الجامعة العربية

مراجعة 21:04، 2 فبراير 2018 بواسطة imported>جرير

الجامعة العربية هي منظمة خيالية تُعرض ضمن فواصل ترفيهية في النشرات الإخبارية على التلفزيونات كوسيلة لترفيه المتفرجين، قدمت خدمات جليلة لإضحاك الشعوب العربية التي تعيش البؤس والفقر والتخلف خلال قرابة ستين عاماً من وجودها ، وتحولت إلى رمز للكوميديا الراقية بالمقلوب والاستزلام و الاستتباع وتوزيع المغانم والوظائف والأرباح تحت رحمة هذا النظام الدموي والعشائري والعائلي أو ذاك . على عكس نجاح الجامعة العربية فشلت منظمة الاتحاد الأوروبي التي رأت النور بعد الجامعة العربية فشلا ذريعا ، فقد أصبحت اوروبا تعيش عبودية و ظلاما لا مثيل لها وجلبت معها الذل و الخضوع لشعوبها و أغلقت الحدود امام مواطنيها رغم أنها تتكون من عشرات القوميات والأعراق والإثنيات المتآخية . من أهم إنجازات الجامعة العربية هو عقد مؤتمرات القمة العربية الذي أصبح مناسبة لإسعاد المواطن العربي وزرع إبتسامة و قهقهة الأمل على وجهه. تضم الجامعة 22 عضوا، جميعها غير قادرة على الإنتصاب ورفع "رأسها".

جامعة الدول العربية عبارة عن فيلم هندي حزين يموت من الضحك , حققت أرباح تفوق الأرباح التي حققتها مسرحية مجلس التعاون الخليجي ومسرحية مدرسة المشاغبين . حيث يجتمع حكام العرب وحكام الخليج على كراسي من خشب الزان أوالصندل أوالجوز أوالسنديان , وبجوار كل واحد منهم صحن مكسرات شامية بصحن من الكريستال الطبيعي على طاولة من خشب القرو كبيرة مستديرة مغلفة بأجود أنواع الجلود . يبدأ الفيلم الهندي بكلمة من مخرج المسلسل السعودي طاش ما طاش السيد عمرو موسى ثم يبدأ جميع الزعماء بالضرط بصورة بارعة تخلي الواحد يبول على نفسه من البكاء .

خطابات الزعماء العرب , بعض الخطب يحتاج إلى ترجمة ، هي غمغمة، هي جمجمة هي زمزمة سجع كهّان يا ملك الزمان وهناك زعيم عربي كبير جداً ، لم يرفع بصره عن الورقة وهو يقرأ ، اقرأ باسم ربك الذي خلق ، اقرأ هذه أمة اقرأ ، اقرأ والله إنّ الأمة كلها تنظر إليك ، بل تنتظرك مخلّصاً ، أملها بأن تصحو من النوم ، الأمة كلها معك أيها المعتصم النعسان ، وهي تلبس الكفن مع البحر الميت ، وفي الأمة علماء وشعراء وحسناوات يحببن الشعر ، احترمها وانظر إليها بين الجملة والجملة ، وهي أمة عظيمة ابتليت بزعماء يقضون وقتهم في قيام الليل فينامون في المؤتمرات على فراش الهواء الحي الوثير . أممٌ أربعٌ عظيمة هي السورية والبابلية والليبية والفلسطينية نازحة عن بيوتها أيها السابحون في النوم من غير غلاصم . تسحّروا في الظهر الذي رأينا نجومه شدّت بيذبل ، تسحروا فإنّ في السحور بركة . لقد حلّت علينا البركة في ظلالكم الوارفة.

شرعية الجامعة العربية

يسود اعتقاد راسخ لدى الكثير من الأنظمة العربية بأنها تستمد شرعيتها وقوتها من عروبتها وانتمائها القومي فقط . واقع مؤلم وغير سار ذاك التي تعيشه الفكرة القومية التي انتهت إلى شكل مأساوي وكارثي والذي أثبت الواقع أنها غير كافية للم شمل العرب وتوحيدهم وأن هناك أشياء كثيرة تنقصهم غير الفكرة القومية لتوحيدهم ونشلهم من الحضيض الذي يعيشونه ، وليصبحوا أمماً محترمة وقابلة للحياة والاستمرار مثل باقي أمم وشعوب الأرض . لا يُعرف في الحقيقة لماذا يحاول النظام الرسمي العربي النفخ في مؤسسة القمة العربية وإعادتها للحياة وإعطائها كافة المنشطات والمقويات والصادات الحيوية بعد الإعلان الرسمي عن وفاتها في أكثر من مناسبة وبرغم أن جلسات مؤتمرات القمة قد تحولت وفي أكثر من مرة إلى مهاترات وإلى سيرك سياسي ضاحك تتبادل فيه الشتائم والاتهامات .

برغم أن عصر القوميات قد أفل وغاب مع اندثار الفاشيات القومية التي روعت أوروبا في منتصف القرن الماضي ، ورغم أن الحقائق الديموغرافية الفاقعة تظهر أن هناك قوميات عدة في الشرق كما في المغرب العربي غير القومية العربية المصونة من العين والحسد ، تستوطن هذه الأرض الجدباء التي يطلق عليها بالعالم العربي ناهيك عن تلك الحقائق السياسية المرّة التي تؤكد يوماً بعد آخر وتجربة إثر أخرى على تشرذم العرب وتشتتهم وتآمرهم على بعضهم البعض أكثر من توحدهم واستحالة ائتلافهم على رأي جامع ولا حاجة للتذكير هنا بحالات الاستعداء العلنية والتنافر القائم بين المحاور والأقطاب العربية الرئيسية والذي لن تستطيع الاجتماعات البروتوكولية أن تدمله بتلك السرعة المرجوة .

مستقبل الجامعة العربية

 

إن من أولى بدهيات هذا الواقع السياسي الراهن ، أن النظام القومي العربي الرسمي القديم وبصورته التقليدية والذي قام بشكل رئيسي وانتعش على الكاريزما الخاصة لعرّاب الديكتاتورية العربية جمال عبد الناصر قد انتهى الآن ومات وصار في حكم الماضي والتاريخ ولم يعد له من وجود على الإطلاق . لقد تغيّرت الكثير من المعطيات الإقليمية والدولية التي كانت تكفل بقاءه وتعطيه في الآن المبرر والشرعية وأصبح هناك واقع جديد ومختلف كلياً عما ساد ويتطلب للتعامل معه أدوات وأفكار ورؤى مختلفة تماماً عما كان . هناك تجمعات دولية اقتصادية لا يجمع بينها لا دين ولا عرق وقومية على الإطلاق ولا تتفاخر بانتمائها القومي العظيم بل تجمعها المصالح التجارية والأعمال والربحية ورأس المال وهي تتحكم اليوم بمصائر المليارات من بني البشر . وعلى العكس من ذلك نرى العداوات المستفحلة والمستحكمة والحروب المستعرة بين بني يعرب ممن يتفاخرون بالانتماء الواحد المقدس إلى عبد شمس ومناف ، وكلهم يتفاخر بحسبه ونسبه إلى آل بيت النبي .

تبدو محاولة البعض إحياء فكرة القومية العربية والنظام الرسمي العربي في ظل هذه المستجدات الضاغطة ضرباً من العبث وتجديفاً بعكس التيار ومحاولة يائسة للعودة إلى الوراء وإلى زمن لم تكن فيه كل هذه التناقضات والتباينات ظاهرة على السطح كما هي الآن . لقد انتهى وولى وإلى الأبد عصر القوميات الذي استورده لنا غلاة قوميون بعد أن جرب وأثبت فشله في غير مكان من العالم وحل محله عصر الشعوب والتعولم والمصالح المشتركة التي تجمع الناس . وأن القرابة والنسب ورابطة الدم ودغدغة العواطف القومية البالية ليس كافياً البتة لبناء أوطان قوية وعزيزة والدليل على ذلك ما يعيشه العرب جميعاً وبشكل مزمن من ضعف وذل وقهقرى وخذلان وهوان .

الجامعة العربية
 

الأردن - الإمارات العربية المتحدة - البحرين - تونس - الجزائر - جزر القمر - جيبوتي - المملكة العربية السعودية - السودان - سوريا - الصومال - العراق - سلطنة عمان - فلسطين - قطر - الكويت - لبنان - ليبيا - مصر - المغرب - موريتانيا - اليمن