أزمة الرسوم الكاريكاتورية للرسول محمد

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

أزمة الرسوم الكاريكاتورية للرسول محمد التي قامت صحيفة يولاندس بوستن من الدانمارك بنشرها في 30 سبتمبر 2005 كانت أزمة تحت خانة حرب مصالح وأهداف متشابكة ومعقدة لمجموعات أصولية متشددة هنا وهناك ، ولحكومات متشبثة بسياساتها وثوابتها الأزلية هنا وهناك أيضاً . تم التلاعب بعواطف الناس ومشاعرهم الإيمانية ، في سبيل مآرب سياسية ضيقة ومريبة ، إذ سنسمح لأنفسنا الارتياب بغيرة بعض الحكومات العربية على الإسلام ، خصوصاً تلك التي تتحين أي فرصة لإثبات أن العرب والمسلمين ككل هم المستهدفون وليست وحدها التي تواجه ضغوطاً دولية لأسباب معروفة ، فضلاً عن إمكانات ضرب تلك الحكومات لأكثر من عصفور بحجر واحد ، فهي تصرف نظر رعاياها عن طغيانها وأزمتها بتجييشهم في سبيل المقدسات ، وتظهر للغرب الكافر في الآن عينه ، أن هؤلاء الرعايا الغوغاء الذين يحرقون السفارات هم من تطالبون بإعطائهم الحرية .

دول مثل الدانمارك والنرويج والدول الإسكندنافية عامة هي أكثر قرباً وتفهماً للقضية الفلسطينية وأكثر بعداً عن التعصب ضد العرب والمسلمين , فهل ثمة أيد خفية لعبت وتلعب في الكواليس لإبعاد شعوب تلك البلدان عن قضايا العرب والمسلمين ، وتخريب العلاقة عموماً بين الغرب والإسلام ؟ . الرسوم المعنية نشرت قبل أكثر من أربعة أشهر من إندلاع الأزمة ، فما الذي جعلنا نسكت طوال تلك المدة ، ثم ينفجر غضبنا العارم بغتة ؟ ومن قبل شارع لم يرى في معظمه تلك الرسوم بل سمع عنها فقط !.

لقد كان المطلوب من هذه الملايين أن تصدّق ما يقال لها وأن تصدع بما يلقى عليها من أوامر وتوجيهاتٍ ، فتخرج وتندّد وتحتجّ وتحرق وتموت ، وليس لها من بعد ذلك ولا من قبله أن تطلب رؤية ما يقال إنّه مسيءٌ لها ولدينها ولنبيّها ، فهذه الملايين لا تمتلك من الوعي وسلامة الإدراك والقدرة على التمييز ما يؤهّلها لمثل هذا وما أدراك ، فلعلّ مؤمناً صالحاً يرى صورة نبيّه على هذه الحالة التي تخيلوه بها فيتأثّر ، وينفتح باب للشيطان إلى قلبه، ليلقي به في مهاوي الشرك والضلال فتخسره بذلك طائفة المؤمنين الصالحين الطاهرين .

من يسيء للإسلام أكثر[عدل | عدل المصدر]

يجدر بنا أن نتساءل من الذي أساء ويسيء للإسلام أكثر ، أهي تلك الرسوم ، أم ما قام به ويقوم به نفر، باسم الإسلام والذود عنه ونصرته من أعمال تشمئز منها النفوس وتقشعر لها الأبدان ؟! كمشاهد الذبح وجز الرؤوس أمام عدسات التصوير ، ثم تفاخر فضائيات عربية ببثها أمام أنظار ملايين المشاهدين المشدوهين أو المبهرين بها ربما وكأعمال قتل المدنيين الأبرياء بتفجيرات انتحارية في العراق وعواصم ومدن عربية وغربية شتى ، كتفجير انتحاري نفسه في حفلة عرس في أحد فنادق عمان مثلاً ، ثم خروج رجال دين ومثقفين على شاشات الفضائيات لتمجيد تلك الأعمال والدفاع عنها تحت هذه اليافطة أو تلك .

الصحافة العربية[عدل | عدل المصدر]

حاولتْ صحفٌ في اليمن ومصر والأردن والجزائر وسواها نشر بعض هذه الصور ، فكانت العاقبةُ سيلاً من الاتّهامات والتهديدات والعقوبات الزاجرة . فصحيفة اليمن أوبزرفر على سبيل المثال غامرت فنشرت أجزاء من بعض هذه الصور في حجومٍ صغيرة ، وبشكلٍ مشوه، ثمّ زادت فشطبت عليها بعلامات إكس كبيرة جدا ، ومع ذلك فقد لقي رئيس تحريرها ما لقي ، وها هو خلف قضبان السجن ينتظر أما في الأردن فقد قررت شركة الطباعون العرب المالكة لصحيفة شيحان الأسبوعية سحب جميع النسخ التي نشرت فيها ثلاثة من الرسوم ، كما أوقفت رئيس التحرير عن العمل وذلك بعد تهديداتٍ تلقتها من الحكومة باتّخاذ إجراءات رادعة ، وفي مصر حاولت صحيفة الأخبار في أحد أعدادها إعادة نشر تلك الرسوم ، وشرعت بذلك فعلاً إلاّ أن رحمة الله قد لحقت بها فتدخل العقلاء من المسؤولين فيها في اللحظات الأخيرة وأمروا بوقف الطبع وإعدام عشرات الآلاف من النسخ التي كانت قد طبعت بالفعل . وفي الجزائر واجهت صحيفة الرسالة الأسبوعية انتقادات حادة بعد أن نشرت اثنين من تلك الرسوم ، رغم أنها بررت ذلك بالرغبة في إفهام المسلمين حقيقة ما يحاك ضدّهم في الغرب .

كيف يطلب إلينا أن نقتل سلمان رشدي وتسليمة نسرين بدعوى الكفر والهرطقة ونحن لم نقرأ ما كفرا به ، وضمناه هرطقتهما ؟. لماذا لا يثق بنا أولو أمرنا من الحكام والشيوخ وأصحاب المنابر والإطلالات الفضائيات الفضائية وشركات الألبان الوطنية التي تزداد أرصدتها طرداً مع تمادي الدانماركيين في ضلالاتهم ؟.. لماذا لا يعرض هؤلاء الحقيقة علينا كما هي ويدعون لنا حرية اختيار القرار الذي نريد ؟.. أيعدون أنفسهم من مرتبة فوق مرتبة البشر ، مستأثرين بما أنعم به الخالق عليهم لحكمة منه لا نعرفها من عقل راجحٍ ونظر نافذ ورؤية سديدة ، لنظل نحن نتخبط في العماء حيث الجهل والطيش والحمق والعجز والجوع والقهر وسائر أنواع المرض ؟ . إنّها الأبقار الدانماركية المدللة ومن يدري فربما كان الهجوم غداً على أفيال كينيا أو كناغر أستراليا.. أو دببة روسيا . أو حتّى على حمير قبرص .

مصادر[عدل | عدل المصدر]

  • إسلام أبو شكير , بين أبقار الدانمرك وحمير قبرص ـ موقع ألف الالكتروني.
  • فيصل علوش , أزمة الرسوم الكاريكاتورية كنموذج لتسييس الثقافة.