عزمي بشارة

عزمي بشارة (1956) : جاسوس اسرائيلي مشهور يتربع على عرش الفكر العربي بلا منازع كما تتربع دبي في الإمارات على عاصمة الحضارة العربية كما لو ان دار الحكمة بناها الخليفة المأمون فيها ودفن في أحد أبراجها أبو الطيب المتنبي بجانب مكتب ضاحي خلفان . سيظل عزمي متربعا على عرشه كما تتربع المجنونة المغنية أحلام الإماراتية ملكة وقاضية موسيقى وتقرر لنا ذائقتنا العربية ويصر اعلام النفط على أن تحل محل فيروز وأم كلثوم . سيورث عزمي بشارة لابنائه هذا المنصب الرفيع من بعده . وقد أطاح بكل المفكرين السابقين واللاحقين . وصار هاجس كل الذين يطفون على سطح الاعلام أن يشير المذيع الى احدهم ويقدمه على أنه مفكر عربي ومن فصيلة عزمي بشارة . فتظهر ابتسامة ترحيب وابرنشاق على محيا المفكر العربي الجديد الذي منحه المذيع الحمار لقبا فخما بحيث صار من سوية عزمي بشارة سواء كان له شارب كبير أم لم يكن له شارب كبير و قد ينتمي لاحقا الى كتّاب العربي الجديد التي يشرف عليها المفكر العربي الأول عزمي بشارة ابن سينا العرب الذي يداوي الجراح العربية بالمراهم العبرية وتكون كلمته كالتعاويذ والرقى على حروقهم السياسية بردا وسلاما فتشفى وتبرأ .

عزمي بشارة لايكتب في شأن دون ايعاز من جهة عليا ولغاية في نفسها وهو جزء من منظومة استخباراتية تعمل بشكل متناسق وتروج ذات الخطاب في كل العالم . هذا المفكر العربي لايترك شاردة ولاواردة الا وله فيها نصيب وحصة . وحصة هنا ليست الشيخة حصة أل ثاني أو فصة آل جبر أو الشيخة حصة بنت سالم الصباح أو حصة آل نهيان . وقد راعه أن يمر حدث فوز دونالد ترامب دون ان يدلي بدلوه ويغرف من علمه الغزير ويرشد الأمة كما يرشدها المرشد الأعلى للاخوان المسلمين ولذلك فقد فكر لنا المفكر العربي وأنجز دراسة تحليلية وبحثا عظيما بعنوان : (صعود اليمين واستيراد صراع الحضارات إلى الداخل: حينما تنجب الديمقراطية نقائض الليبرالية), محاولا ان يورد ايقاع عنوان شهير عن صراح الحضارات في مقالته لاكسابها وزنا وثقلا . قال في المقال الطويل لافض فوه:

”

ان هناك دهشة في العالم من تساهل المصوتين مع ركاكة شخصية المرشح دونالد ترامب الذي يجاهر بأفكار تخجل صاحبها لأن افكاره نوع من العيب السياسي

“

ووصف ترامب بأنه خطيب الحانات والبارات وكأنه خرج للتو من أحد البارات التي يشرب فيها الناس حتى الثمالة . وفي سياق هجوم متكامل على ترامب لم ينسى المفكر العربي أن يهاجم في طريقه فلاديمير بوتين ويمينيته الروسية التي تستعير صراع الحضارات لتغليف رفضها للديمقراطية الغربية وتأليه الديكتاتورية الوطنية وطبعا لم ينجو الرئيس السيسي من هجوم المفكر العربي ولا الرئيس الصيني وطبعا لايمكن أن ينسى بشار الأسد.

لكن المفكر عزمي بشارة يغيب عن ذهنه عادة ان يذكر الخليج العربي المحتل بكل شيوخه ومشايخه وشيخاته وقنوات التحريض المذهبي الرخيص والذي لاشك أن اقذر حانة في أوروبا أطهر من كل زوار فضائياتها وروادها وأن مستوى الحوار فيها أكثر انسانية مما يدور عن تكفير ملايين الناس وهدر دم الطوائف . يغيب عن موعظة عزمي بشارة أمارة قطر و الكويت و السعودية الوهابية ذات الخطاب الدموي الرهيب التي قدمت للعالم أكبر مجموعات ارهابية ودموية وهذه هي أكبر حانات في العالم اذا قيست الحانات بمستوى الخطاب الهابط والرخيص والفارغ ويكفي ان نستمع الى عشر ثوان لاحد أمراء أو ملوك الخليج لنعرف اين هم رواد الحانات .

عزمي بشارة جاسوس مؤدلج يخاطب الناس كما يحبون فاذا كان في فلسطين تحدث عن النضال ضد الاحتلال وفي سوريا يتحدث عن الممانعة والمقاومة وعندما صار في قطر تحول ابن تيمية الى مجاهد وثائر مجدد . ولاتنسى الذاكرة كيف جعل عزمي يضخ في عقول الناس الكراهية عبر محطة الجزيرة ونشر العقد الوهابية في ثباب الثورة السورية التي ألبسها لبوس الجهاد مستغلا جهل الناس وميولهم الدفينة وهذا هو حال محطة الجزيرة وخطاب كل القتلة الذين شاركوا في مجزرة الربيع العربي الرهيبة فكلهم كانوا يحرضون الناس مستغلين جهل العامة والآراء المسبقة الصنع المنتشرة ويستخدمون خطابا مبنيا على الغرائز والميول الدفينة والسافرة كما فعل يوسف القرضاوي وكل محطات الاسلام السياسي دون استثناء , انه تحريض الفوضى باستغلال جهل الناس وغرائزهم وميولهم الدفينة وهو أول اعتراف بحقيقة الربيع العربي وحقيقة المحرضين فيه وطريقة التحريض التي أشرف عليها عزمي بشارة بنفسه .

مشكلة عزمي بشارة أن مصيبته كبيرة لأنه تحول في اللاوعي من مفكر عربي له جمهور من المحيط الى الخليج الى جاسوس ثم بشكل غير متوقع الى شخص ظريف ممتع وخفيف الدم . تناقضات شخصية لاتجتمع الا لتخلق شخصا طريفا يستمتع الجالسون اليه بدغدغته ومشاكسته ومناكفته . وجد عزمي نفسه فجأة أنه لايزال ينادى عليه بالمفكر العربي لكن اللقب بحد ذاته صار ظريفا وفيه دعابة وتدل على النهاية المفجعة لمغامرة التفكير العربي وللمفكرين العرب . فاذا كان الدخول في مغامرة التفكير العربي ينتهي الى مصير عزمي بشارة اي الى بئر نفط أو جاسوس فكيف اذا لم يفكر العربي ؟؟ لاشك انه سينتهي الى مشفى الأمراض العقلية أو عضوا في المعارضة السورية .

صار عزمي مجمعا للطرائف ومنجما للنوادر والقصص المسلية فكل مافيه طريف وظريف وثوريته طريفة وظريفة وفيها فكاهة واظرف مافيها هي قيادته الأحرار من عند قاعدة العيديد ومن شرفة قصر أمير ويدا بيد مع يوسف القرضاوي الذي يلتهم الصغيرات ويمضغهن تحت أضراسه النخرة دون رحمة . ولا يتردد عزمي بشارة مع هذا في أن يتسلل بين الفينة والفينة الى بلده اسرائيل سرا معتقدا انه لاأحد يراه عند دخوله وخروجه وخاصة عند لقائه بعض ضباط الموساد في تل أبيب بعد أيام من الاتفاق الكيماوي السوري عندما حدثت صدمة في الخليج وبين الثوار وتولى بنفسه استطلاع الأمر من قلب غرفة العمليات في اسرائيل وايصال رسائل عربية شديدة التوتر .

الأكثر طرافة أن أعتى الثوار صار يستمع اليه على أنه مفكر عربي ظريف . فليس منطقه طريفا فقط بل وشكله ايضا والرجل بسبب فشل توقعاته ورهاناته ونظرياته الثورية صار محلا للتندر وللدعابة وقد فشلت كل محاولات الجزيرة ومحاولات معجبيه من الروبوتات العربية التي تعمل على البطاريات الدينية والزيوت الاسلامية لجعله مرجعا ثوريا عالميا ومفكرا لايقهر فاذا به ودون أن يدري يصبح أحد الظرفاء الذين يدغدغون خواصرنا بلطف خاصة عندما يتحدث واعظا وشاحنا الثوار بالأمل والأكاذيب .