النكتة
التكتة هي عمل درامي مستقل بذاته له تركيبة أدبية مضغوطة ومكثفة , إفراز ساخر لأزمات الدول والثقافات . المجتمعات المتشكلة الناضجة هي التي تسخر من جراحاتها و تبتسم في وجه أزماتها . لا أحد يعرف كيف تكتب النكتة أصلا، ولا أحد يعرف من أين تأتي , تظهر في حالات الضغط الاجتماعي الكبيرة أو الإحساس بالقهر ، وتختفي في حالات الإجهاد الاجتماعي وفي حالات غياب التسامح وزيادة العصبية الجماعية . في بدايات هذا القرن كان بإمكان النكتة ان تمس طائفة بعينها أو فئة اجتماعية بعينها بدون ان تنزعج هذه الفئة أو الطائفة بشكل عصبي جماعي ، أو كانت على الأقل تتعامل مع سخطها بشكل موضوعي , أما في الوقت الحالي فيكفي أن تتعرض بنكتة لأي فئة حتى تنبري هذا الفئة بطريقة قبلية حماسية للدفاع عن نفسها حتى لو لم تكن النكتة تمسهم بشكل مباشر.
![](http://static.miraheze.org/beidipediawiki/thumb/b/b1/Iraqi_kids.jpg/250px-Iraqi_kids.jpg)
النكات في الوطن العربي و الإسلامي يجب ان تكون من فصيلة خاصة مطهرة من المشاكل والزعل ، تماما مثل افتتاحيات معظم الجرائد الرسمية العربية . لا يجوز ان تتعرض لأي دين او تمس أي طائفة . لا يجوز ان تجري على حساب المرأة وهي المسؤولة عن طبخ الديك الرومي , ولا على حساب الأطفال وبيدهم كل هذه الهدايا من بنادق و رشاشات وطبول وأبواق ، ولا تمس اسرائيل بشيء فتتهم الشركة بمعاداة السامية .
منذ التسعينيات أصبحت السعودية مصدرا للنكتة ومنتجا لها بعد ان ضلت لعقود طويلة تستورد النكتة المصرية والعراقية وتحورها بإضافة بعض البهارات السعودية اليه . بالنسبة لللاموسوعة فإنها تستند على حكم النكتة في الإسلام كما يراها شيخ الإسلام ابن تيمية حيث يعرف النكتة بأنها:
” | شيء من قول أو فعل يقصد به غالبًا الضحك وإدخال السرور على النفس ، وينظر في حكمها إلى القصد منها وإلى أسلوبها ، فإن كان المقصود بها استهزاء أو تحقيرا مثلاً ، أو كان في أسلوبها كذِب مثلا كانت ممنوعة ، وإلا فلا وهي تلتقي مع المزاح في المعنى ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمزَح ولا يقول إلا حقًّا ومن حوادثه أن رجلاً قال له : احملني على بعير ، فقال " بل نحملك على ابن البعير" فقال : ما أصنع به ؟ إنه لا يحملني ، فقال صلّى الله عليه وسلم :" ما من بعير إلا وهو ابن بعير" رواه أبو داود والترمذي وصححه . "الأذكار للنووي ص322 " وقيل إن السائل امرأة | “ |
[1] . على عكس الرسول كان عمر بن الخطاب كارها للنكتة فقال فيه "من كثر ضحكه قلتْ هيبته ، ومن مزح استُخفّ به" وقال فيه عمر بن عبد العزيز : اتقوا الله وإياكم والمزاح ، فإنّه يورث الضغينة ويجر إلى القبيح .
العالم من حولنا لا يعرض نفسه لنا في وضوح لكي نتبين تفاصيله فنبعد عن القبيح فيه ونخطو في اتجاه الجميل ، ذلك لأن القبح فيه قادر على إخفاء نفسه بعيداً من أبصار البشر تحت طبقات كثيفة من الأكاذيب والشعارات والملصقات المزخرفة . وللتعرف على هذا القبح والإمساك به وعرضه على الناس في وضح النهار، يتطلب الأمر قوة خاصة ، قوة خارقة قادرة وبسرعة مذهلة على اختراق طبقات الزيف للوصول إلى القبح والقبض عليه وعرضه على أولي الألباب . هذه القوة هي النكتة , قوة كاشفة وبوصلة تتجه دائماً إلى الحقيقة ، حقيقة عيوب النفس البشرية وآليات الخلل في تفكير أصحاب هذه العيب|العيوب .