فوضى

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
(بالتحويل من الفوضى)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

الفوضى ظاهرة يمكن للباحث أو الزائر أو السائح ، أن يتعرف عليه في بلدانٍ كثيرة بمجرد يومٍ واحدٍ من التجول في شوارع البلد . فليس هناك صعوبة في معرفة بلاد الفوضى ، حينما نراقب نظام المرور فيها . فنظام المرور ، وحركة السيارات والناس ، إشارة صادقة لحالة البلد، فما أسهل اكتشاف الفرق بين بلاد القانون ، وبلاد الفوضى . كما أنَ السير في شارعٍ واحد يكفي ليحكم السائرون على حال البلد ، فالحكم بفوضى النظام يمكن مشاهدته بوضوح ، عندما يغتصب أصحاب الحوانيت الممر الخاص بالمشاة، ويغلقونه لعرض بضائعهم ، وما أكثر الذين لا يكتفون باغتصاب الرصيف ، بل يتمددون خارجا ليغتصبوا جزءا من الإسفلت المخصص للسيارات . مما يدفع المشاة إلى اقتسام الإسفلت مع السيارات .

يمكننا أيضا أن نعرف الفوضى من إنعدام نظافة المواطنين . عندما نمر في الشوارع ، فنرى أكوام القمامة في كل مكان، بينما حاويات القمامة فارغة , ونستطيع أيضا الحكم على انتفاء القوانين ، وجهل المواطنين وبدائيتهم، وغياب الحضارة والوعي ، عندما نقرأ يافطات الشوارع ، مثل:

يمكننا نتعرف على ضعف الانتماء الوطني ، وانتشار الكسل والعجز واللامبالاة ، عندما نراقب أمكنة النزهة لنرى مأساة الواقع ، وكآبته، فكل فردٍ يترك بقاياه في المكان الذي استضافه، غير عابئ بالآخرين، ومستهينا بأبسط مبادئ النظام والقانون، حتى ولو كانت حاويات القمامة تبعد عن مكان الجلوس مترا واحدا، أو أقلَّ .

يستطيعُ الزائر كذلك ، أن يكتشف زيف اللباس النظيف ، ومساحيق التجميل ، التي يضعها كثيرون على وجوههم، بعد أن يغتسلوا، ويخرجوا إلى الشارع، فما إن يسيروا بضع خطوات، حتى يشرعوا في البصاق، عن يمينٍ ويسار ، وما إن يبتاعوا المسليات، أو المبردات، حتى يشرعوا في مضغِ، ولحس ما اشتروه، وهم يسيرون، ويُلقُون بقاياهم، قذاراتٍ متنوعةً، تحت أقدامِ الماشين، في المكان المُضْطَهَد، المظلوم ، الشارعِ العام .

لن يخفى على الزائر الغريب أن يكتشف مرضا خطيرا ، وهو مرض الإزعاج، وإحداث الفزع في نفوس الأطفال، والنساء، والشيوخ، حينما يرى الزائر قوافل سيارات الأفراح تقطع الطرق في المناطق المكتظة بالناس ، وتتدلى منها أجساد أصحاب الفرح خارجة من شبابيك السيارات ، غير عابئة بحياتهم ، يغنون في الأفراح أغنية شعبيةً شاذة ، لا تليق بمناسبة الفرح: وَلَّعتْ , ولكي يُثبت أصحاب الفرح صدق التسمية ، فإنهم يشرعون في إلقاء قنابل ومتفجرات الألعاب ، على وقع المارش العسكري المزعج ، المصحوب بالمزامير المُنفرة، الباعثة في النفوس الرعشة والخوف ، والطبول الإفريقية البدائية، على وقع رقصة ولَّعتْ .

يُلقون القنابل بين أرجل الماشين ، وينتشون ، ويضحكون، على حالة الرعب التي تصيب الماشين من أصوات الانفجارات . هؤلاء المشاركون المرضى في هذه الطقوس البدائية ، يفسرون خوف الناس ، من أصوات الانفجارات، وهروبهم، وفزعهم، بأنه مشاركةٌ في مارش التوليع . وحتى يكتمل مشهد الإزعاج، فإنهم لا يبدؤون هذه الطقوس المرعبة باستخدام المتفجرات فقط ، ولكنهم يستأجرون قاصفات الآذان ، وهي مُضخمات الأصوات المُرعبة، المحمولة فوق سيارات نقلٍ، وهي خارقةٌ لطبلات آذان الصغار والكبار . وأخيرا: أليس عارا، أن يحتاج كل فرد واحد ، موظفين اثنين ، يَخدمانه طوال الوقت ، موظفاً، يُلزمُه بالقانون ، وآخر ، يلتقط قمامته ، وهو المناضل من أجل الحرية والانعتاق .