نجد

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ملف:Riad collage.jpg

نجد بؤرة المشاكل فى تاريخ المسلمين منذ حركة الردة . ومنطقة نجد هي المسرح الذي قامت عليه الدولة السعودية الأولى وتطورت ، وبهذه الدولة السعودية برزت نجد على خريطة العالم وتاريخه منذ القرن الثامن عشر الميلادي 1745 . هى نفس المنطقة التى كان أهلها من الأعراب جندا لحركة الزنج ، ثم لحركة القرامطة بعدهم . وقد أتاحت الوهابية لهم ان يكونوا قلب الحركة الجديدة ، وتأسيس أول دولة متحركة تتحدى الدولة العثمانية الراسخة العتيدة ، وتهاجم العراق وتحتل الحجاز والحرم ، وتعجز عن مواجهتها الامبراطورية العثمانية فتلجأ مُضطرة الى الوالى العثمانى الطموح فى مصر محمد على باشا والذى إستطاع بعناء شديد تدمير الدولة السعودية الأولى نهائيا وتدمير عاصمتها الدرعية وأسر أميرها عام 1818 . وارساله الى الآستانة ليلقى حتفه هناك .

كانت نجد بؤرة المشاكل منذ حركة الردة وكان أكبرها حركة مسيلمة الكذاب الذى ظهر فى نفس المنطقة من نجد والتى نشأ فيها فيما بعد محمد بن عبد الوهاب ، والتى إستمرت (أى نجد) ترسل كتائب التخريب ، ومنها ما وصل الى أعراب بنى هلال وبنى سليم الذين إستقدمهم الفاطميون ، وارسلوهم الى شمال أفريقيا فعاثوا فيها فسادا وتخريبا . مع ذلك التخصص النجدى فى الثورات والفتن وتصديرها الى الخارج من العراق والشام الى شمال أفريقيا ، فلم تحظ نجد بتفسير لوضعيتها هذه ، سوى حديث مشهور قيل فى تصوير نجد على أنها موطن الشيطان . وحتى ابن خلدون لم يتوقف مع نجد فى إستشهاداته فى المقدمة عن العرب مع تعرضه لأعراب بنى هلال وبنى سليم .

هذا البروز التاريخي الوهابى الحديث لمنطقة نجد ، أدخلها نوعا ما فى دائرة الضوء ، والأبحاث التاريخية . فقد حاول بعضهم تفسيرهذا البروز النجدى بعد حدوثه ، ونكتفي بمثلين الأول يمثل الرحالة الغربيين الذين جاءوا الى صحراء نجد يحاولون تفسير الظاهرة ، والثاني من الباحثين المسلمين في عصرنا الراهن . كتابات الرحالة بالذات تأتى بوصف غير معتاد للمناطق التى يزورها الرحالة . الرحالة عيناه مفتوحتان وهو فى دهشة مستمرة يسجل ما يراه ، ويقارن بوعى او بدون وعى بموطنه . وما يراه المؤرخ المحلى المعاصر عاديا لا يستحق التسجيل يراه الرحالة غرائب يسارع بتسجيلها . وإذا كان المؤرخ منهمكا فى التأريخ للسلطان وكبار القوم فإن الرحالة يهتم بتسجيل ما يراه فى الشارع والناس العاديين .

حظيت نجد بدولتها السعودية ودعوتها الوهابية بإهتمام الغرب ، فقد توافد على نجد قناصل ورحالة أوروبيون ، وكتبوا عنها ما يعكس رؤاهم السياسية، منها رحلة سادليير 1819 م وبيلي 1864 –1865 ، وبركهايت 1814-1815 . ولكن الوحيدة التي كتبت بحياد وبعيدا عن الأهواء السياسية كانت رحلة الليدي آن بلنت 1879 ، فى وقت قيام الدولة السعودية الثانية ، وكان معها زوجها ويلفرد سكوين بلنت الذى كان قنصلا إنجليزيا ، إلا أنه إشتهر بميله للعرب والمسلمين ،وقد قام مع زوجته برحلة الى نجد بعد اعتزاله العمل السياسي ، وسجلت الليدي آن الرحلة في كتاب (pilgrimage to nijd) .

وصفت الليدي بلنت في كتابها الطبيعة القاحلة لنجد وندرة آبار المياة وتباعدها وحيث توجد الآبار تقوم عليها قرى متباعدة وتفصل بينها الصحراوات مما أعطى لكل قرية شخصيتها المستقلة ، إلا أن الصحراء يتجول فيها البدو حيث يسيطرون على الطرق ، وهم الأقرب لتلك الطرق ، وهم الأكثر عددا من سكان تلك القرى أو المدن الصحراوية . ولأن تلك المدن الصحراوية لا تستطيع الإكتفاء بنفسها وتعتمد على الإستيراد من الخارج فإن قوافلها التجارية تحتاج إلى القبائل البدوية التي تتحكم في طرق القوافل والتي يمكن أن تُغيرَ على تلك المدن نفسها . ومن هنا فإن كل مدينة تضع نفسها تحت حماية شيخ بدوي في مقابل أتاوة سنوية تسمى الأخاوة . وحين يكون شيخ القبيلة قويا بدرجة كافية يقوم ببناء قلعة بالقرب من المدينة يعيش فيها بعد أن يصبح غنيا بما يجمعه من إتاوات ،ويعيش في تلك القلعة وقت الصيف ، ثم إذا تطورت قوته أكثر تحول من حامي للمدنيين إلى صاحب سيادة عليهم ، ويتحول من شيخ للقبيلة إلى أمير . وإن تطورت قوته أكثر تحول إلي ملك على كل المدن التي تخضع له . وبهذا الوصف الرائع يمكن تفسير قيام الدول المتحركة والمؤقتة فى منطقة نجد وغيرها . نجد والدولة السعودية التي قامت فيها كانت نواتها العصبية القبلية والتحالف بين أمير يمثل العصبية القبلية وشيخ يمثل الدعوة الدينية و اثمر هذا التحالف عن إقامة ملك ديني يطبق الشرع السني .

إذا اشتدت عصبية القبيلة تطلعت إلى السيطرة على قبيلة أخرى ، فيحدث الإقتتال ، فإن غلبتها إلتحمت بها واتحدت معها ، وتضاعف طموحها ، وهكذا إلى أن تصبح دولة وهكذا تؤدي العصبية القبلية إلى تكوين دولة يحكمها أمير أو ملك على أساس القوة أو القهر ، والدمار وسفك الدماء ، خصوصا مع قبائل شديدة البأس ،أو شديدة الوحشية . القبائل البدوية الصحراوية في تنافسها الصحراوي لاتجد ما تدمر ، حيث يعيشون في خيام ،أما إذا اشتد التنافس إلى السيطرة على المدن وتمكنوا من اقتحامها ، فإنه سرعان ما يصيبها الخراب . والصراع لم يكن يتوقف بل كان يمتد داخل القبيلة الواحدة بل داخل البيت الحاكم فيها ، حيث يتقاتل أبناء العم والإخوة ، ويقتل الإبن أباه . ظلت هذه هي طبيعة المنطقة بعد سقوط الدولة السعودية الأولى ثم فى الدولة السعودية الثانية ودخول آل سعود في فترة الحروب الأهلية فيما بينهم ، و بروز قوة محمد بن الرشيد وصوله للحكم واغتياله للأمير محمد بن متعب ، وهو إبن أخيه ، وبعد أن قتله إستولى على القلعة ، وقتل أطفال محمد بن متعب وجميع أبناء عمه وانفرد بالحكم.