الممر (فيلم)

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الممر
اخراج
شريف عرفة
سنة الإنتاج
2019
قصة
شريف عرفة
بطولة
أحمد عز • إياد نصار • أحمد فلوكس • أحمد رزق • محمد فراج • أحمد صلاح حسني
اللغة
العربية

الممر فيلم ركيك سطحى وعبث وهراء ، وأضخم إنتاج فني في تاريخ مصر المحروسة، تخطى الـ 100 مليون جنيه، وقصته وإخراجه للمبدع شريف عرفه . كافة الأعمال الفنية التي دارت حول الفترة من عام 1967 حتى 1973 ، وقيل عنها أنها هابطة ، أو دون المستوى ، تجدها أرفع وأرقى ، من تلك الملحمة المزعومة (فيلم الممر)، وفي عجالة سنشير إلى بعض من السم الذي دس في العسل المغشوش، هذا إن كان الفيلم إرتقى ليشبه العسل , فمن بين كل الأفلام التي شاهدناها للمخرج شريف عرفه، كان فيلم "الممر" هو الأسوأ في تاريخه، فالرجل لم يوفق في إختيار البطل أحمد عز ، الذي لا يملك أي ملكات فنية أو تمثيلية ، فقد ظهر ضابط الصاعقة بنفس شخصيتة في فيلم ملاكي إسكندرية، أو فيلم مسجون ترنزيت ، إنه ممثل فقير فنياً ، لم يضفى على شخصية بطل الممر أي علامة .

فيلم "الممر يروي قصة الحرب السابقة على حرب أكتوبر المجيدة، وهي حرب الاستنزاف. وهو الفيلم الذي يعد السيسي المنتج له، ويعد باكورة استحواذ الجيش على المجال الفني، ليكون القرار العسكري بإحالة عادل إمام للتقاعد، وإنتاج نجم جديد للمرحلة، هو محمد رمضان، تماشياً مع التحولات الكبرى في عقيدة القيادات العسكرية، وفي المرحلة التي بدأت على اليدين المباركتين للمشير محمد حسين طنطاوي، وفي عهده تم استدعاء الفنان تامر حسني للغناء في احتفال الجيش بانتصار أكتوبر في إحدى السنوات، وبعد اتهامه بالتهرب من أداء الخدمة العسكرية، وتزوير شهادة تفيد بأدائها ! .

ولأن عبد الفتاح السيسي هو صفر اليدين في ساحات الوغى وميادين القتال، فإنه يتصرف على أنه الوريث الشرعي لكل حروب الجيش، عدا حرب سنة 1967، فالانتصار له ألف أب والهزيمة لا أب لها. ومن هنا جاءت إشادة السيسي بفيلم الممر، وطالب بفيلم كل ستة شهور. وإذ تقمص المذكور دور البطل في انتصارات الجيش المصري وحروبه، فقد تقمص الممثل الشاب أحمد فلوكس دور الضابط الشهيد، وعاش اللحظة ، وذهب بصفته الشهيد إلى المدارس والمنتديات، متحدثا عن دوره، وعن لحظة استشهاده دفاعاً عن الوطن، ولا ينسى أن يهدي نضاله لأبي الشهداء عبد الفتاح السيسي .

من أخطاء المخرج إختيار مجموعة من الممثلين قد تجاوزوا الأربعين ، أو شارفوا عليها، ليؤدوا أدواراً لجنود لا تتجاوز أعمارهم الـ 23 عاماً فقط، وزاد الأمر سوءً عدم وجود ماكيير قادر على إزالة آثار العمر لهؤلاء. أما عن المشاهد العسكرية ، فقد بدت من أول وهلة أنها مشاهد لعمل يفتقر الفن، والإخراج، والإبداع، والفارق بينها وبين هوليود أو بوليود ، كالفارق بين النمر السيبيري والقط ، فما تعلمناه على سبيل المثال أثناء تأديتنا للخدمة العسكرية ، أننا إن أردنا المباغتة ، فإننا نقترب زاحفين حتى لا يرانا أحد ، لا أن نخرج على مسلحين في وضح النهار ماشياً ، أو حتى في ظلمة الليل ، كما كانت مشاهد تبادل إطلاق النار تمثيلية ، ولم يستطع المخرج أن يدخل بمشاعر المشاهد في لب الصراع الدموي.

أما عن الموسيقى التصويرية ، فقد كانت ركيكة للغاية ، وغير مناسبة لمشاهد الفيلم ، فلم تكن أخاذة للقلوب ، فلا هي بالحماسية ، أو المؤثرة عاطفياً سلباً أو إيجاباً ، وتبدو كما لو أنها صنعت على عجل . أما عن السموم التي دست في العسل المغشوش، والذي ليس بعسل، بل هكذا صوره مروجوه ، فكانت من خلال تحطيم قييم زرعت في المصريين سابقاً، وإليكم البعض، وليس الكل من خلال عدد من المشاهد :

  • تعمد الفيلم إظهار فشل القيادة السياسية المصرية، وتسببها في نكسة 1967، بشكل ساخر ، غير موضوعي.
  • تعمد الفيلم إظهار فشل القيادة العسكرية بجدارة قبل النكسة ، بشكل ينم عن فساد لم يتم شرح جوانبه.
  • أظهر الفيلم عدم مساندة الشعب للجيش وقتها ، بل وأظهر للجميع أن الشعب كان يستهزأ بجيشه المهزوم.
  • كان مشهد المشاجرة في السنترال مسيئاً للمصريين ، وجيشهم بشدة ، وكان من الممكن الإستعاضة عنه بإظهار نيران الإنتقام ، مما يتم تداوله في الصحافة العالمية ، أو أية أفكار أخرى لا تمس العلاقة بين الشعب وجيشه.
  • تم تصوير بطل الفيلم أنه ضابط يخالف رأي قادته متى رأى ذلك !، علماً بأن السمع والطاعة عقيدتان لا تقبل الجدل في أي عسكرية أياً ما كانت.
  • أساء الفيلم للجيش بأن أظهر طريقة تعامل أفراده العنيفة مع الضابط الإسرائيلي الأسير ، قد كانت سقطة كبيرة ، وزاد الأمر سوءاً ، أن الضابط الإسرائيلي كان يُذكر قوات الجيش المصري بأنه أسير ، ويذكرهم بإتفاقية جنيف ، لكن ومع هذا تعمد المصريون إهانة وتعذيب الأسير ، بما يخالف القانون.
  • أما عن مشاهد الخيال الواسع فقد كانت عديدة ، سواء في إنزال القوات ، أو طرق إتصالاتهم بالقيادة ، أو حتى أسر الضابط الإسرائيلي ، أو ..... إلخ.
  • من المشاهد المؤلمة حقاً في هذا الفيلم ، الإساءة المتعمدة إلى الصحفيين المصريين :فقد تم تصوير الصحفيين في أكثر من موقع ، على أنهم لا يكتبون إلا ما يملى عليهم ، علماً بأن مصر تذخر بصحفيين ذاقوا العذاب بكافة أشكاله ، نظراً لعدم قبولهم بالحيدة عن كلمة الحق. كما تم تصوير الصحفيين بأنهم رفضوا المشاركة في أداء المهمة الوطنية، بإستثناء صحفي واحد متخصص بأخبار الملاهي الليلية، فهل يليق أمر كهذا بالصحفيين، وبنقابة عريقة كنقابة الصحفيين .
  • من المشاهد التي لم يكن صناع الفيلم في حاجة إليها ، لأنها لا تضفي علامات ، بل تسيئ فيما بين طوائف الشعب ، تلك التي سعت للتأكيد على وجود غربة فيما بين مكونات أبناء الوطن الواحد مثل : الإصرار على إظهار الغربة فيما بين أهل النوبة والشعب (مشهد الحوار بين الفنان أمير صلاح، والفنان محمد فراج)، لدرجة أن إبن النوبة قد هرب من ميدان المعركة. الإصرار على إظهار الغربة فيما بين البدو وأهالي الصعيد عن باقي الشعب، وأنهم لا يجتمعون إلا في المعارك. كما لم يظهر جندي مسيحي واحد في الفيلم، علماً بأن العمليات والمهمات العسكرية لم تخلوا منهم أبداً.

السيناريو المهزوز[عدل | عدل المصدر]

بتأثير من آلام الضرب المبرّح، يقول الضابط الإسرائيلي (يؤدي دوره الأردني إياد نصار) لغريمه المصري: "اقتلني". لكن الضابط المصري نور (أحمد عز) يرفض العرض: "لو قتلتك يبقى باريّحك، اللي يتعبك إني آخدك معايا (مصر)". كان المفترض أن يشير رد الضابط المصري إلى أن الإذلال الحقيقي للضابط الإسرائيلي لا يتأتى بقتله في ساحة المعركة، بل بأخذه أسيراً عبر قناة السويس إلى القاهرة، لكن صياغة الجملة على هذا النحو الهشّ في فيلم "الممر": "لو قتلتك أريحك، أنا هاخدك مصر" جعلها كوميدية تقريباً، فقد بدت كأنها إشارة تسخر من الحياة في مصر التي وفقاً لتلك الصياغة أصبحت عقاباً أسوأ من القتل .

ربما يعود سر هشاشة الحوار إلى الاختيار الغامض للشاعر الغنائي أمير طعيمة ليقوم بالكتابة. وطعيمة من أبرز الشعراء الغنائيين المصريين، كتب لعمرو دياب وتامر حسني وشيرين عبد الوهاب وأنغام، بل حتى لوردة الجزائرية ورجاء بلمليح قبل رحيلهما. أما كتابته لسيناريو وحوار الممر، بالاشتراك مع المخرج شريف عرفة، فهي التجربة الأولى له على الإطلاق، وهو اختيار إنتاجي غريب ومغامر لفيلم كلفته 100 مليون جنيه مصري. النتيجة المؤسفة لم تكن فقط الجُمل الحوارية الهشة التي تصلح للسخرية مثل العبارة أعلاه، لكن الأسف الأكبر هو غياب أي تأثير لـ"الشاعر" في حوار الفيلم. غياب العبارة المبتكرة، أو التشبيه البليغ، أو حتى الحوار الرقيق. على العكس، حفلت حوارات الشخصيات بالكليشيهات والتشبيهات المكرورة، مع الكثير من "يا رجالة" و"الماتش لسة ما خلصش".

غير أن عدم اختيار كاتب سيناريو محترف لفيلم وطني بهذا الحجم، لم يكن سوى إحدى الفرص الضائعة العديدة في فيلم "الممر". فقد خاضت مصر خمس حروب كبرى ضد إسرائيل، خلال 25 عاماً بين 1948 و1973 (النكبة، العدوان الثلاثي، النكسة، الاستنزاف ثم حرب أكتوبر)، ما يعني أن ثمة آلاف القصص لبطولات حقيقية تنتظر من يرويها على الشاشة. قصص ذات تفاصيل غنية لأنها بنت الواقع تحفل بها كتب الحرب ومذكرات المحاربين. وبدلاً من اختيار إحداها، استغلالاً لفرصة توافر إنتاج ضخم كما هي الحال في "الممر"، فضّل صنّاع الفيلم اختراع قصة خيالية عن تحرير أسرى مصريين من داخل معسكر إسرائيلي في سيناء، خلال حرب الاستنزاف علماً أن الإسرائيليين لم يحتفظوا أبداً بأسرى مصريين داخل سيناء نفسها، بل تخلصوا من بعضهم بالقتل، ونقلوا الآخرين إلى داخل إسرائيل.

بكلفة إنتاجه الضخم غير المسبوق في السينما المصرية، والدعم الكبير من الدولة، وتاريخ الجمهور المصري في إنجاح الأعمال الوطنية، كان يمكن لـ"الممرّ" أن يحقق أفضل من احتلال المركز الرابع في قائمة أعلى الأفلام دخلاً في السينما المصرية. فرغم تقدم مركزه في الإيرادات، إلا أنها لا تزال أقل من كلفة إنتاجه بحوالى الرّبع، ويعني ذلك أنه قد خسر عملياً في الصالات، 25 مليون جنيه مصري، وهو مبلغ يكفي لإنتاج فيلم بأكمله، فيلم لا يهدر فرصة أن يعلن عن نفسه بالعبارة السحرية "مقتبس عن قصة حقيقية".

أفضل مشاهد الفيلم[عدل | عدل المصدر]

  • مشهد الفنانة هند صبري، عندما أرادت أن ترفع عن كاهل زوجها عار الهزيمة ، فذكرت له قصة الكابوس.
  • مشهد الفنان محمد فراج، وهو يشرح لقائده سبب إطلاقه للنيران على طائرات العدو من دون ساتر يحميه.
  • مشهد الفنان أحمد صلاح حسني، أثناء تدريبه لرجاله قبل بدء المهمة.
  • مشهد الفنان إياد نصار، أثناء لقاءه الأول بالأسرى المصريين، ثم حواره مع بطل الفيلم بعد أسره.

أصحاب أفضل المشاهد الأربعة كانوا هم الأعلى في الأداء فناً وتمثيلاً ، أما البقية فنتمنى لهم مستقبل أفضل من فيلم الممر التي لم نجد مشاهد الفيلم المتتالية جذابة لنتابعه، وإنما تابعناه بسبب الضجة الإعلامية التي صاحبت عرضه خلال إحتفلات أكتوبر 2019. فنحن أمام فيلم فاشل بدرجة إمتياز ، والحقيقة أنني تحدثنا عن بعض الجوانب، ولم نستكمل السرد الكامل لأن السطور لن تكفي لنقد الفيلم الذي سقط فنياً في كل شيء. التقييم الفنى 1 على 10 وهو دليل آخر على أن تدخل العسكر فى العمل المدنى يُهدر المال ويفقده جماله ورونقه.