قناع

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

الصفحة الرئيسية


المقالة بدون قناع : بدون قناع

القناع هو ما يُستَر به الوجه , ابتدعه الأفارقة الأوائل ليمارسوا الخديعة على طرائدهم من الحيوانات أثناء الصيد . إن كنت تكره ذاتك وكرموسوماتك وتأريخك اللعين فبإمكان القناع تحويلك الى اي شخصية من نجوم السينما أو السياسة أو الرياضة بالإضافة الى الأرانب و المحللين السياسيين والمفكرين المثقفين وسلاحف الننينجا وسوبرمان وسبايدرمان وقناع جاي فوكس ان كنت من حركة احتلوا وول ستريت الفاشلة المنبثقة من ثورات الربيع العربي الفاشلة . كلها في متناول أي فتى أو فتاة يمكنهم خلط اوراق اللعب في الشارع ، وصرف القليل من المال على شراء قناع من متجر لملابس الأطفال . التنكر بالأزياء . الأقنعة ومستحضرات التجميل له تاريخ طويل في لاوعي الإنسانية . في الكبار , في معظم الأحيان , يخرج القناع من الخزانة عندما لا يتوقع الآخرون ذلك . في الأطفال وفي كل الأحيان يغطي القناع وجوه الأطفال في الشوارع عندما يتوقع الكل ذلك . في حالة الطفل يعود القناع للعيش في صندوقه أو الخزانة لتنتظر بصبر مغامرته القادمة وفي حالة الشخص البالغ يتطلب إزالة القناع قوة خارقة وفضيحة في جلاجل .

يأتي القناع هذه الأيام في مختلف الأحجام ، ولكن لم يكن هذا هو الحال دائما. فقد كان القناع الأول ، في الواقع ، صغيرا جدا . عندما إستخدم رجل الكهف في العصر الحجري أو سيدنا آدم على رأي محمد حسان شعر عانته لإخفاء ندبة على خده الأيسر أزالت شعر لحيته في مساحة قدرها 4.5 سنتميتر , حصل آدم على تلك الندبة عند محاولته صيد صناجة أو المستودون (بالإنجليزية Mastodon ) و هو حيوان ضخم الجثة منقرض يشبه الفيل ولكنه أنقرض في العصر الجليدي , حيث كانت زوجته أو حواء على رأي زغلول النجار قامت بتحذيره من عدم ملاحقة الصناجة على وجه الخصوص . لحسن الحظ بالنسبة له ، لم تلاحظ زوجته الندبة وكانت تلك العملية أول عملية غير جراحية لزراعة الشعر وتم إستخدام اللعاب فقط للصق شعر العانة بالوجه وتم إستعمال تلك الفكرة لاحقا من قبل بعض المفصليات كالعناكب و اليسروع لتصنيع خيوطها من الغدد اللعابية .

سرق اليونانيون القدماء فكرة القناع من آدم , و إستخدموها في المسرح , وأطلقوا عليها إسم Persona وقام سيغموند فرويد لاحقا بسرقة السرقة وتحويلها الى الـ Personality او ما يسمى بالشخصية . استمر القناع ، وإن تغيرت وتنوعت وظائف استخدامه ، مع تطور الإنسان والمجتمع ، فاستخدم فى السحر وممارسة الطقوس والحروب والألعاب الرياضية والعروض الفنية و طقوس تمجيد أرواح الأسلاف ، و طقوس الاحتفال ببلوغ الفتى أو الفتاة من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الشباب . قام بيكاسو والحركة الفنية التشكيلية التكعيبية لاحقا بسرقة فكرة الأقنعة الأفريقية .

يصعب إيجاد قناع ملائم لشكل الوجه عادة. لذا يا أيها المواطن العربي لمَ لا تجرب صناعته بنفسك ؟ اختر أدواتك كي تبتكر تصميمك الخاص لحفلتك التنكرية القادمة , او لإستعمال قناعك كبيان سياسي وثوري، أو في احتفالات دينية , هناك بعض الأقنعة التي أكل عليها الدهر وجبة خميعة وشرب البيبسي بعدها مثل قناع غاي فوكس المعبر عن الثورة ضد نظام قائم وتضامن الشعب في سبيل تقويض السلطة وهناك قناع الـ كو كلوكس كلان (بالإنجليزية: Ku Klux Klan) المعبر عن التمييز العنصري وهناك الكوفية رمز المقاومة الفلسطينية و سونامي البوس الذي إخترعه الزعيم الراحل ياسر عرفات وهناك لثام الطوارق الأمازيغ المطالبين بالإعتراف الدولي بدولة أزواد ( تيفيناغ : ⴰⵣⴰⵓⴷ ) وهناك النقاب الإسلامي الذي يحمي من الفتنة التي قد يسببها الجمال الأنثوي.هناك أيضا قناع مرض الطاعون او الموت الأسود ويشاهد بكثرة في كرنفال البندقية في إيطاليا , كان الهدف من هذا القناع حماية الأطباء الذين يتعاملون مع مرضى الطاعون من انتقال العدوى، حيث كانوا يعتقدون أنه مرض ينتشر عبر الهواء الفاسد والأجواء الضارة. ولمواجهة هذا التهديد، تم تصميم قناع بمنقار طويل ، والذي كان يتم تعطيره بالروائح الجميلة مثل الورد المجفف ، والأعشاب ، والبهارات.

أصدرت السعودية والبحرين والإمارات قانوناً بمنع قناع غاي فوكس V المعبر عن الثورة ضد نظام قائم في فيلم V for Vendetta وحظر استيرادها فقد أصدر محمد بن نايف بن عبد العزيز الذي كان وزير الداخلية بالمملكة العربية السعودية قبل تحويله الى نزيل إجباري في ريتز كارلتون أمراً يقضي بمصادرة جميع أقنعة فانديتا من كل محال الألعاب والأسواق في السعودية ، وإتلافها ومنع استيرادها نهائياً من الخارج. هذا القرار حرّض فتاة سعودية نشرت صورتها على الفيسبوك وهي ترفع لافتة كتبت عليها أعيش في بلد حيث تدفن فيه النساء أحياء في وقفة احتجاجية على كافة الفتاوى والقرارات المجحفة ، والمقيّدة لحرية المرأة في السعودية.

قد يكون القناع رمزا أو بعدا جماليا ومكياجا يجعل الوجه أكثر حقيقية من حقيقته ، فالبشر اخترعوا المجاز حتى لا تقتلهم الحقيقة . الأفعال الجميلة عادة تحمل قيمتها وتستمد قوتها من ذاتها بوصفها فعلا جميلا مستقلا لا يحتاج يدا خارجية لتبرير أو تلميع جماليته ؛ غير أن الأفعال المشبوهة هي التي تحتاج لبهرجة وإضاءة وقناع من أجل إبراز جماليتها وخيريتها المزعومة. هل من أجل التبرع لبناء دار للأيتام يحتاج الأمر أن تنشئ حسابا على الفيسبوك للتحسيس بذلك؟ هل كتابة نص يعبر عن آلام الموجوعين وتسيل منه دموع اليتامى والأرامل وينتصر للإنسان أينما كان يحتاج مؤتمرات صحفية وتنظيما واسما وميزانية ؟

في مجتمعاتنا الإسلامية لا يمكن أن تكون مجرما بدون رتوش وقناع لأننا تربينا على النفاق والمواربة في كل شيء ؛ فحتى اللصوص وسراق المال العام والقتلة والمشعوذون والمغتصبون يفعلون كل ذلك باسم الله والدين في مجتمع لا يميز بين الوحي والرأي ؛ بين العالم والظالم لنفسه ، فيكفي أن تقول كلاما غبيا وعنصريا باللغة العربية ليصبح مرجعا ونصا مقدسا .

في مجتمع يمكنك أن تغتصب الأمهات والبنات وتهين كرامة الإنسان بطلسم فارغ. في بلاد يمكنك أن تربي لحية كما تربي كبشا وأنت بائع مخدرات لا يشق له غبار. في مجتمع يطالب السارق بتطبيق الشريعة ؛ وتطالب المومس المتزوجة بتفعيل الرجم وينادي الرجل الخصي بتعدد الزوجات ويصرخ مقطوع اليدين بحقه في العزف على البيانو . في بلاد المتناقضات والانفصام حب الرسول محمد يعني الشبق المجنون بالنساء البريئات ؛ والالتزام بالدين يعني جعل العبودية الظالمة للبشر ركنا سادسا من أركان الإسلام ؛ والمواساة والأخوة الدينية تعني الدفاع عن وضع مريض قائم على تراتبية وجاهلية متعفنة تقزم الإنسان إلى درجة ما تحت الحضيض.

في هذا المجتمع يمكنك ممارسة كل الرذائل وما عليك إلا أن تكتب أو تتلفظ قبل أية جريمة بآيات قرآنية أو أحاديث أو مأثورات أو حتى هلوسات ؛ فالمهم أن تحتمي خلف حروف من اللغة العربية الفصحى أو خلف صاحب عمامة مشتراة من مخصصات بناء المساجد أو من بيع الوهم للجهلة والفقراء والمحبطين وما أكثرهم ؛ وستصبح نبي القرن الواحد والعشرين في أرض يوما لم تنبت الأنبياء .