الرجل

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

الرجل كان يعتقد ولعصور طويلة بأنه الأصل والكل و القوة والعظمة والسيطرة في حين أنه كائن مسكين جدا ومسيّر عبر العصور من قبل قوى خارجية ساهمت في إبعاده عن كينونته الخاصة، التي تداخلت مع الملامح الجاهزة التي فُرضت عليه ، وأدغمت في ملامحه وكيانه حتى لم يعد هو نفسه يدركها . فالرجل كان أداة في يد المجتمعات أو في يد قوى الشر والإظلام في تلك المجتمعات ربما بسبب تكوينه الجسماني ، أداة لصناعة الظلم والقهر والحرب والموت والجهل والقبح وكانت مؤثرات كثيرة تعده بلا وعي منه ليحمل منجل الحصاد ، ليجذ أرواح الكائنات والطبيعة . أحد أنواع الرجال هو الرجل العربي الذي كان و لايزال أداة الظلم والقهر وأداة الجهل والتجهيل وأداة القبح والتدمير ، وأداة الكبت من قبل المجتمع ، فقد ُظلم على مر العصور من حيث فرض عليه تحقيق الظلم وممارسة أدوار لم يخطط لها في البدء مثل القوة والشدة والعنف والسيطرة والقمع والكثير من الأدوار القبيحة التي ُزين له أن رجولته لاتكتمل إلا بها وفي المقابل حرم من تحقيق جوانبه الإنسانية كالتداعي التام مع الحب ، والخوف والجزع والبكاء ، فجعلت هذه الخصائص الطبيعية للكائن الإنساني خصائص للمرأة فقط .

خلقه المجتمع ليكون كائنا مخيفا ، وجافا وثابتا حتى الرعب و اليباس والملل ، وحاصره بمفاهيم خلقها له خصيصا كالعيب والحرام ليقلل من مساحاته الإنسانية ، أو يغيّر لونها الطبيعي لألوان أكثر حلكة ، أو يقلصها داخله حتى العدم ومع الزمن صدّق الرجل العربي هذه الأفكار وتبناها وأصبحت جزءا من سيكولوجيته ، بل و صار الحمل أثقل حين أصبحت هذه الأدوار تركة يتوارثها جيل بعد جيل . كما أن المرأة ظلمته كثيرا أيضا ، فقد حملته أعبائها المناطة بها أصلا فاتخذت منه حارسا وخادما وسائقا ، والكثير من الأدوار التي تخلت عنها ليقوم هو مجبرا بها وكان سعيدا بالقيام بهذه الأدوار التي تحقق له شروط سيطرة غبية وقوة مصطنعة تتلاشى أمام سحر عيونها ولكن كان يعيش تناقضات الكينونة بلا رغبة في التغيير . في هذا العصر المسمى بعصر المرأة عصر الرقمية والعولمة يجب النظر للرجل العربي ليس بعطف ومحاولات تبرير فقط ، بل بشفقة وحزن كبيرين فلقد صدر المجتمع المرأة لكل مواقعه وفتح لها كل الأبواب للدخول في حين أوصدت الكثير من الأبواب في وجه الرجل ، ولم يكتفي المجتمع بأن يجعلها إلى جواره بل أخذت مكانه في كثير من المواقع وهزمت بذلك كل مخططاته ومشاريعه الذكورية . كما أن فكرة المساواة لم تعد مقبولة في طرحها الأول ، مساواة المرأة بالرجل بل أصبح الرجل هو الذي يطالب بالمساواة مع المرأة التي أصبحت تحمل تأشيرة دخول لجميع الحيوات الخاصة والعامة ، وتتصدر المواقع العليا والدنيا .

هذا الكائن من حيث الدائرة النفسية والفكرية مهيأ للانقراض كالجمل تماما ، أو تخصيصه لأدوار ثانوية كالكتابات والأفلام التاريخية أو العرض في المتاحف بوصفه تراثا ، حيث لم يعد مقبولا منه أن يفكر أنه يحرك الكون بعضلاته وأنه مصدر القوة في حين أنه يمكن لأي كائن أن يحطم العالم بلمسة زر وهو لايملك إلا أن يعيش أو يمارس أدواره المنقرضة تلك ، ويحاول من خلال أدوات قمعية قديمة ، كالصوت العالي والعضلات وبشكل يدعو للسخرية أو للشفقة أو لكليهما معا أن يثبت أنه لازال موجودا ، وأنه يشغل ذات المساحة المهيأة له من قبل الرب والعباد والتاريخ والجغرافيا ، وبالطبع لن يجد سوى كائنات أقل منه هشاشة ليمارس عليها أدواره تلك كالمرأة والأطفال وهذا مما يؤسف له .

مصادر

  • فاطمة الشيدي , الرجل كائن مسكين


ca:Home