خلافة إسلامية

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

الخلافة العباسية

بدأت الخلافة العباسية سنة 750 بانتصار جيش أبي العباس ، الملقب بالسفاح ، على جيش آخر خليفة أموي مروان بن محمد . ويرجع الفضل في انتصار العباسيين على خصومهم الأمويين إلى قائد جيشهم أبي مسلم الخراساني ، وهو من أصل فارسي . لقد بدأ أبو العباس ، أول خلفاء بني العباس ، يوم بيعته ، خلافته بخطاب استهله بهذه العبارات :

إن الله رد علينا حقنا ، وختم بنا كما افتتح بنا ، فاستعدوا فأنا السفاح المبيح

وقام باتخاذ مجموعة من الإجراءات ، منها أمر بإخراج جثث خلفاء بني أمية من قبورهم ، وجلدهم وصلبهم وحرقهم ، ونثر رمادهم في الريح !! . يقول ابن الأثير :« فنبشوا قبر معاوية بن أبي سفيان فلم يجدوا فيه إلا خيطا مثل الهباء ( الغبار الذي يرى على ضوء الشمس) ، ونبشوا قبر يزيد بن معاوية فوجدوا فيه حطاما كأنه الرماد ، ونبشوا قبر عبد الملك بن مروان فوجدوا جمجمته ، ونبشوا قبر هشام بن عبد الملك فوجدوه صحيحا تقريبا فضربوه بالسياط وصلبوه وأحرقوه وذروه في الرياح ، وتتبعوا بني أمية فلم يفلت منهم إلا رضيع أو من هرب إلى الأندلس .

جمع أبو العباس ، الملقب بالسفاح أكثر من تسعين شخصا من بني أمية ، بعد أن أعطاهم الأمان، وأمر بضربهم بالعمد حتى مات بعضهم وبعضهم أغمي عليه ، ثم أمر بوضع مفارش المائدة على أجسادهم، وأكل الطعام فوقهم ، وبعضهم مازال يئن، حتى ماتوا كلهم ! ولما انتهى أبوالعباس من الطعام شكر الله وحمده على نعمه ! . لقد فعل السفاح هذا ولم يرتفع صوت من أصوات علماء الدين ليعارضه ويقول له أن هذا العمل ليس من تعاليم الإسلام ، مع العلم أن كلا من أبي حنيفة ومالك كانا معاصرين للخليفة أبي العباس . لننتقل إلى الخليفة العباسي الثاني ، أبي جعفر المنصور ، الذي يعود إليه الفضل في بناء مدينة بغداد . لقد قام بتحريض أبي مسلم الخراساني على قتل عبد الله بن علي ، عم أبي العباس السفاح وقائد جيش العباسيين الذي هزم الأمويين هزيمة نهائية في معركة الزاب ثم قام بقتل أبي مسلم الخراساني الذي يرجع له الفضل في قيام دولة بني العباس . تحدثنا كتب التاريخ أن عبد الله بن المقفع ، صاحب كتاب كليلة ودمنة ، أرسل كتابا ( رسالة) إلى المنصور يدعوه فيه إلى تقوى الله . غضب المنصور واعتبر ذلك تطاولا من ابن المقفع ، وأرسل في طلبه ، وقام بتقطيع أطراف المسكين وشيها على النار أمام عينيه ، وأطعمه إياها مجبرا، حتى مات !

الخليفة الخامس ، أحد أعظم الخلفاء العباسيين الذين بلغت في عهده أوج ازدهارها ، ألا وهو هارون الرشيد بن محمد المهدي. وقد ساهم في شهرته ذكر اسمه في قصص ألف ليلة وليلة . أثناء خلافته ، عم المجون ، وتفنن الشعراء في وصف الخمر ، ولم يخل بيت من جارية أو أكثر من الجواري الحسان . النقطة الأكثر سوادا في خلافة الرشيد هي غدره بالبرامكة . البرامكة أسرة فارسية قدمت خدمات جليلة لبني العباس فقربوها منهم حتى صار جعفر البرمكي وزيرا لهارون الرشيد ، وكان أخاه من الرضاعة . كان لهارون الرشيد ولدان: الأمين ، أمه عربية هاشمية ، والمأمون ، أمه فارسية. قامت أم الأمين ، زبيدة ، بإيغار صدر الرشيد على البرامكة ، محذرة إياه من تزايد نفوذهم . وهي فعلت ذلك لخوفها من أن تفلت ولاية العهد من ابنها ، الأمين الهاشمي 100% ، وتذهب إلى المأمون الفارسي من جهة أمه . جمع الرشيد البرامكة وأعمل فيهم السيف ولم يذر منهم أحدا ، ولم يراع حرمة الأخوة ( أم جعفر البرمكي أرضعت هارون الرشيد في طفولته ) ، ولم يقدر الخدمات التي قدمتها هذه العائلة للعباسيين .

كان الأمين مولعا بالصبيان ، وكان هذا مما يؤرق والدته زبيدة ، وقد حاولت أن تجد حيلة تجعل ابنها يعاشر النساء ، لذلك كانت تلبس الجواري ملابس رجالية وتقدمهن له ، ومن هنا دخل مصطلح غلامية إلى اللغة العربية ، أي مؤنث غلام ! وكان مغرما بغلام اسمه كوثر . وعند نشوب الحرب بين الأمين والمأمون بسبب الخلافة ، خرج كوثر ليطمئن على الأمين ، أصيب في وجهه . لما رآه الأمين على هذه الحالة ، انطلق إليه مسرعا وأخذ يمسح على وجه ، ثم أنشد :

ضربوا قرة عيني ومن أجلي ضربوه أخذ الله لقلبي من أناس حرقوه

الخليفة العباسي الواثق بالله حفيد هارون الرشيد الذي كان مغرما بفتى مصري اسمه مهج ، وكان الناس عند ما يريدون قضاء حوائجهم عند الخليفة الواثق بالله يلجأون إلى مهج ليتوسط لهم لدى الخليفة ، لأنه كان لا يرفض له طلبا . ومرة دخل مهج على الخليفة ، وهو مجتمع مع رجال دولته ، قام الخليفة إليه وارتجل الأبيات الشعرية التالية :

مهج يملك المهج يسجى اللحظ والدعج حسن القد مخطف
ذو دلال وغنج ليس للعين إن بدا عنه باللحظ منعرج


ذات مرة غضب مهج من الخليفة الواثق ، مما أثر على الخليفة وتعطلت أمور الدولة ، لأن أمير المؤمنين كان منشغلا بمراضاة حبيبه مهج . ونبقى مع الواثق بالله ، وهذه المرة نبين وجها آخر من هذه الشخصية المعقدة . لقد أحضر عالم الحديث المعروف، أحمد بن نصر الخزاعي، وكان مكبلا بالأغلال ، وسأله : « هل القرآن أزلي أم مخلوق ؟ » فأجاب الخزاعي : « أزلي ،أي ليس مخلوقا » ، فأمر الخليفة بنطع ( بساط من جلد يوضع تحت المحكوم عليه بالقتل ) وضع عليه رأس الشيخ المسكين ، ومسك السيف وضرب عنقه . مسألة أزلية أو خلق القرآن كانت محل جدل بين فلاسفة الإسلام ، بين أنصار النقل وأنصار العقل ( المعتزلة ) ، وكان الخليفة من أنصار المعتزلة الذين يقولون بخلق القرآن. ولم يكتف أمير المؤمنين بقطع رأس الخزاعي ، بل أنه أمر بأن يصلب مع جثته على أسوار بغداد

لحد الآن ، في القرن الواحد والعشرين ، مازال كثير من المسلمين يعتقدون اعتقادا راسخا أن القرشيين مقدسون يجب أن يحكموا المسلمين . فالأردن تسمي نفسها بالمملكة الأردنية الهاشمية ، أي من بني هاشم من قريش ، ويدعي الملك الأردني ، وقبله أبوه الحسين وأجداده ، أنهم من نسل بني هاشم ، أي أنهم مقدسون ، من حقهم أن يحكموا المسلمين ، ويرون أنهم أحق بحكم المملكة العربية السعودية من آل سعود الذين يصفونهم بمغتصبي عرش أجدادهم من بني هاشم . و الملك المغربي، محمد السادس ، وقبله والده الحسن وأجداده ، يفتخرون بأنهم علويون ، أي أنهم من ذرية علي بن أبي طالب ، أي أنهم أشراف ومقدسون ، وأن حكمهم للمغرب حق إلهي يستمدونه من السماء ! والآيات في إيران يستمدون شرعيتهم من كونهم ينتسبون إلى علي بن أبي طالب . والأمير عبد القادر الجزائري ، يقول لنا المؤرخون عنه أنه ابن محيي الدين الحسيني، أي يتصل نسبه بالحسين بن علي بن أبي طالب .

قريش قبيلة مقدسة يجب الخضوع لها ، لأن الدين الإسلامي يأمر بذلك . أغلب المسلمين مقتنعون بأن قريشا هي أفضل خلق الله ، والدليل أنها ذكرت في القرآن « لإيلاف قريش، إيلافهم رحلة الشتاء والصيف ...» . ولأن الرسول محمدا قال :« إن الله عز وجل اختار من الناس "العرب" ثم اختار من العرب "مضر" ثم اختار من مضر "كنانة" ثم اختار من كنانة "قريشاً "ثم اختار من قريش "بني هاشم "ثم اختارني ممن أنا منه ‏»‏‏.‏ وقال :« إن الله فضل قريشاً بسبع خصال لم يعطها قبلهم أحداً ولا يعطيها أحداً بعدهم: أن الخلافة فيهم ، وأن الحجابة فيهم ، وأن السقاية فيهم ، وأن النبوة فيهم، ونصروا على الفيل، وعبدوا الله سبع سنين لم يعبده أحد غيرهم، ونزلت فيهم سورة لم يذكر فيها أحد غيرهم (لِإِيلافِ قُرَيشٍ» ، وقال : « الأئمة من قريش » . وهذا يتناقض مع الحديث : « لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى » ، ومع الآية : « ا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير". وحسب منطق الذين يفضلون قريشا على غيرها من الأقوام ، أليس معاوية بن أبي سفيان ، ويزيد بن معاوية ، وأبو العباس السفاح ، والأمين بن هارون الرشيد ، و.... من قريش ؟ أليس عقبة بن نافع «المقدس » ( مجرم حرب ) ، وزهير بن قيس البلوي (مجرم حرب ) ، وموسى بن نصير( مجرم حرب ) من قريش ؟ أليس الشريف حسين ، والملك طلال وابنه حسين حفيده عبد الله من قريش ؟ أليس الملك الحسن وابنه محمد السادس من قريش ؟ هؤلاء الذين يدعون أن نسبهم يتصل ببني هاشم لهم باع طويل في الخيانة والتآمر مع أعداء العرب والمسلمين ضد مصالح العرب والمسلمين .

قريش لم يأت من ورائها إلا الدمار والحرق والدم ، إنها آفة الله على الأرض ! هذه القبيلة المسماة قريشا قد استخدمت الدين الإسلامي للنهب والسلب والسبي والتسلط والتحكم في مصائر الناس طيلة أكثر من أربعة عشر قرنا . وللتخلص من هذه الأغلال ، وللانعتاق من هذه العبودية، يجب قراءة التاريخ الإسلامي من مصادر مختلفة ، عربية وغير عربية ، ويجب إعادة النظر في مناهج التعليم ، بل في مشروع المجتمع ، وإلا فإنها النهاية ، نهاية كل المسلمين ، بما فيهم العرب ، فأسرعوا قبل فوات الأوان !!

مصدر

  • أحمد قويدر , تاريخ الخلافة الإسلامية