عهد التميمي

عهد التميمي (2001) تعرف في الجرائد السورية باسم ابنة عاشق الأسد ، تصوّر عادة من زوايا مختلفة وفي مشاهد طويلة وميلودرامية قياسا إلى غيرها , تظهر بشعر مضفور وعلم خفّاق وتعتدي على حفيد للقردة والخنازير حليم صبور رؤوف ، ترفسه تضربه كضرب الحبيب زبيب . عهد التميمي هي تشقير فلسطين السمراء وتأنيثها في إظهارا لمدى قوة تأثير الصورة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي للتنافس على تأويل الحدث الذي يخوضه الجانبان على الفيسبوك و تويتر . هذه الفتاة الشابة الشقراء ذات العيون الزرقاء بدون حجاب لا تتطابق والصورة التي لدى الغرب الكافر عن الفلسطينيين ، وبالتالي فإن إمكانية أن يتأثر بها الغربيون كبيرة جدا كأداة في يد الدعاية الفلسطينية من حيث تأجيج الصور العدائية لإسرائيل والدعاية الإسرائيلية من كون الجندي الإسرائيلي كريم رؤوف رحيم . قضية عهد التميمي ليست استثناء في طريقة تناول الإعلام الغربي لموضوع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ، فمن جهة هناك تنديد بالاستيطان وبسياسة الحكومة الإسرائيلية عموما بشأن عدم احترام القانون الدولي . ولكن في الوقت ذاته هناك رفض لاستعمال العنف من الجانب الفلسطيني في سبيل تحقيق أهداف التحرر الوطني ، حتى لو كانت تلك الأهداف مشروعة.

التحرير، يحتاج الى الجمال . نور ، ابنة عم عهد معتقلة ، لكنها سمراء ، ولا يعرفها أحد، ولا تناسب الكاميرا ، لو طلبت عن نور التميمي أو استبرق التميمي التي حكمت سنتين معلومات من غوغل الخؤون ، فسيبدي لك معلومات عهد التميمي ، لأن الإعلام يكيل بمكيال واحد هو مكيال التطفيف ، كفيلم "البطل" ، لدستن هوفمان ، والذي ينقذ فيه البطل الحقيقي ركاب طائرة محطمة، وينسى نعله، فيأخذه أحد المشردين، المحتالين، ويدّعي البطولة لنفسه، فيصير بطل الإعلام والصحافة، لأنه وسيم ويجيد الحديث. الكاميرا لها هوى آخر والصحافة الصفراء تكتب عناوين براقة مثل "شقراء تخيف الاحتلال"، و"البنت التي هزت الاحتلال بركلة".. الاحتلال ميت من الخوف يا أبا النور، إسرائيل لا تنام منذ أن ظهرت عهد التميمي، اليهود يروون لأطفالهم حكايات الرعب قبل النوم: ناموا وإلا جاءتكم الحلوة الشقراء عهد التميمي .

رأينا عهد في المحكمة ، ليس مثل الصبية روان قداح (1997) التي تعرضت للخطف من قبل عناصر الأمن العسكري في سوريا في 2012 أثناء عودتها من المدرسة . روان قداح كانت طالبة في الصف العاشر، تتلقى تعليمها في مدرسة ميسلون , أكثر من ثلاث سنوات قضتها روان القداح في سجون النظام السوري ليتم بعدها المقايضة عليها مقابل تسليم والدها لنفسه والذي كان أحد قيادات الجيش الحر المعارض في حوران . وبعد فشل المقايضات عمد نظام البعث إلى بث اعترافات على قنواته الإخبارية مجبرا روان القداح ابنة الستة عشر عاما حينها على سرد قصة لا أساس لها تتحدث عن الاستغلال الجنسي لها من قبل والدها التي قدمها فريسة سهلة لعناصر الجيش الحر تحت مسمى جهاد النكاح في سبيل الله

ظهرت عهد التميمي في ثياب أنيقة وشعر مضفور وتبتسم أو تكاد للكاميرا ،غير الخفية . المدونة السورية طل الملوحي (1991) كانت من جيلها ، وقضت ضعف مدتها ، ولا تزال مجهولة المصير في زنازين الأسد. هذا ليس تشكيكا بإخلاص عهد التميمي ، وأهلها لكن مكر المحتلين لتزول منه الجبال ، فنضال عهد التميمي يرضي معظم الأطراف الرسمية ومحطة العربية سعيدة بها. والميادين أكثر . عهد التميمي تطبيع جيد , فلسطينيون وإسرائيليون يتظاهرون تضامناً مع عهد التميمي والنشطاء على منصات التواصل اللاإجتماعي يقطعون العهد لعهد ، وليس لمروان البرغوثي ولا لسعدات ولا لفوزي جنيدي ، أنهم على العهد !