كذاب
الكذاب لم يكن أشين من الكذب عند العرب، كان العربي يغزو وينهب، لكنه لا يكذب، حتى الكفار لم يكونوا يكذبون ونرى أمثلة في السيرة النبوية، مثال ذلك أبو سفيان وقد أتيحت له الفرصة ليكذب وقد دعي إلى المثول بين يدي هرقل ملك الروم، وعمرو بن العاص عندما أوفدته قريش إلى النجاشي، فلم يتّهم المسلمين بما ليس فيهم، بل إن قريشاً عندما قالت للنبي محمد: لا نكذِّبك بل نكذب ما جئت به، لشدة توقيرها للنبي وثقتها بصدقه، فكان ذلك منتهى صدق المشركين، فلم تجرّب عليه كذباً، فلماذا يكذِّب الحكّام العرب، بل لماذا لا يصدقون في أصولهم وأسماء آبائهم وأمهاتهم، ولماذا يكذب إعلامهم حتى في نشرة الطقس، وهي نشرة أحوال جوية، وليست نشرة بورصة، ولا نشرة مخابرات.
ارتفاع الحرارة ليس رجساً من عمل الشيطان، وليس تخصيبا لليورانيوم، وانخفاضها ليس توهيناً لنفسية الأمة، فالحرارة ترتفع في كل البلاد السامية والنامية، فلن تخيس درجات الحرارة بناموس الرئيس، وارتفاع حرارة الجو لا يعني أن البلاد بها حُمّى، وليس البرد ولا الضباب من أقارب الرئيس وبقية أهله. ولماذا يحب الرئيس الغرف المغلقة ويكثر من كلمة الشفافية؟ ومن ذكر المؤامرة الكونية، ويأمر الشعب بأن لا يصدقوا شيوخ الفتنة وأن يتجنبوا الفضائيات المغرضة؟
الكذب يلقّن للتلاميذ في المدارس، والجنود في الثكنات، والقضاة في محاكم الظلم، وأنّ الرئيس يقسم كذباً، وقد حاول رئيسان عربيان، أو ادعيا الصدق، فتأسيا بأتاتورك، فأقسما بشرفهما ومعتقدهما على الدستور، فعبنا عليهما لأنها جعلا شرفهما مقدساً، لكنهما كانا صادقين، فقسمهما بشرفهما يبيح لهما الكذب والنكول عما جاء في الدستور.
تخرج المسيرات العفوية، بأمر صارم وإيعاز ووعيد وتحشيد، والويل لمن لا يكون عفوياً في مجتمع يضبط كالآلة، وتنتخب أجهزة الرئيس أبرع المذيعين في الخداع والكذب، وأبرع الفقهاء في انتحال الفتاوي في الأوقاف. وجميع أجهزة الدولة العربية المعاصرة تجدل حبل الكذب، حتى طال كثيراً أطول من ليل الضرير، وعندما يصدق مواطن، يُعتقل فوراً، ويجرَّ إلى دواليب التعذيب حتى يعذِّبه السجان تعذيباً شديداً، كي يفضي بما في سريرته، فإن صدق كذّبه السجان، لأن الصدق ممنوع، وجزاء الصدق القتل، فيعذبه حتى الموت لاعترافه بذنبه ولأنَّ الصدق خيانة عظمى، وتكون روحه وهي تُنتزَع أصدق الشهادات. فلا صدق أكثر من الموت.
وإن كذب الضحيّة، فالسجانون يستشعرون الصدق والكذب في النبرة وومى العين وخلجة النفس، ليس لذكائهم وإنما بالخبرة، عذّبوه لأنه يكذب مع أنهم يسرّون بالكذب، لكنهم خائفون، ويريدون معرفة الحقيقة. ويعرف السجان صدقه وكذبه ليس من لسانه وعقله وقلبه، وإنما من اسمه وأصله ومذهبه، وأنه لا يكذب إلا لأنه خائف، لكن الكذب في المعتقل غير الكذب خارجه، وقد خسر فرصته، فصدق مرة وكفر، فكان جزاؤه القتل. فلا الصدق يجدي ولا الكذب ينجي.
ولذلك رفعت الدول العربية المعاصرة من شأن الممثلين، لأنهم يصدقون في الكذب ويكذبون في الصدق، وتضيع شخصياتهم الحقيقية، وعمل المخابرات العربية هو في تحرّي الصدق بين أفراد الشعب وصيد الصادقين وإعادتهم لضبط المصنع، كما الأمر في دولة العميان في رواية هربرت جورج ويلز، وكانوا قد اكتشفوا مبصراً وافداً، فقرروا سمل عينيه، فهرب ونجا بنفسه.
تقبل الدول العربية الوطنية المعاصرة السكوت عادة إلا في المناسبات الوطنية، فواجب المواطن الكذب إن تعرض لامتحان مقابلة التلفزيون، أو دُعي لحفلة العرس الوطني، أو الانتخاب، وإن رقص مدعياً الفرح ارتفع شأنه، وسما قدره، ونال بعض الحظوة. دولة الكاذبين تعاقب على الكذب غير المعقول، كأن يبالغ المواطن في تقديس الزعيم تقديساً أكثر من الرب في السماء، فالزعيم متواضع ويقبل بمرتبة المرسلين، وأحياناً بمنزلة الإله، وقد يُعاقِب بعض المغالين، إيهاماً للناس بغيرته على الدين،
أنواع الكذب[عدل | عدل المصدر]
- كذبة بيضاء : حين تسألك زوجتك التي تشبه شعبولا عن أكثر شيء يعجبك فيها وتجيبها : عيناكي و شفتاكي يا حبيبتي .
- كذبة رمادية : حين يسألك مديرك الديمقراطي عن رأيك بالفكرة التي اقترحها، وتجيبه : نعم سيدي، انها فكرة عظيمة.
- كذبة حمراء : حين يسألك شخص مثير للريبة عن رأيك بالنظام الحاكم في الأردن وتجيبه: لولا جلالة الملك وحنكته لخربت البلد، الله يخليه تاج فوق روسنا.
- كذبة خضراء : حين يسألك أبوك اذا صليت العصر وتجيبه نعم رغم أنك انتهيت قبل قليل من رياضتك اليومية.
- كذبة برتقالية: حين تخبر زميلتك في العمل التي تعجبك بأنك ليس لك تجارب سابقة مع البنات ، أو العكس ، أن تخبري زميلك الوسيم بأنك فتاه بريئة عفيفة طاهرة.
- كذبة سوداء ومنيلة بستين نيلة : هناك العديد والعديد من الأمثلة على هذا النوع ومنها أن تخبر عوام المسلمين أن بول النبي كان طاهرا ، أو أن خصية الذبابة فيها شفاء للوكيميا، أو أن الانتخابات البرلمانية في الأردن نزيهة، أو أن القروض السكنية من البنوك الربوية حلال، أو أنك تريد التنحي طواعية لاقتناعك بوجود من هو أفضل لقيادة البلد.
مصدر[عدل | عدل المصدر]
شخصية الإنسان |
---|
حقير • تافه • سخيف • ثقيل الدم • طبّال • بدون دم • فهلوي • أونطجي • كذاب • مجامل • منافق • أزعر • معقد • مدمن • شرموط • صايع • عرص • جبان • رخم |