مصر كلها السيسي

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

مصر كلها السيسي عبارة تختزل الوطن باسم السيد الرئيس , لا وطن الا القائد نفسه !! بل لاحياة و لا كرامة للفرد ... الا بالقائد ! لاحياة من دون شمس ! و لاكرامة من دون السيسي . المؤيدون والمتعاطفون مع السيسي من الشعب المصري يستنسخون بدون وعي نزعة الدكتاتورية وإسطوانتها المشروخة دون أن يضعو في حساباتهم ان الزمن تغير . تأريخ الوطن العربي حافل بالزعماء المتبججين بعنترياتهم الثورية وتاريخهم النضالي ويعتبرون ان شرعيتهم في الحكم والتسلط أتت من خلال هذا التاريخ ، وان الشعب كله مدين لأفعاله الثورية ، وعليه ان يطيعه كقطيع لا يحق له الاعتراض او التعرض له باي كلمة او فعل ومن أبى فمصيره الموت .

الإنسان المصري مواطن محافظ وصبور، فهو يتحمل كثيرا ويتغاضى عن اخطاء السلطة حتى الاخطاء الكارثية منها ، لكن حين ينتهي صبره يتحول الى قوة جارفة يصعب ارضاؤها . فعلى الرغم من السمة الانفعالية الصاخبة للمصريين الا انهم يبقون شعبا محافظا على صعيد الفرد والجماعة ، لكن هذه المحافظة تحوي في داخلها دائما بذور التمرد التي تتنامى لتصل الى لحظة الانفجار التي تخلق كيمياءها الخاصة فيما بعد لتكشف عن وجه آخر للمصري.

هناك خطأ جسيم تصر السلطات التي تعاقبت على حكم مصر على الوقوع فيه ، فكل السلطات كانت تفسر سكوت المصريين على انه نوع من الرضا او القبول الضمني بحماقات السلطة ، لذلك تغض السلطات الطرف عما يجري تحت الوجه المسالم المتعب للمصري البسيط الذي يريد ان يعيش بهدوء وسلام ، بل ان بعض تلك السلطات اعتقدت ان الصمت المصري نوع من التأييد لها لذلك تلبستها الاوهام وأقحمت مصر في شطحات كارثية النتائج .

ان مصر تشهد عملية صناعة القائد العربي المحنك والمسؤولية الكاملة تقع على عاتق المواطن . مصر، أكثر بلد في الشرق تضم مفكرين كبارا و عمالقة الثقافة ، مقارنةً مع بقية البلدان المعربة ، ربما لعدد سكانها الكبير ! ، لكن هذه الحقيقة لا يمكن لأحد إنكارها ، إلى جانب إعلام متنوع ، ما تفتقر إليه منطقة الشرق ككل ! ، مع ذلك ، لدى مصر أعلى نسبة تخلف في المنطقة أيضاً ! ربما للسبب ذاته ؟! .

لمع نجم السيسي أثناء الثورة الثانية على الأخواني محمد مرسي ، الذي كان على وشك عزل السيسي على غرار سلفه محمد طنطاوي ورئيس أركانه سامي عنان ، و تحويل الجيش المصري إلى جيش جهادي إرهابي , ما كان من السيسي إلا أن تغدى بمرسي قبل أن يتعشى به وطلب تفويضا من الشعب لأجل عزل مرسي و السيطرة على الحكم باسم محاربة الإرهاب ؛ و المحافظة على أهداف الثورة الحرية و الديمقراطية و هو ما لم تشهده مصر حتى اللحظة ! .بعد كل هذا، كان المصريون قد قاموا بتأليه السيسي بطريقة تأليههم لحسني مبارك و محمد مرسي نفسها ، رفعوا صوره و بالروح بالدم نفديك سيسي ! و كأنه بما فعله ، بمنزلة الـ " منيّة " على الشعب، و ليس واجبه ، كما واجب أي جيش في العالم !

تم عزل الإخوان المسلمون حين كان باسم يوسف في إجازة موقتة ، و كان السيسي الآمر الناهي في البلد ، و حين عاد باسم يوسف إلى برنامجه المحبوب من كل المصرين ، باستثناء الإخوان ، كان المصريون قد رفعوا السيسي من درجة الألوهة ، إلى درجة زعيم الآلهة ! و في أول حلقة لباسم يوسف ، قام بنقد بعض الأخطاء السياسية للحكومة الموقتة في مصر، و جاء على سيرة السيسي في برنامجه ، بما لا يرضى به عبيد السيسي ، فكانت تلك آخر حلقة له ، و لم تر حلقته الثانية النور ؛ فمالذي حصل للديمقراطيين الذين كانوا يوالون باسم يوسف ضد الإخوان و يدافعون عنه باسم الحرية و الديمقراطية التي قامت الثورة لأجلها ؟!.السيسي الذي لم يتجرأ على الوقوف ضد الشعب ، لم يتخذ أي إجراء ضد باسم يوسف ، على الأقل بعد الحلقة بقليل ، إلا أن عبيد السيسي المؤلهين له، و الذين يطمحون إلى صنع دكتاتور منه، كما صنعوا غيره، قاموا بثورة على باسم يوسف ، وتم تخوينه و شتمه عبر مظاهرات خرجت خصيصاً ضده ، و طبعاً طالبوا بمحاكمته بشتى أنواع التهم المضحكة، هي نفسها القديمة إياها! فما السبب؟!.

العبودية التي لا يرضى الشعب الخروج منها؛ العبيد يثورون على كل من يخالف سيدهم ، و إن استطاعوا القضاء عليه، قدموا رأسه قرباناً على مائدة عشاء سيدهم، و إن لم يستطيعوا القضاء عليه، طالبوا سيدهم بالقضاء عليه و تقطيعه ليكون عبرة لمن يعتبر. إذاً المصريون يصنعون ديكتاتوراً من شخص لا يتجرأ على الوقوف بوجه الشعب ؛ كيف ؟ طبعاً، حين يثورون على من يخالف هذا الشخص ، حتى بدون أوامر منه ، فهم يضعونه على طريقة الدكتاتورية ، الديكتاتورية التي تتطلب شعبا من العبيد ، العبيد الذين يقتلون بعضهم بعضا، في حال قرر أحدهم الخروج من صفوف العبودية التي هم بها! و بالتالي هم يعطونه مفتاح الحظيرة التي يعيشون فيها ليكون القرار له بكل شيء خاص بهم و بحظيرتهم! . لم يكتف العبيد بتأليه السيسي ، و بدعوته إلى القضاء حتى على الديمقراطي الذي كانوا يؤيدونه ، قبل أن يتعرض بمجرد لقطة تلفزيونية لسيدهم الإله ، بل طالبوه بالترشح للرئاسة ! و ها هي كل أبواب الإمبراطورية الديكتاتورية تفتح أمام السيسي ؛ فهل سنراه يتربع على عرش الإمبراطورية الديكتاتورية بعد ثورتين ؟. ما حدث و ما يحدث بمصر ، و السيسي ، و العبيد، حصل في سوريا مع صلاح جديد، بعد أن قام بانقلاب عسكري ، ليحظى بتأييد قطيع كبير من الخراف ، ليتخلى بعدها عن رتبته العسكرية لأجل الرئاسة، و هو ما حصل فعلاً ، فقد أصبح رئيسأ ديكتاتورياً لسوريا لفترة زمنية، قبل أن يطيح به انقلابً آخر يودي به إلى السجن ليموت فيه بعد 23 سنة! .

مواضيع ذات صلة[عدل | عدل المصدر]