أحمد سعيد

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

أحمد سعيد (1925-2018)، مذيع سابق من مصر عمل في إذاعة صوت العرب من القاهرة من 1953 حتى سبتمبر 1967، مؤسس مدرسة الكذب على الهواء، اشتهر بأسلوبه الفريد في الأداء أمام الميكروفون بشكل جعل منه نجم جماهيري، في الوطن العربي. ولئن كان يكذب أحياناً، فكذباته كانت معظمها بيضاء، ناصعة، وإن كان يغش في أحيان أخرى، فهو كان يغش لأجل غرض شريف ولكنه عندما تحق الحقائق، رجل يشق الشعرة طولانياً إلى قسمين، ويقرض رأس الحية، يمشي مختالاً، يضع سلاحه في أسفل كرشه، لا لشيء إلا ليراه القاصي والداني، فلا يظنن أحد أنه، لا سمح الله، غير مسلح.

أعلن سعيد، نبأ النصر للجيش المصري في نكسة 1967، وأذاع بيانات عسكرية كاذبة، يؤكد فيها أن الجيش حقق انتصار ساحق لمصر ونجح في إسقاط عشرات الطائرات الإسرائيلية، وذلك على غير الحقيقة بأن الجيش الإسرائيلي قصف الطائرات المصرية وهي على الأرض قبل أن تقلع من المطارات. وظل الشعب المصري، منخدعًا ببيانات سعيد، عبر صوت العرب إلى أن جاءت ساعة الحقيقة عندما خرج جمال عبد الناصر للشعب وأعلن في خطابه يوم 9 يونيو مسئوليته الكاملة عما حدث وخطأ تقديراته وأكد استقالته من منصبه. يقارن البعض ما فعله سعيد، بأداء وزير الإعلام العراقي السابق محمد سعيد الصحاف، أثناء حرب الخليج الثالثة، من نشر بيانات كاذبة وأخبار مضللة. مقولته الإذاعية التي اشتهرت في حزيران 1967 كانت

هنيئًا لك يا سمك

وذلك أنه كان يتحدث عن طرد الإسرائيليين من فلسطين وأنهم سيركبون البحر هاربين او ان العرب يريدون إلقاء اليهود في البحر.أحمد سعيد لم يذهب صراخه سدى، بل تتلمذ على يديه، عبر السنين، جيش عرمرم من المعلقين الإذاعيين والتلفزيونيين، والمحللين الاستراتيجيين العرب الأشاوس الذين ما زالت السماء العربية تمطر وابلاً من ترهاتهم فوق رؤوسنا حتى هذه اللحظة التاريخية الحساسة.

أن يعيش الإنسان فوق سطح الأرض التي زعم السيد مكاوي أنها تتكلم عربي، ليس أمراً عادياً، أو عابراً، بل على العكس، إنها ليلة سعد، وضربة حظ. ومن لا يصدق فليجلس على أقرب أريكة في بيته، ويتسلح بجهاز الريموت كونترول، ولينظر إلى المواطن العربي وهو يستعرض محفوظاته التي لقنه إياها الذين خلفوه، أو الذين بذروه، فحفظها غيباً. إن هذا المواطن العربي المتميز، هو، في الوقت ذاته، إنسان عاقل، حليم، متفهم، غير متسرع، فإذا رأى فعلاً سيئاً تقوم به الحكومة الوطنية في الدولة التي يسكن فيها، كأن تعتقل أحد مواطنيه، وتخفيه، يقول إن هذا أمر لا بد منه، ولا بد من تضحية البعض في سبيل المجموع، وإذا تطور الأمر قليلاً، فاعتقلت سلطات بلاده أحد أبنائه، يتمتم في سره قائلاً : الحمد لله الذي ألهمني على تخليف عدد كبير من الأبناء.

فإذا ذهب أحدُهم في خبر كان، يبقى لي الآخرون. ومن باب الاحتياط، والمجاكرة، يطلب من امرأته العربية المناضلة مثله أن تتعاون معه في سبيل تخليف ولدين أو ثلاثة أولاد آخرين، وبذلك فإنهما يفقآن حبات حصرم كثيرة في أعين الأعداء الخارجيين المتربصين بحكومة دولته، والأعداء الداخليين الذين يتظاهرون بأنهم يدعون إلى تطبيق الحرية والديمقراطية في بلاده، ولكنهم، في الواقع، يريدون تسليم البلد لقمة سائغة للدول الإمبريالية الحقيرة.