سرقة الأحذية في الجامع

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

سرقة الأحذية في الجامع ربنا يعوضك خيرا , هي ظاهرة البحث عن فردة الحذاء المفقود للسيندريلا بين المصلين الذين يصلون على العدّاد ويقومون بالإكثار من الذكر ، لا من التذكر والتدبر . تحدث السرقة بالرغم من وجود المؤذن الذي دستهدائرة المخابرات على المسجد ، يعتقد البعض ان العلاج يكمن في صنع صناديق لها أقفال يدّخر المصلي فيها نعله ويحفظ مفتاحه في جيبه ويصلي آمناً مطمئناً إلى أنه لن يعود حافياً أو بخفي حنين ، لكن المصلين يحتاجون إلى ألف صندوق وصندوق ! وميزانية المسجد التي يعود ريعها من وقف المتاجر التي بني فوقها تذهب إلى وزارة الأوقاف ، ولا يعلم أحد أين تصير حقاً ، لكن الذين عندهم علم من الكتاب يقسمون أن مدخرات الأوقاف تذهب إلى المخابرات المرابطين على ثغور أحلام الشعب . يعتقد البعض الآخر ان هناك حل أسهل، وهو كاميرات مراقبة ، فنحن في عصر الديجتال من النوع الصيني الرخيص بكلفة الرأسمال ، من غير ربح ، لكن وبعد فحص الصندوق الأسود ، رأى المصلون رجل سندريلا محتاراً في مهرجان الأحذية لكنه بدى حريصاً أو خجولاً فهو يحب أن يكون جندياً مجهولاً . لكن كانت هناك مشكلة أنهم لو عرفوه وأوقفوه وادعى أنه أخطأ في النعل من شدة التقوى ، فكيف سيكون موقفهم ، فهم يتهمون بريئاً سيستحقون الضرب بالنعال.

لا بد من حلٍ آخر هو حل : "مكتبة النعال" المذكور . وفعلاً دعا الإمام في خطبة الجمعة للتبرع من غير ذكر السبب ، فتحصّل على مبلغ أقنع أحد النجارين الأتقياء بتعهد صناديق للنعال بالتقسيط . وفعلاً ركبت الصناديق وباتت الصلاة معقدة مع الأقفال التي ذيلت لمفاتيحها لاحقاً لوحاتٍ أرقام، لكن السرقة لم تتوقف ، علما أن خمسة أحذية أسبوعياً لا تستدعي كل هذه التكاليف الباهظة والأقفال ، التي يمكن أن تتعطل وتحتاج إلى صيانة وتزييت ودان بروان .

في غرة شهر رمضان انشغل المصلون عن سرقة الأحذية بحرارة المصلى ، مع العلم أن الجو بارد في الخارج ، فالمصلون يملؤون الجامع بحمد الله في صلاة التراويح التي لا تتجاوز ثلاثة أرباع الساعة، فالإمام يداري المصلين الذين رجوا الامام الاكتفاء بآية واحدة أو ثلاث آيات عقب كل ركعة للحاق بمسلسل الفانتازيا التاريخية للإمام العلامة نجدت أنزور وفرسانه الجوارح ، الذين فتحوا الأندلس مرة ثانية ويقدم صورة جديدة للإسلام في تقوى ابن الوهاج ، لكن المصلين يعانون بشدة من حر الصيف الذي تؤازره حرارة الإيمان وأنفاس المصلين التقيّة والطاقة والسعرات الحرارية بعد إفطار دسم من يوم رمضاني طويل .

بدأ البحث عن حل في الدائرة الضيقة من أتقياء الحي في غفلة عن المؤذن المخبر ذي الصوت المنكر ، الذي غنى ذات مرة وهو سكران في المئذنة فلم يجدوا حلاً سوى تركيب آلات لصناعة النسيم العليل ، طبعاً كانت هناك حلول أخرى مثل الصلاة في باحة المسجد ، وهو حل محرم سياسيا ، ويعتبر من الكفر الوطني في بعض الدول الدكتاتورية لأن الدولة الموقرة ستقيم عليه الحد ، فالصلاة في باحة المسجد خلط للدين بالهواء المباشر وهذا لا يجوز وقد تمتد صفوف المصلين إلى الحارة والدين فيه حبات طلع تلقّح الأرواح والنفوس ، وسيكون خرقاً للدستور وكسراً لهيبة الدولة. كان ثمة حل ثالث هو فتح نوافذ المسجد العليا، لكن أحداً لم يشر إليه مع الواقع والكسل والتبلد أحياناً يطمس الله على قلوب المسلمين بالوراثة.

آلات صناعة الهواء البارد تلزمها ميزانية ضخمة، وأموال المسجد تذهب إلى معدة وزارة الأوقاف ، وأمعاء وزارة الأوقاف فيها موظفون كثيرون من كل الطوائف الكريمة ، باستثناء الهندوس ، ويوشك وزير الأوقاف أن يكون منها لولا عمامته وجبته . يتهم المسلمون بالتعصب ، مع أن أحداً من المؤرخين لم يذكر أن مسلماً كان عضواً في أخوية مسيحية ذات يوم . ما حصل أن الإمام الذي يعمل على العداد دعا عقب صلاة التراويح إلى التبرع في هذا الشهر الفضيل والحسنة بعشرة أمثالها، وأحيانا بألف ، أو بمليون ، والله يضاعف لمن يشاء لكن مشكلة المكيفات معقدة ، فالطاقة الكهربائية شحيحة في عموم البلاد المهم هو حل مشكلة الاتصال الخاشع بالله . نذكر أنّ الرجل السندريلا لا يزال يرحل المصلين حفاة إلى بيوتهم ، ويبيع المسروقات على إحدى البسطات بنصف السعر . الرجل السندريلا يعتقد أنه معذور ، فأمه وزوجته تحبان متابعة الداعية ابن الوهاج مع الموالح والمكسرات ، وأمه تعاني من أمراض الشيخوخة ، وتحتاج إلى أدوية يدفعها المصلون الحفاة من أخمص أقدامهم الدين لله والنعال لسندريلا.

ولأن الحياة تأتي بما لا يتوقعه الكهنة والعارفون ، فقد طرأت مشكلة جديدة ثالثة ، وهي آلات الاتصال الخلوي . صارت ترن في الصلاة كثيراً بعد هبوط سعر الخطوط لمكرٍ مكرته الشركة ، وتفسد خشوع المصلين. ومع أن الإمام من النوع العلماني سكند كلاس ويعمل على العدّاد ، فإنه يبدي حرصه عند بداية كل صلاة على ضرورة تذكير المصلّين بإغلاق تلفوناتهم مع الدعوة على اليهود والكافرين بالهزيمة وعلى نسائهم بالسبي ، وأطفالهم باليتم ، لكن دائماً ثمة متأخر أو مصلٍ ينسى ، ولأنه من النوع العلماني الجزئي حسب تصنيف عبد الوهاب المسيري ، فقد تنازل ، وبات يطالب المصلين بضرورة تغيير ألحان جوالاتهم ، إذ يمكنهم وضع رنات عادية بدلاً من رنات نانسي عجرم على البحر الرجز ، وصاحبة العشق الإلهي هيفاء وهبي على ساحل الرمل. لا يُحمد أن تخاطب الله ثم تتدخل نانسي على الخط : أخاصمك أه أسيبك لا.. ! وقد طلب الإمام مرة أن يجعلوها ابتهالات دينية وتكبيرات ، لكن بعض المتفقهين رأوا أنها حرام من غير دليل ديني أو جنائي بوليسي.

لم يجدوا حلاً ، فدعا الإمام إلى اجتماع مع الأتقياء في غيبة المؤذن الديك فاقترح أحد النابهين من تجار القطع الالكترونية أجهزة تحبط عمل الموبايل حال دخول المصلي المسجد ، فسرّ الإمام ، وحمد الله على نعمة العلم ، ووافق عليه مع أن سعره عالٍ جداً ، فالاتصال مع الله أولى بلهو الحديث ، ودعا عقب الصلاة إلى التبرع ، ولو كمفحص قطاة ، فتبرع المصلّون بما جادت به أنفسهم ، والحسنة بعشرة أمثالها وأحياناً بألف وبمليون ، فكيف إذا كان شهر رمضان ، الذي تصفد فيه شياطين الجن ، وتبقى فيه شيطانات الإنس طليقة ، وتسرح وتمرح وتبوس الواوا بوساً يقارب النهش والافتراس. كانت المفاجأة أنّ المؤذن المخبر علم بالخبر ، فأهل السنة ضعاف في فنّ الكتمان . حضرت المخابرات فوراً، وصادرت الجهاز لأنه ممنوع، ويعطل عملهم بالتنصت على الخونة والمندسين ، ولا طاعة لمخلوق في معصية المخابرات .

بعد سنواتِ وجد ملك الموت أرواحا أنضجتها شمس الحرية للحصاد ، وبات للبوط أنصاب وتماثيل وأزلام ، ووقع الرجل السندريلا في يد متظاهرين صاروا معارضة مسلحة ، واعترف بجرائم قتل متظاهرين ، وزاد بأن اعترف اعترافات لم يكره عليها مثل سرقة نعال المسجد، واتفق المتظاهرون سابقاً المسلحين حالياً، بعد مناقشات طويلة على مبادلته بأسرى ومخطوفين نساء وأطفال أما السندريلا فترحم على أمه، ووقر في خاطره قتلة شجرة الدر بالقبقاب ، لأنها ماتت مغصوصة بحبة فستق قذفها ابن الوهاج في حلقها، و هو لا يعرف أي جريمة هي الأكبر.. قتل الأم بالأحذية الفاخرة ، أم جندلة المتظاهرين أمواتاً بالرصاص الحي .