المسجد

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

استخدام خطبة الجمعة سياسيا

الثابت تاريخيا أن ألأمويين هم أول من استخدم خطبة الجمعة سياسيا ، بعد أن كانت خطبة الجمعة فى عهد النبى محمد مجرد قراءة سورة (ق) أو غيرها من سور القرآن ، فان الأمويين حولوها الى منشور سياسى للدعاية لهم ولعن أبى تراب أو ( على بن أبى طالب ) ، ثم أصبحت عادة سيئة من وقتها الى عصرنا هذا أن يصعد أبو جهل ليدعو للسلطان وعساكره ونصرة المجاهدين المسلمين ، من الجزائر الى الشيشان ولعن الكفار المشركين من جورج بوش الى أبى سفيان . أكثر من ألف عام وهم يدعون نفس الدعاء ولا يستجاب لهم الا بالعكس . ومع ذلك فلم يتساءل أحد عن موقع الخطأ اهو فينا أم فى الاخرين .

إن كل أماكن الدنيا مفتوحة للجدل السياسى من النوادى والزنازين والمكاتب و البيوت و المصاطب و الحانات والقهاوى و ومحلات الحلاقة ووسائل المواصلات ووسائل الاعلام ألا تكفى كل هذه الساحات للثرثرة السياسية و المكائد السياسية بحيث يتخصص المسجد للصلاة و السكينة و تذكر الآخرة و الراحة من ضجيج الدنيا و التنافس على حطامها ؟ أم نستكثر على رب العزة أن تكون له المساجد خالصة لعبادته وذكره وحده لقد خلطنا أوراق الدين بالسياسة فخسرناهما معا ، وندفع الثمن كل يوم اذلالا و تخلفا وفقرا و عارا ودماءا تجرى أنهارا .

هل يجرؤ أي مراهن على أن يراهن على سماع خطبة واحدة في أي مسجد من مساجد السعودية وكل دول الخليج المحتل تدعو لصلاة واحدة من أجل المسجد الأقصى . تخيلوا هذه المساجد التي تبدو فيها الأبهة والبذخ والفن المعماري والتكييف والمنابر التي تشبه الأبراج المزخرفة كالتحف والأعمدة الرخامية وفي كل واحد منها من السجاجيد والثريات مايشتري مئة ألف بندقية . والتي فيها تجمع تبرعات للثورة السورية والتي هرع اليها المسنون المسلمون للفوز بزوجة سورية بيضاء بضة . تخيلوا أن عدد قطع السلاح التي دخلت الى سوريا في العام الأول من الربيع العربي بلغ مليون ونصف مليون قطعة سلاح وكله سلاح عربي ومسلم أغدق فيه على المسلحين السوريين وبلغ اليوم خمسة ملايين قطعة سلاح ومئات آلاف الأطنان من المتفجرات والقذائف حتى صار صاروخ التاو أرخص من حب الخردق وصار كيلو (التي ان تي) أرخص من كيلو البرغل أو البندورة وصار الانتحاريون أكثر من أعداد الأغنام في البادية . ولو تم توزيع حجم الرصاص والمتفجرات كحصص تموينية لصارت حصة كل مواطن سوري وكل عراقي خمسون كيلو من المتفجرات يوميا وحصته من سوق الرصاص خمسة آلاف رصاصة يوميا . ولكن ويالسخرية الأقدار لم يترك المسلمون الورعون الغاضبون في أيدي الفلسطينيين وأبنائهم سوى سكاكين المطبخ وقشارات البطاطا ليدافعوا بها عن أنفسهم لأن كل سلاح المسلمين ذهب الى سورية .. حتى الملائكة أرسلت في مهمة عاجلة الى حمص ولم تعد منذ ذلك اليوم ولم يبق منها أثر .. ولم يبق ملاك واحد يقف في الأقصى .

التنافس على بناء المآذن الأكثر علوا

التنافس على بناء المآذن الأكثر علوا بين الحكام العرب ظاهرة شائعة و مزمنة ، ربما يكون للتقرب من الخالق الذي جرت العادة على تحديد مقر سكناه بالسماء ، لذلك كل الناس يريدون شراء رضاه بالاقتراب منه ، ولكن الإله يسكن في السماء السابعة عند سدرة المنتهى كما يقول الإسلام ، والمسافة التي تفصلهم عنها تقدر بالسنوات الضوئية ، فهل مئذنة بارتفاع 270 م تقربهم منه ؟! لماذا لا تحذو الشعوب العربية والمسلمة حذو الشعوب غير المسلمة وتبني صواريخ تنطلق بسرعة عشرات الآلاف من الكيلومترات في الساعة ؟ لقد بنى الأميركيون المركبة الفضائية أبولو 11 التي مكنتهم من النزول على سطح القمر ، وبنى الروس أول قمر صناعي هو سبوتنيك ولقد انضم إلى نادي الفضاء مؤخرا كل من اليابان والصين والهند . ولكن نحن منشغلون ببناء أطول مأذنة .

نشرت في الجريدة الإلكترونية ، "كل شيء عن الجزائر" خبرا مفاده أن العقد الذي يربط مكتب الدراسات الألماني الذي يتابع إنجاز المسجد الكبير في الجزائر مع الحكومة الجزائرية قد تم فسخه ، وذلك لظهور مشاكل تقنية قد تعرقل بناء مئذنة بارتفاع 270 مترا. لقد أخبر المكتب الألماني السلطات الجزائرية بأنه ليس من الممكن حاليا بناء مئذنة بهذا العلو ، وذلك يعود إلى طبيعة الأرضية التي بني عليها هذا المسجد

قبل الجزائر، بنت المغرب مسجدا ضخما بمدينة الدار البيضاء ، وكان ذلك في سنة 1987 ، وتم الانتهاء منه في سنة 1993 . لقد بني هذا المسجد في عهد الملك الحسن الثاني ، وكان ذلك قبل وفاته بأعوام . لقد جرت العادة أن الرؤساء والملوك العرب ، لما يشعرون بدنو أجلهم ، يقومون ببناء مساجد ، وذلك للتكفير عما ارتكبوه في حق شعوبهم ، وللتقرب من الإله ، الذي يعتقدون أنه يمكن رشوته كما كانوا يفعلون عندما استولوا على الحكم . يتملك الإنسان العربي المسلم شعور بالذنب عندما تدنو ساعته ، وبسبب تربيته وثقافته الدينية ، ولكي يتخلص من هذا الشعور ، يقوم بالحج عدة مرات و يقوم ببناء دور للعبادة من ماله الذي جمعه بطرق ملتوية . ولكن الحكام العرب يريدون شراء الجنة بالمال العام ، أما أموالهم فلن يسمع بها إلى أولئك المودعة لديهم في البنوك السويسرية ، حيث يورثونها لأبنائهم وأحفادهم وأحفاد أحفادهم .

الانخفاض الحاد في أسعار المحروقات في الأسواق الدولية خلال سنة 2015 ، جعل الجزائر مقبلة على أزمة خانقة ، لأن اقتصادها في جله يعتمد على النفط ، وعائداتها من العملة الصعبة تأتي في غالبيتها من الذهب الأسود . كيف يقوم بلد مثل الجزائر أو المغرب ببناء جوامع بهذا الحجم من التكاليف ، وشعبه يعاني من الفقر والبطالة وانعدام البنى التحتية والهياكل الصحية والتعليمية والمرافق الضرورية، ويخصصها لبناء معبد ضخم غير منتج للسلع والخدمات ؟ ما الهدف السياسي من بناء الحكام العرب للمساجد ؟ أظن أن الغاية من ورائها هي استمالة قلوب العامة الذين يرون في هذا الرئيس أو ذلك الملك الرجل المؤمن ، التقي ، الورع . ألم يلقب الرئيس الراحل أنور السادات بالرئيس المؤمن؟ ويلقب المغاربة ملكهم بامير المؤمنين . ألم يقم الرئيس العراقي الراحل ببناء مساجد وكتابة عبارة الله أكبر على العلم العراقي لاستمالة قلوب العراقيين الناقمين عليه بعد أن زج بهم في حربين مدمرتين أدتا إلى انتهاء العراق ؟

أما في الأردن، فالحال لا يختلف كثيرا، حيث لا تكاد تذهب الى أي صلاة جماعة في أي مسجد دون أن يكون هناك لجنة تبرعات لبناء مسجد في الأغوار الشمالية أو بجانب قصر الحمر، هذا مع العلم بأن ازدياد أعداد المساجد ظاهرة ملفته للنظر، وأنا شخصيا لست ضد هذا الموضوع، لكن أليس من الأفضل استخدام الأموال التي يبنى فيها مساجد بمئات الآلاف من الدنانير وأحيانا بما يقارب المليون لاطعام المساكين والأيتام والعاطلين عن العمل، خصوصا مع تكاليف الحياة الباهظه جدا، أليس الأفضل الحفاظ على كرامتهم بدلا من طردهم عن أبواب المساجد الفارهة والتي لا يأتي اليها المصلين وعائلاتهم - في الغالب - الا خلال المواسم الدينية كصلاة التراويح وصلاة الجمعة وصلاتي العيدين.