خالد بن الوليد

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
مراجعة 14:35، 15 يوليو 2020 بواسطة Adonis (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب'left|200px '''خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي''' ( 592 - 642) أحد قادة الجيو...')
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي ( 592 - 642) أحد قادة الجيوش القلائل في التاريخ الذين لم يهزموا في معركة طوال حياتهم، فهو لم يُهزم في أكثر من مائة معركة أمام قوات متفوقة عددياً، من الإمبراطورية الرومية البيزنطية والإمبراطورية الساسانية الفارسية وحلفائهم، بالإضافة إلى العديد من القبائل العربية الأخرى، كما اشتهر بانتصاراته الحاسمة في معارك اليمامة وأُليس والفراض، وتكتيكاته التي استخدمها في معركتي الولجة واليرموك. تزوج خالد من امرأة مالك بن نويرة لأنها أرملة غلبانة ومحتاجة زوج، فتطوع مشكورا لنكاحها، وما يذكره أنه كان يطمع بها كذب، وقصة طبخ رأس مالك ضعيفة السند . شخصية خالد المعتد بنفسه، والذي كان مستقلاً بعض الشيء، يوزع الغنائم ويعطي المنح دون الرجوع للخليفة أبي بكر، لم تكن تروق لعمر بن الخطاب ولم يكن لتلك الأمور أن تستمر في عهده، الذي اتسم بالشدة والمحاسبة الدقيقة مع ولاته وأمرائه.

منذ مرحلة الصبا، حين بدت علامات القوة على خالد وابن بنت عمه عمر، بدأ الصراع بينهما. اصطرع الصبيان فصرع خالد عمر وتغلب عليه وكسر ساقه حتى عرجت، كما أورد علي بن الحسن بن عساكر في كتابه مختصر تاريخ دمشق. وكانت "أم عمر" حنتمة بنت هاشم بن المغيرة ابنة عم خالد بن الوليد بن المغيرة، فهاشم شقيق الوليد، وفق ما ذكره المصعب بن عبد الله الزبيري في كتابه "نسب قريش". صراع الصبية كان مقدمة لصراع ممتد بين رجلين أصبحا عمودين رئيسيين في قريش. حين بدأت المعارك بين قريش والملسمين بعد الهجرة إلى المدينة، أثبت قدراته العسكرية كرجل حرب وحوّل هزيمة مكة في غزوة أحد إلى نصر على المسلمين بعد أن التف بقطعة من الجيش خلف جبل أحد وحاصر المسلمين مستغلاً نزول الرماة لجمع الغنائم. وأصيب النبي في أسنانه وشُقت شفته بعد حصار جيش مكة له، كما أورد محمد بن جرير الطبري في تاريخ الرسل والملوك.

عمر و خالد

بعد وفاة النبي محمد، شن أبو بكر حرباً ضد القبائل التي منعت الزكاة، وكان عمر بن الخطاب، الرجل الثاني في الدولة، معارضاً لها، ورفض قتال كل من "قال لا إله إلا الله" حتى لو منعوا الزكاة. لكن أبا بكر أصر رافعاً شعار "والله لو منعوني عناقاً، يقصد ماعزاً صغيراً، كانوا يؤدونها لرسول الله لقاتلتهم على منعها"، كما رود في صحيح البخاري. واختار لتلك المهمة الفارس الأول خالد بن الوليد. انتقل اعتراض عمر على حروب الردة إلى اعتراض على أداء خالد بن الوليد في قيادتها، وتعامله مع القبائل المرتدة. فحين وصلت حملة خالد إلى قبيلة بني سليم، قاتلهم حتى انتصر عليهم وأسر منهم وقتل عدداً من الأسرى وأحرق بعضهم بالنار حتى الموت.

غضب عمر عندما وصلت الأخبار إلى المدينة، وقال لأبي بكر

بعثت رجلاً يعذّب بعذاب الله

وحين وصل قطار حروب الردة بقيادة خالد إلى بني تميم أرسل أمراؤهم يعلنون الطاعة عدا أحدهم يدعى مالك بن نويرة، فأسره خالد وعاتبه على منعه الزكاه قائلاً: "ألم تعلم أنها قرينة الصلاة؟!" فأجابه ابن نويرة: "إن صاحبكم (يقصد النبي محمد) كان يزعم ذلك"، وهنا غضب خالد وأمر بقطع رأسه قائلاً: "أهو صاحبنا وليس صاحبك؟!". وبعد ضرب عنقه، وضع رأسه في قدر على النار وأكل منها، "ليرهب الأعراب من المرتدة وغيرهم"، كما جاء في المصادر التاريخية، وتزوج خالد بعد ذلك أرملة مالك، كما يروي إسماعيل بن كثير في "البداية والنهاية".

استمر عمر بن الخطاب في التحريض على خالد، ويحرض أبو بكر ويزمره على عزل خالد عن الأمرة حتى بعث الصديق إلى خالد بن الوليد فقدم عليه المدينة. وكان هذا الاستدعاء فرصة عمر كي يضع حداً لـتجاوزات خالد التي لم يعد يحتملها، وكان يقول: "عدا عدو الله على امرئ مسلم فقتله، ونزا على امرأته"، كما ذكر ابن عساكر. وصل خالد إلى المدينة، ودخل المسجد معتمراً عمامة غرز فيها أسهماً، متفاخراً بانتصاراته، فقام إليه عمر ونزع الأسهم عن عمامته، وقال له: "قتلت مسلماً، ثم نزوت على امرأته، والله لأرجمنك"، فلم يرد عليه خالد أو يمنعه اعتقاداً منه أن الخليفة أبي بكر على نفس موقف عمر. إلا أنه عندما التقى الخليفة واعتذر إليه، عذره وسامحه، فخرج ابن الوليد وقابل عمر وقال له: "هلم إليّ يا ابن أم سلمة"، فأدرك عمر أن خالد نال رضا أبي بكر فلم يرد عليه، كما ورد في الكامل في التاريخ لعلي بن محمد الشيباني المعروف بـ"ابن الأثير". لم تتوقف المشاحنات بين الرجلين.

حادثة امرأة مالك بن نويرة

كتب التراث تشهد بأن الصحابة أدانوا هذا العمل، بمن فيهم أبي بكر نفسه الذي دفع دية مالك بن نويرة ورد السبايا والمال المغتصب، والدية على المرتد لا تجوز، مما يعني أن مالكا لم يكن مرتداً في نَظر أبي بكر .لو كان ما فعله خالد فرية ما غضب عمر بن الخطاب وطلب عزله وإقامة حد الزنا على خالد، لكن الصحابي أبي بكر قال أن خالد أخطأ متأولا واكتفى بالدية لأهل مالك . لو كانت فرية ما أشعر الشاعر أبو نمير السعدي تلك الأبيات الشهيرة التي ذكرها الذهبي وأبي الفداء في تاريخهم:

قضى خالد بغياً عليه بعرسه وكان له فيها هوى قبل ذلك
فأمضى هواه خالد غير عاطف عنان الهوى عنها ولا متمالك
فأصبح ذا أهل وأصبح مالك إِلى غير أهل هالكاً في الهوالك

مما يعني أننا أمام جريمة متكاملة الأركان لا يمكن نفيها أو تأويلها، أولا: لشهرتها وتعدد القرائن عليها في كتب الحديث، ثانيا: لعدم وجود نفي وإجماع على إنكار ما حدث، وبالتالي فمنطقيا هي حادثة تاريخية جائز أن نحاكمها بمعايير زمانها لا بمعايير حقوق الإنسان الحديثة، فالمجتمع في هذا الوقت رفضها وتسببت هي وغيرها في عزل خالد عن الجيش وإنهاء مسيرته العسكرية ووفاته بعدها ب 6 سنوات عن عمر 51 عاما كمَدا وعزله على فراشه وهو لم يبلغ العَجَز بعد.

ومع ذلك فالمسلسلات التلفزيونية عن هذا الصحابي الغازي ومؤلفه ومخرجه لن يكتبوها ليس لأنها جريمة متكاملة الأركان تسقط من شخصية صحابي جليل كما يصفوه، لكن ولأن هذا المشهد غير مصرح به في التلفزيون لتشابهه مع ما فعلته داعش مع معاذ الكساسبة. أن تعظيم هذه الشخصية سيؤدي إلى تعظيم سيرتها وتبرير الحادثة وإحياء كلام من دافع عنها في التراث وسنجد أنفسنا نُعظّم أفعال داعش دون أن ندري..ما بالك وأن محور وطبيعة الشخصية هي جهادية غازية في وقت نستنكر فيه جميعا ثقافة الغزو والسلب لتعلقها بالإرهاب والتكفير والعنف على الرأي.

العزل

بعد نهاية معارك اليرموك، لم يمر كثير من الوقت حتى وقع الصدام شبه الحتمي بين الخليفة الجديد عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد. ففي أيام خلافته الأولى، بلغ عمر أن خالداً منح رجلاً يُدعى الأشعث بن قيس 10 آلاف درهم، فكتب عمر إلى أبي عبيدة بن الجراح، أحد كبار الصحابة وأحد القادة في الشام تحت إمرة خالد، يطلب إليه أن يستدعي خالداً، ويقيده بعمامته وينزع عنه قلنسوته ، ويستجوبه عن مصدر المال الذي منحه للأشعث، أمِن ماله أم من غارة أغارها على الروم دون علم الخليفة؟ وذكر عمر في رسالته أنه إن كان من ماله فقد "أسرف" خالد، وإن كانت من غارة قام بها على الروم في الشام دون علم الخليفة فقد اعترف بخيانته، وأمر أبي عبيدة أن يعزل خالد في الحالتين ويقاسمه ماله، كما يروي ابن عساكر في "مختصر تاريخ دمشق". وكانت مكانة أبي عبيدة في الإسلام كصحابي كبير لقّبه النبي بـأمين الأمة تتيح له أن يقوم بذلك مع خالد. وجاءت أقوال خالد في تلك المحاكمة أن المال الذي منحه للأشعث كان من ماله. وبالفعل عزله أبي عبيدة وقاسمه ماله حتى لم يبقَ إلا نعليه، فأعطاه خالد أحدهما، امتثالاً لأوامر الخليفة بحذافيرها.