قاسم سليماني

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

قاسم سليماني (1957 - 2020) من الشخصيات المقدسة , كان المندوب السامي على الطريقة البريطانية ، والوالي على العراق حسب الطريقة العثمانية والصفوية. كان سليماني اليد اليمنى لنائب الإمام علي خامنئي. كنا نراه في كل مكان , ففي أوج حرب المدن والبلدات في سوريا والعراق، وبعد الانتهاء من تدمير كل مدينة , خصوصاً حلب , إثر حرب ضروس بين المسلحين المعارضين والجيش الأسدي وأتباعه، كان الجنرال الإيراني قاسم سليماني، يطل في الميدان من خلال الصور، بشعره أبيض، ولحيته المشذبة جيدًا، وعيناه تشعان تحفظًا وحذرًا .

كان يطل بطريقة استفزازية هادئة ترشح زيتاً مقدساً ، كل صوره توحي بأن عدداً قليلاً من المرافقين يمشون معه، مقارنة باسمه الضخم في صناعة الحروب والمكائد والنزاعات والتوترات. كان حضوره نوعاً من تشجيع ايديولوجي للقتال، فهو في معظم ثقافته يحفز على الشهادة بمفهومها الديني، ويناصر أبناء الشهداء وعائلاتهم، ويعتبره المرشد الأعلى شهيد الثورة الحي، منذ ما قبل مقتله بزمن. كان حضوره المباغت أحياناً، والمتوقع في أكثر الأوقات، إيحاءا بأن الشبح الإيراني أصبح هنا، أن الثورة الخمينية على الأبواب. كل صورة لسليماني في الميدان كانت تعادل توقيعه على تدمير مدينة أو منطقة، مقبرة جديدة تتسع لآلاف الأشخاص. وكل زيارة لسليماني إلى عاصمة عربية من العواصم التي تقول إيران إنها تسيطر عليها، كانت إشارة إلى إسقاط حكومة أو تشكيل حكومة. كان يتعمد الأفعال الهمجية ومن ثم الصور البسيطة مع المقاتلين في الجبهات، سواء ريف حلب أو ريف حماة، أو الحدود السورية العراقية، أو كوردستان أو بغداد، وحتى بيروت.

كان يصنع الحروب والفتن ويدمر المدن ، يدبر المكائد والمصالحات ويتدخل في تعيين هذا الموظف وانتخاب ذاك المختار، ويظهر نفسه حامياً ووصياً , كان يفرض أسماء الوزراء ورئيسهم بالعراق ، لا يُعين ويُوافق على وزير إذا لم يمرّ على سليماني. سليماني المتدرج من عاشق لكمال الأجسام، وسقاء الجنود في بداية حرب الخنادق بين إيران والعراق، والمستطلع على الجبهات ، تولى قيادة فيلق القدس. كان سياسته أدواتها رشوة المسؤولين في الشرق الأوسط، وتخويفهم عندما تدعو الحاجة، وقتلهم كحلٍّ أخير . وهو سعى منذ ذلك الحين إلى إعادة صياغة الشرق الأوسط بما يتناسب مع مصالح إيران وهذا ما سُمي الهلال الشيعي الذي يمتد من إيران الى العراق والبحرين وسوريا ولبنان.

عمل سليماني كوسيط داعم وقوة عسكرية وتوجيه لمجموعات مقاتلة تتشكل من حزب الله وقوات بدر والنجباء الى الحشد الشعبي، وفي سوريا هناك ألوية زينب وفاطميون.كان سليماني مهندس صياغة الشرق الأوسط الجديد على الطريقة الإيرانية، وهو سبق نظرية الأميركية كوندوليزا رايس والشرق الأوسط الجديد على الطريقة الأميركية. وما بين تصدير الثورة على الطريقة الإيرانية الخمينية الحرسية، والفوضى الخلاقة على الطريقة الإدارة الأميركية، مئات المدن والبلدات المدمّرة، ملايين الضحايا والمشردين في العراق وسوريا واليمن ونسبياً لبنان، خصوصاً في حرب تموز التي كان حجي قاسم أبرز المشرفين عليها.

وبعد زمن من الأخذ والرد وتسجيل النقاط هناك وهناك، وبعد تراكمات من الحرب الناعمة والحرب بالواسطة، وجعل شعوب الشرق الأوسط حقلاً للتجارب في تنفيذ المعارك وضرب الصواريخ، بدت الرأس الكبيرة سليماني بالنسبة لـسيدة الامبريالية العالمية أو الشيطان الأكبر ، تحتاج كبسة زر في خضم الحرب الذكية التي تتشكل أدواتها من طائرات بلا طيار، وأحياناً أدوات ثقافية وجواسيس. كبسة زر كانت كافية لذبح رجل الظل وصاحبه معاً، وإنهاء أسطورته. حجي قاسم أسطورة فعلاً، لكن الأسطورة أيضاً تموت .

كان وراء اغتيالات لا تعدّ ولا تحصى، حتى سمّاه بعض المحللين السياسيين بأنه وزير المستعمرات الإيرانية، مستعمرات تمتد من خلال ميليشيات في كلّ من أفغانستان واليمن ولبنان والعراق وسوريا. بدأ اسم قاسم سليماني غامضا، ليست له صورة، شأنه شأن أيّ شخصية تكثف حولها الهيبة والرعب، وعندما تتحدث وكالات الأنباء عن وجود هذه الشخصية داخل العراق أو سوريا تنفي إيران والحكومات التي سارت في ركابها هذا الوجود، حتى اضطرت الحكومة العراقية إلى الكشف عن وظيفة له وهو مستشارها في شؤون الإرهاب، زعيم الإرهاب يصبح مستشاراً في الإرهاب.

كان سليماني صاحب الدار، وليس الضيف في العراق، خلال دورات الانتخابات، ولم يبرح المكان أي المنطقة الخضراء حتى يطمئن على النتيجة، ومن المعلوم أن لديه منزلا ومكتبا داخل المنطقة الخضراء، منه يصدر الأمر والنّهي. لقد حلت الضرورة في نهاية هذا الرجل المريب، الذي احتل العراق بعشرات الميليشيات، وآخر تصرفاته وضع الخطط للقضاء على التظاهرات في الوسط والجنوب، تلك التي كسرت ظهر إيران، لأنها تفاجأت قبل غيرها بتمرد شيعي ضدها.