قالب:مقالة مختارة

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

المساواة هي مصدر رئيسي من مصادر قلق وتعاسة الإنسان. ظهرت بوادرها مع الثورة الأمريكية التي وقعت في أواخر القرن الثامن عشر ضد بريطانيا وأدت إلى استقلال دولة الولايات المتحدة عن الإمبراطورية البريطانية في 1776. قامت تلك الديمقراطية الحديثة بإلغاء التسلسل الهرمي الجامد المتبع في أوروبا الإقطاعية , القائمة على تقسيم الإنسان الى طبقات إجتماعية وشعوب و قبائل لم يخلقهم الله للتعارف, حيث كان الناس في السابق قبل إعلان وثيقة الاستقلال الأمريكي التي كتبها توماس جيفرسون يتفاضلون حسب معايير مختلفة جعل البعض منهم أكرمهم عند الله إما بسبب أرستقراطيتهم المستمدة من النظام الإقطاعي في الغرب او بسبب كونهم صحابة كانوا قد شهدوا غزوة بدر مع الرسول محمد في الشرق الأوسط أو كونهم قد ولدوا ضمن طبقة كهنة وسدنة البراهما في النظام الطبقي في الهند .

هذا الوضع الجديد بعد الثورة الأمريكية , خلق فكرة ان البشر كلهم متساوون في الحقوق وفرص الحياة وان الناس سواسية كأسنان المشط (بالإنجليزية:Comb) المصنوع من اللدائن والبوليمرات. هذه الفكرة الجميلة حملت في طياتها تأثيرا جانبياً مقرفاً. في العالم القديم كان الناس اللي فوق , في فوق , لكونهم من عائلة ورثوا اللي فوقية والأصالة والمجد كابراً عن كابر , واكتسبوا الشرف على الأصاغر والأكابر بدون أي تعب أو مجهود على المنابر. في ذلك العالم لم يكن العبد الفقير الحقير الذليل الوضيع الممرغ يديه في تراب العمل يشعر ان عليه حرج لأنه لايملك ما يملكه علية القوم , من المحتمل انه كان يشعر بالحسد والإستياء ومن المحتمل انه كان يبول قليلا في مأكلهم ومشربهم سخطاً ونقمة لكنه لم يشعر في يوم من الأيام بأنه فاشل لأنه لايمتلك ما يملكون .

على سبيل المثال , المغفل الذي شاءت الأقدار ان يكون هنا في بيضيبيديا , في هذه اللحظة , وراء شاشة الكومبيوتر يقرأ عن المساواة , سوف لن يقارن نفسه مع بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت ولا مع الملكة إليزابيث الثانية ملكة المملكة المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، و رئيسة الكومنولث, ويشعر بالأسف لما إنتهى اليه حاله من عدم تأسيسه لشركة مايكروسوفت أو عدم إمتلاكه قبعات مضحكة مثل الملكة إليزابيث. الإنسان يشعر بالأسف والتعاسة عندما يقارن نفسه مع من كان مساويا له في الوزن والفرص والظروف التاريخية من الأصدقاء والزملاء والأقارب ولكنه أمسى الأن معاكسا لهم في الإتجاه فأصبح الآخرون من الذين كانوا مساوون له , من علية القوم , إما بالسرقة أو الإستحقاق , يمتلكون وظيفة أحسن منه ويقيمون في منزل أفخم من شقته الغير مفروشة على السطوح وبقي هو في أسفل السافلين او مكانك راوح .

عند إلغاء الهرم الإجتماعي القائم على الإنتماء الى طبقة إجتماعية معينة بالوراثة , فسوف لايكون هناك حدود , من الناحية النظرية , لما يمكن للمرء ان يحلم بتحقيقه . سوف يلاحظ المهاجر الجديد الى الولايات المتحدة والغرب الكافر , بما يبدو للعيان من السطح كرفاهية و رغد بالعيش ولكن الشيئ الذي يغيب عن بصيرة ذلك القادم الجديد هو ان الكل في الغرب متعطشون للمزيد ولايؤمنون بالمثل العربي القائل القناعة كنز لا يفنى , وانهم يحسدون الجار والصديق والزميل و الأهل والخلان على أشياء بحوزتهم ولكن لايستطيعون هم اليه سبيلا . الشيئ الآخر الذي لن يدركه عين ذلك المهاجر هو أن ما يبدو للوهلة الأولى منزلا فخما شبيها بقصور العصور الوسطى في أوروبا ما هو في الحقيقة سوى بيت من الطابوق الذي تم طلائه باللون الأبيض الذي جعله مشابها للمرمر أو الألباستر (بالإنجليزية:Alabaster) وإن أعمدة البيت ليست كأعمدة الرخام في قصور إيطاليا القديمة بل هو خشب تم طلائه وتلوينه .

للمزيد | المقال المختار السابق | مقالات مختارة