الجامعة العربية

مراجعة 19:40، 20 مارس 2007 بواسطة imported>Classic 971

الجامعة العربية عبارة عن مضرطة لم تقدم أية خدمات تذكر لشعوبها البائسة التي تعيش البؤس والفقر والتخلف خلال قرابة ستين عاماً من وجودها، وتحولت إلى رمز للتندر والسخرية، وللترهل، والبيروقراطية، والمحسوبية، والمحاصصة السياسية والاستزلام والاستتباع ، وتوزيع المناصب والمغانم والوظائف والأرباح ، وتحت رحمة هذا النظام الدموي والعشائري والعائلي أو ذاك . على عكس منظمة الاتحاد الأوروبي، التي رأت النور بعد الجامعة العربية، فقد أصبحت قوة سياسية واقتصادية كبرى، وجلبت معها الرفاهية والخير والعز والازدهار لشعوبها وألغت كل الحدود فيما بينها رغم أنها تتكون من عشرات القوميات والأعراق والإثنيات . من أهم إنجازات الجامعة العربية هو عقد مؤتمرات القمة العربية الذي أصبح مناسبة للذكرى بأنه موجود في مكان ما رغم أنه لم يفلح والحمد لله يوماً ما في أي شيء يخدم فيه قضايا الشعوب العربية على الإطلاق. وتتزامن مع كل مناسبة لبعثه إلى الوجود ومن غرفة الإنعاش تحركات دبلوماسية نشطة تجري على قدم وساق لإنجاحه . ومع كل تلك الرمزية الجوفاء، والتطبيل الإعلامي الصاخب، فقد أعلنت أكثر من دولة عن رفضها لحضور تلك المؤتمرات المهزلة.

يسود اعتقاد راسخ لدى الكثير من الأنظمة العربية بأنها تستمد شرعيتها وقوتها من عروبتها وانتمائها القومي فقط . واقع مؤلم وغير سار ذاك التي تعيشه الفكرة القومية التي انتهت إلى شكل مأساوي وكارثي والذي أثبت الواقع أنها غير كافية للم شمل العرب وتوحيدهم وأن هناك أشياء كثيرة تنقصهم غير الفكرة القومية لتوحيدهم ونشلهم من الحضيض الذي يعيشونه ، وليصبحوا أمماً محترمة وقابلة للحياة والاستمرار مثل باقي أمم وشعوب الأرض . لا يُعرف في الحقيقة لماذا يحاول النظام الرسمي العربي النفخ في مؤسسة القمة العربية وإعادتها للحياة وإعطائها كافة المنشطات والمقويات والصادات الحيوية بعد الإعلان الرسمي عن وفاتها في أكثر من مناسبة وبرغم أن جلسات مؤتمرات القمة قد تحولت وفي أكثر من مرة إلى مهاترات وإلى سيرك سياسي ضاحك تتبادل فيه الشتائم والاتهامات.

برغم أن عصر القوميات قد أفل وغاب مع اندثار الفاشيات القومية التي روعت أوروبا في منتصف القرن الماضي، ورغم أن الحقائق الديموغرافية الفاقعة تظهر أن هناك قوميات عدة في الشرق كما في المغرب العربي غير القومية العربية المصونة من العين والحسد ، تستوطن هذه الأرض الجدباء التي يطلق عليها بالعالم العربي ناهيك عن تلك الحقائق السياسية المرّة التي تؤكد يوماً بعد آخر وتجربة إثر أخرى على تشرذم العرب وتشتتهم وتآمرهم على بعضهم البعض أكثر من توحدهم واستحالة ائتلافهم على رأي جامع ولا حاجة للتذكير هنا بحالات الاستعداء العلنية والتنافر القائم بين المحاور والأقطاب العربية الرئيسية والذي لن تستطيع الاجتماعات البروتوكولية أن تدمله بتلك السرعة المرجوة.

إن من أولى بدهيات هذا الواقع السياسي الراهن ، أن النظام القومي العربي الرسمي القديم وبصورته التقليدية والذي قام بشكل رئيسي وانتعش على الكاريزما الخاصة لعرّاب الديكتاتورية العربية جمال عبد الناصر قد انتهى الآن ومات وصار في حكم الماضي والتاريخ ولم يعد له من وجود على الإطلاق . لقد تغيّرت الكثير من المعطيات اللوجستية والإقليمية والدولية التي كانت تكفل بقاءه وتعطيه في الآن المبرر والشرعية وأصبح هناك واقع جديد ومختلف كلياً عما ساد ويتطلب للتعامل معه أدوات وأفكار ورؤى مختلفة تماماً عما كان. فالمصالح والازدهار الاقتصادي والرفاه الاجتماعي فوق القوميات والأعراق وتتقدم اليوم على سواها من الاعتبارات. وأن هناك تجمعات وتروستات دولية اقتصادية لا يجمع بينها لا دين ولا عرق وقومية على الإطلاق ولا تتفاخر بانتمائها القومي العظيم بل تجمعها المصالح التجارية والأعمال، والربحية ورأس المال وهي تتحكم اليوم بمصائر المليارات من بني البشر . وعلى العكس من ذلك نرى العداوات المستفحلة والمستحكمة والحروب المستعرة بين بني الأعراب ممن يتفاخرون بالانتماء الواحد المقدس إلى عبد شمس ومناف، وكلهم يتفاخر بحسبه ونسبه إلى آل بيت النبي.

عشرات القرارات والمواقف التي أصدرتها مؤسسة القمة لم تساوِ في الحقيقة الحبر الذي كتبت به ولم يتم تنفيذ 10% مما اتفق عليه في مؤتمرات القمة العربية. بل على الضد من ذلك كان يتم الأخذ بعكس ما يتفق عليه. وكأن القمة كانت مناسبة فقط لكشف النوايا والتوجهات، وليتم بعد ذلك العمل بنقيضها وتسفيهها ووأدها في مهدها. تبدو محاولة البعض إحياء فكرة القومية العربية والنظام الرسمي العربي في ظل هذه المستجدات الضاغطة ضرباً من العبث وتجديفاً بعكس التيار ومحاولة يائسة للعودة إلى الوراء وإلى زمن لم تكن فيه كل هذه التناقضات والتباينات ظاهرة على السطح كما هي الآن . لقد انتهى، وولى وإلى الأبد عصر القوميات الذي استورده لنا غلاة قوميون بعد أن جرب وأثبت فشله في غير مكان من العالم وحل محله عصر الشعوب والتعولم والمصالح المشتركة التي تجمع الناس . وأن القرابة والنسب ورابطة الدم ودغدغة العواطف القومية البالية ليس كافياً البتة لبناء أوطان قوية وعزيزة والدليل على ذلك ما يعيشه العرب جميعاً وبشكل مزمن من ضعف وذل وقهقرى وخذلان وهوان.

الجامعة العربية

الأردن - الإمارات العربية المتحدة - البحرين - تونس - الجزائر - جزر القمر - جيبوتي - المملكة العربية السعودية - السودان - سوريا - الصومال - العراق - سلطنة عمان - فلسطين - قطر - الكويت - لبنان - ليبيا - مصر - المغرب - موريتانيا - اليمن