رامي مالك

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

رامي مالك (1981) ممثل أمريكي من أصول مصرية , حاز في 2019 على جائزة الأوسكار لأفضل ممثل في دور رئيسي في فيلم Bohemian Rhapsody , وقبلها فاز عن نفس الدور بـ17 جائزة من مهرجانات ولجان تحكيم مختلفة، بينها أهم جائزة للنقاد البريطانيين (بافتا)، وهذا يعني أن التقدير عن الأداء الفني للشخصية، مع تفهمنا لوجود اعتبارات وأهواء أخرى حسب كل لجنة تحكيم. لكن لما تم إعلان الجائزة، عبّر مصريون عن فرحهم، متعلقين بأصول الممثل، وكانت هذه الفرحة كافية لاشتعال النيران، حتى بين من لا يعرفون رامي من قبل، ومن لا يتابعون الأوسكار، ولم يشاهدوا الفيلم من الأساس .

تشكلت خلايا الاستقطاب المعد سلفاً، وبدأ كل فريق يحشد لوجهة نظره، فظهرت الثغرات: رامي قبطي، رامي قام بدور شخص شاذ ويروج للرذيلة، رامي ليس مصرياً ولا يعرف مصر ولم يزرها في حياته، رامي نال الجائزة كمؤامرة للغرب؛ مكافأة على قيامه بدور "فنان مثلي"، رامي قد يصبح وسيلة لدعم النظام في أمريكا؛ لأن السفارة المصرية في واشنطن بادرت بتهنئته و"بكره ييجي يقابل السيسي ويشيد بجهوده ويتبرع لصندوق تحيا مصر".. إلخ.

اذا بدأنا من القول الأخير، يقفز في النفوخ سؤال: ولماذا لم نقفز فوق كل المآخذ السابقة ونفكر في كيفية استثمار جائزة رامي واهتمام الصحافة الدولية به، لنشر قضايانا ؟ لماذا نحرق الفرص الذي تتاح أمامنا لتكوين نواة لوبي عربي مستقل ومؤثر في الغرب، كما فعل الصهاينة منذ عقود بعيدة ؟ لأن رامي الذي لم يزر مصر؛ يتحدث باللهجة العامية المصرية إلى حد معقول لا يتناسب مع شخص لا يعرف بلده، ويحكي عن تربية ذات طابع صعيدي مصري في بيتهم، وله حوار يؤيد فيه ثورة يناير وحق الشباب في تغيير مجتمعهم في مصر، ونص الحوار متاح على موقع bbc لمن يريد أن يتأكد: هل رامي منصرف عن بلده الأم أم أنه مصري ولد وتربى في أمريكا، ويمكن لتعاطفه مع بلده الأم أن يكون مكسبا لقضايا حقوق الإنسان ومحاربة الطائفية ووقف القمع؟

لدينا نجوم قاموا بدور قتلة ومغتصبين ولم يهاجمهم أحد، بل لدينا من قام بدور الشيطان (يحيى الفخراني)، ثم نشرت أكبر صحيفة مصرية تهاجم فيه مالك للقيام بدور شاذ، وتمجّد فيه الفخراني الذي جسّد دور الشيطان في مسلسل رمضاني!! لكن ما يستحق الإشارة؛ هي عقلية تلقي الفيلم باعتباره فيلما لترويج الشذوذ، وليس فيلما لسيرة شخص مختلف في مجتمع كان من الممكن أن يحاربه ويعاديه لاختلاف لونه وجنسيته. فالفيلم عن شاب يدعى "فاروق بلسارا"، ولد في تنزانيا وتعلم في الهند ثم هاجر الى بريطانيا، ليحقق طموحاته ويصبح من أشهر المغنين في العالم، برغم اختلافه عن المجتمع الإنجليزي، ليس في الميول الجنسية وفقط، ولكن الاختلاف بمعناه الثقافي والتربوي. والمؤشر المخيف بين إنسانيتنا وإنسانيتهم؛ هو تقبل المجتمع الإنجليزي المحافظ للمختلف، وممانعتنا لمن يختلف عن قيمنا وإنسانيتنا السيسي استايل .

في مسألة المصرية وعدم المصرية: لماذا يفرح مصريون كثيرون لفوز ميسي أو كريستيانو رونالدو أو أردوغان أو برشلونة أو ليفربول أو حصول قطر على كأس آسيا، ولا يقيسون ذلك بجواز السفر؟ وفي المسألة المصرية أيضا: لماذا انقسمنا على موضوع التجنيس في قطر؟ ولماذا صمم طرف على اعتبار "المعز" سوداني، نسبة لأصوله وليس لجنسيته الجديدة، بينما دافع آخرون عن حقه في اللعب باسم بلده الجديد من غير عيب، ثم انقلبت المواقف نفسها في حالة رامي فصار المدافعون مهاجمين والعكس؟! , إذا كان البعض "يأنف" من الشذوذ "في فيلم"، فكيف "يألف" نفس الفعل "في دولة" مثل تركيا، ويرون بعقلانية (موسمية) أن ذلك "حرية فردية ليست من شأننا التدخل فيها"؟! .

المصيبة ليست رامي مالك، ولا أردوغان، ولا قطر، ولا تركي آل شيخ، المصيبة هي الانقسام الخطير الذي يهدد كيان المجتمع المصري، ويضعفه إلى درجة غير مسبوقة، ليس في مواجهة الاحتلال الخارجي ولا ظلم الحكومات المحلية، لكن الضعف صار ذاتياً، بمعنى أن مجتمعنا خرج من دائرة الفعل غلى دائرة رد الفعل، ثم الآن إلى دائرة ردود الفعل المتشظية على رد الفعل، إذ يحدث فعل ما في العالم من حولنا فيعلق عليه مجموعة، فتنفجر تعليقات على تعليقات وردود فعل على ردود فعل، بحيث "يزيط المجتمع" على أي لعبة يرميها إعلام النظام وكتائبه الالكترونية أمام جوعى الكلام.

تذكروا أن إسرائيل لم ترجم تسيبي ليفني عندما جاهرت بتنويم كبار المسؤولين العرب في مخدع الخيانة للقضية الفلسطينية حتى الوصول إلى صفقة القرن. أيها الأحباب.. اهدأوا واعتصموا وانتظموا، واستخدموا رامي مالك ومحمد صلاح ومنظمة العفو الدولية، وكيم كرداشيان لو أمكن، فالمهم هو عدالة القضية. وقديما قال رسولنا العظيم مبررا الحيل الاستراتيجية: الحرب خدعة. فاجعلوا حربكم مع أعدائكم وليس بينكم .