محمد الماغوط

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

محمد الماغوط (1934 - 2006) أديب وشاعر من سوريا كانت كتاباته ساخرة مؤلمة وجميلة , لم يعش الماغوط بسلام مع أحد ولا مع روحه أبداً ، كان ساخراً لأن المهزلة دائمة وكان يائساً لأنه لم يجد لدى العرب لحظة شغف واحدة بالحرية . رغم سخريته من الثقافة والمثقفين كان محمد الماغوط أحد أبرز رموز الثقافة السورية طوال عقود وأبرز مثقفيه المشاغبين على اللغة والسياسة والمفاهيم , برع في استخدام مفردات جديدة وتوظيف المفارقة والحس الساخر الذي وظفه بمهارة لكي يبين مفارقات حياتنا الثقافية . كان يشرب ويسكي ممزوج بالثلج ويدخن سيجارة إلى منتصفها ثم يرميها ويأخذ أخرى مباشرة . هجا الأوطان والعواصم ، المدن والغرف والسجون ، التاريخ والبشر جميعاً، ترك الماغوط مناقب فصيحة في معنى ان تكون الشتائم المتصلة للوطن نشيداً في المحبة التي لا تشبهها محبة أخرى .

كان لمحمد الماغوط حساسية لكل ما هو ثقافي بالمعنى الدارج للثقافة , تميزت كتاباته بعفوية شعبية إذ كان يرى أن طريقته هذه تكون أسهل في الوصول إلى شريحة كبيرة من الناس . ولد محمد الماغوط عام 1934 في السلمية في محافظة حماة في سوريا من عائلة فقيرة اكتسب فيها إحساسه بالظلم البشري والفوارق الطبقية . غادر السلمية نحو دمشق ليلتحق بمدرسة داخلية بناء على توصية والده ، ليدرس العلوم الزراعية ، لكنه إكتشف أن اختصاصه ليس الحشرات الزراعية ، بل الحشرات البشرية . كان يكره المدرسة وقد طفشت منها باكراً , درس في المدرسة الزراعية في الغوطة . وكان من تلاميذها أديب الشيشكلي وأنور السادات و صدام حسين تصوّر هؤلاء درسوا فيها .

كان قدومه الثاني إلى العاصمة عام 1955 حين بدأ دراسته الأدبية والثقافية ، وبدأت دمشق تميز شاعراً متمرداً على أساليب الكتابة القديمة ، وممثلا لمشرديها و فقرائها ولكن لوهلة قصيرة , عاش بعدها الماغوط وبنفس العام تجربة السجن الأولى في سجن المزة ، بتهمة انتمائه إلى الحزب القومي السوري الاجتماعي ، المنافس الرئيسي لحزب البعث آنذاك . قال عن تجربته في السجن:

كنت أظن أن السجن هو للمجرمين والقتلة . وعندما سجنت في المرة الأولى شعرت بأن شيئاً جوهرياً تحطّم في داخلي . كلّ ما كتبته وما أكتبه هو أشبه بعملية ترميم لتلك التجربة المرّة والقاسية . وما زلت أرمم آثار هذه التجربة حتى اليوم . ولا أبالغ ان قلت إن أمل الحياة سقط في السجن . وكذلك الجمال والفرح . كان هناك الكثير من الرعب . قسوة ورعب . كنت ضعيفاً وغير قادر على استيعاب ما يحصل ولا على تحمّل الإذلال والظلم. حذاء الشرطي لا أنساه . كان الشرطي يقطر عرقاً وهو يمارس فعل التعذيب . والفادح في الأمر أنني حتى الآن لم أعرف ما هي التهمة التي قادتني الى السجن ، أنا الفتى الفلاح والقروي البسيط ، الذي لا يعرف شيئاً عن العالم . وانتمائي الى الحزب القومي كان عابراً ولم أكن حزبياً.

الماغوط والإنتماء الحزبي[عدل | عدل المصدر]

قال عن سبب إنتماءه للحزب القومي :

دخلت الحزب القومي من دون أن أقرأ مبادئه . كنت فتى فقيراً وكانت لديّ حاجة الى أن انضمّ الى جماعة ما. وكانت قريتي السلمية تضج بفكرة الحزبية ، وكان هناك حزبان : الحزب القومي والحزب البعثي . وقد اخترت القومي لأنه كان قريباً من المنزل ، وفي المركز كانت هناك صوبيا (مدفأة) ، أي أن الجوّ كان دافئاً، بينما المركز البعثي بلا صوبا. لم أقرأ مبادئ الحزب ، وفي الاجتماعات كنت أنعس وأتثاءب . وأذكر انهم عندما كانوا يتحدثون عن المناقبية الحزبية كنت أفكر بالمخدّة . عندما كان ينتهي البرد كنت أهرب من الاجتماعات . ومرّة كلفوني بجمع التبرّعات للحزب فجمعت ما يكفي لشراء بنطلون وفررت .

انتقل الى بيروت ليشارك في مجلة شعر ، وينشر ديوانه الأول حزن في ضوء القمر في 1959 وتلاه ديوان غرفة بملايين الجدران (1961) و الفرح ليس مهنتي (1970). منحه الرئيس بشار الأسد وسام الاستحقاق من الدرجة الاولى ، وأرسل على حساب القصر الرئاسي للمعالجة في فرنسا .رغم الكآبة التي لم تكن تغادره والألم الذي يعتمل في ثنايا جسده ، كان يتمسك بسخريته الحيّة والعابثة وبخفة الظل التي وسمت مقالاته وأعماله المسرحية . كان يحاول دوماً ان يبتسم ويضحك .

الرحيل[عدل | عدل المصدر]

حصل قبل شهر واحد من رحيله على جائزة العويس وصرف معظم الـ120,000 دولار على الأدوية . غيّب الموت الشاعر والكاتب السوري بعد ظهر الاثنين 3 ابريل 2006 عن عمر يناهز 72 عاما، كان في يده اليمنى عقب سيجارة وفي اليسرى سماعة الهاتف ، في حين يدور صوت شريط المسجلة في تلاوة لسورة يوسف . ترجمت قصائده الى لغات أجنبية بالرغم من أنه كان لا يعرف أية لغة أجنبية , لم يكن من اللذين يسعون الى العالمية , قال محمد الماغوط في احدى اللقاءات الصحفية :

العالمية لا تعنيني . انها تعني أدونيس مثلاً . ثم أقول إنّ أي لحام يستطيع أن يصبح عالمياً ليذبح زوجته ، هذه طريقة اقترحها سبيلاً الى العالمية .

نموذج من اسلوبه الساخر[عدل | عدل المصدر]

  • مشهد من مسرحية كاسك يا وطن"" : غوار: في حدا بدو يضيّق لي خلقي ويكرّهني عيشتي , لأرحل عن وطني , ما بعرف مين هذا الحدا, من برّة من جوّة والله ما بعرف . بس مين ما كان يكون هذا الحدا , أنا ما بقدر أرحل عن الوطن أنا بدوخ بالطيارة يا أخي , ثم لنفرض إني أنا بعدت عن الوطن ورحلت عنه لبعيد, بس مشكلتي أنه الوطن ما بيبعد عني , بيضل عايش فيّ من جوّة وين بدي أهرب منه ؟ وين ؟ لذلك بدي ضلّ عايش فيه غصب عن اللي ما بدّه , طالما عم بقدر احكي يلي بدي ياه مارح أيأس وبدي ضل أصرخ للغلط غلط بعينك , وبدّي أعمل ثورة بالبطحا, واشرب كاسك ياوطني على رواق , بدي أشرب كاس عزك , ولسّه بدي أكتب اسم بلادي على الشمس اللي ما بتغيب .

احدى قصائده[عدل | عدل المصدر]

  • كل يوم أكتشف في وطني مجداً جديداً
  • وعاراً جديداً
  • أخباراً ترفع الرأس
  • وأخرى ترفع الضغط
  • مللت اللجوء الى التبغ
  • والخمر والمهدئات وأبراج الحظ
  • إن سعة الخيال تمزق أعصابي
  • ولم تعد عندي حدود واضحة أو آمنة بين المجد والعار
  • والأمل واليأس والفرح والحزن
  • والربيع والخريف والصيف والشتاء
  • والمذكر والمؤنث والمرفوع والمنصوب
  • وها أنا أضع أجمل وآخر قصائدي في أذني
  • وإصبعي على الزناد
  • وأنا واثق بأن حلقات من الدخان ستتصاعد كأنها رصاصة حقيقية .

أعماله[عدل | عدل المصدر]

  • الشعر : حزن في ضوء القمر 1959 ، غرفة بملايين الجدران 1960 ، الفرح ليس مهنتي 1970 . البدوي الأحمر , سأخون وطني 1987 , سياف الزهور 2001 , شرق عدن غرب الله 2005
  • المسرح : العصفور الأحدب ، المهرج ، كاسك يا وطن ، غربة ، ضيعة تشرين ، شقائق النعمان
  • رواية : الأرجوحة 1974
  • تلفزيون : وادي المسلك , حكايا الليل

مصدر[عدل | عدل المصدر]

  • لقاء صحفي أجراه عبده وازن مع الراحل محمد الماغوط قبل شهر من وفاته .
  • موقع جهة الشعر , jehat.com