعل له عيداً ، أدام الله السيد الرئيس ونصره على أعدائه في الداخل والخارج . ووزير الاتصالات يخرج ويقول: لولا رعاية السيد الرئيس لكنا نتواصل بالحمام الزاجل، فهو الذي رعى التحديث الإلكتروني، وأدخل الحواسب الآلية إلى البلاد ، حفظه الله فوق رؤوسنا، وهو صاحب أول إيميل جوي في البلاد .الجمل آية من آيات الله، وكذلك السيد الرئيس الذي يبحر في دمائنا بكل يسر، ولا يرى سنامه، وتسلق النخلة، وقد صبرنا عليه صبر الجمل، والجمل من أحقد الحيوانات، ولا ينسى ثأره ولو بعد أربعين سنة وينتقم، ويقول: استعجلت .