الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الكهرباء في العراق»

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
تمت إضافة المحتوى تم حذف المحتوى
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر 8: سطر 8:
قال عيسى بن هشام : فشهدت شواهد حاله , على صدق ما قاله . ثم قال الشيخ : تشوينا حرارة الصيف . وننام في الليل على الرصيف . وتكوينا الشمس اللاهبة , ويزعجنا ضجيج المولدات الصاخبة. وتحرقنا [[عواصف ترابية|الرياح اللافحة]] . ونتبرد ب مياه [[طز|المالحة]]. حتى تيبست جلودنا , وضعف عودنا , وتبدد صمودنا . فمصيبتنا أطول من أن تحد , وأكثر من أن تعد . فاستعنا بالصبر وال[[دعاء]], والعويل و[[البكاء]] , على ما فعلته بنا [[الكهرباء]]. وها نحن نرضع من الوعود [[ثدي]] عقيم, ونركب من الأمل ظهر بهيم. فهل من كريم يجلو آثار هذا ال[[كابوس]] , ويزيح عن كاهلنا قيود النحوس . ويعيد [[سعادة|البهجة]] إلى النفوس .
قال عيسى بن هشام : فشهدت شواهد حاله , على صدق ما قاله . ثم قال الشيخ : تشوينا حرارة الصيف . وننام في الليل على الرصيف . وتكوينا الشمس اللاهبة , ويزعجنا ضجيج المولدات الصاخبة. وتحرقنا [[عواصف ترابية|الرياح اللافحة]] . ونتبرد ب مياه [[طز|المالحة]]. حتى تيبست جلودنا , وضعف عودنا , وتبدد صمودنا . فمصيبتنا أطول من أن تحد , وأكثر من أن تعد . فاستعنا بالصبر وال[[دعاء]], والعويل و[[البكاء]] , على ما فعلته بنا [[الكهرباء]]. وها نحن نرضع من الوعود [[ثدي]] عقيم, ونركب من الأمل ظهر بهيم. فهل من كريم يجلو آثار هذا ال[[كابوس]] , ويزيح عن كاهلنا قيود النحوس . ويعيد [[سعادة|البهجة]] إلى النفوس .


قال عيسى بن هشام : فأشفقت على [[الرجل]] , وحملت معه المولدة على عجل . ثم اشتريت له جليكانا من النوع المتين , لكي يستعين به في حفظ البنزين , وتخزين الوقود والكيروسين . فلما وصلنا إلى داره , وأسدل علينا الليل ستاره . فرش الشيخ بساطه , ومد سماطه . وتناولنا العشاء في [[كهرباء|الظلام الدامس]] . وتحسسنا أصناف الطعام كذوات اللوامس . ثم استلقينا في العراء , وانشغلنا بمراقبة نجوم السماء. واشتد اللهيب المحموم, وهبت علينا [[عواصف ترابية|رياح السموم]] . فولينا ظهورنا [[الأرض]] , و[[عين|عيوننا]] لا يملكها غمض . نتقلب ذات اليمين وذات الشمال , حتى قضينا وطرا على هذا الحال . فامسك الشيخ بالمهفة, وهو ينتظر عودة [[الكهرباء]] بلهفة. ثم راح يناجي مهفته, ليسلي من عنده. فأنشأ يقول :
قال عيسى بن هشام : فأشفقت على [[الرجل]] , وحملت معه المولدة على عجل . ثم اشتريت له جليكانا من النوع المتين , لكي يستعين به في حفظ البنزين , وتخزين الوقود والكيروسين . فلما وصلنا إلى [[بيت|داره]] , وأسدل علينا الليل ستاره . فرش الشيخ بساطه , ومد سماطه . وتناولنا العشاء في [[كهرباء|الظلام الدامس]] . وتحسسنا أصناف الطعام كذوات اللوامس . ثم استلقينا في العراء , وانشغلنا بمراقبة نجوم السماء. واشتد اللهيب المحموم, وهبت علينا [[عواصف ترابية|رياح السموم]] . فولينا ظهورنا [[الأرض]] , و[[عين|عيوننا]] لا يملكها غمض . نتقلب ذات اليمين وذات الشمال , حتى قضينا وطرا على هذا الحال . فامسك الشيخ بالمهفة, وهو ينتظر عودة [[الكهرباء]] بلهفة. ثم راح يناجي مهفته, ليسلي من عنده. فأنشأ يقول :


{{قصيدة|ومحبوبة في القيض لم تخل من يد
{{قصيدة|ومحبوبة في القيض لم تخل من يد
سطر 14: سطر 14:
{{قصيدة|إذا ما الهوى المقصور هيج عاشقا|أتت بالهوى الممدود من كل جانب}}
{{قصيدة|إذا ما الهوى المقصور هيج عاشقا|أتت بالهوى الممدود من كل جانب}}


قال عيسى بن هشام : فقلت كان [[الله]] في عونكم يا شيخ . فنظر إليّ نظرة مكسورة , وذرف دمعة مستورة . وقال : لو فتشت خارج [[العراق]] , وجبت الثغور والآفاق . و[[خميعة|البدو]] والحضر, وتميم ومضر , و[[موريتانيا]] و[[قطر]] , و[[سلطنة عمان|عمان]] و[[مصر]] . لم تجد فيها قرية بلا [[كهرباء]], وليس فيها من يعاني من سموم العقرباء. فنحن نعيش في العصر الجلكاني , ويصعب حالنا على القاصي والداني . هذا ونحن أكثر [[الإنسان|الناس]] بترولا و[[نفط]]ا, وطاقة ووقودا, وأرصدة و[[دولار|نقودا]] . أنهارنا عجب , وأرضنا الذهب . أولها الرطب , وأوسطها العنب , وآخرها القصب . فجعجع بنا الدهر إلى ذل [[الكهرباء]], وتراكم المولدات بالفناء. ومد الأسلاك في العراء.
قال عيسى بن هشام : فقلت كان [[الله]] في عونكم يا شيخ . فنظر إليّ نظرة مكسورة , وذرف [[بكاء|دمعة]] مستورة . وقال : لو فتشت خارج [[العراق]] , وجبت الثغور والآفاق . و[[خميعة|البدو]] والحضر, وتميم ومضر , و[[موريتانيا]] و[[قطر]] , و[[سلطنة عمان|عمان]] و[[مصر]] . لم تجد فيها قرية بلا [[كهرباء]], وليس فيها من يعاني من سموم العقرباء. فنحن نعيش في العصر الجلكاني , ويصعب حالنا على القاصي والداني . هذا ونحن أكثر [[الإنسان|الناس]] بترولا و[[نفط]]ا, وطاقة ووقودا, وأرصدة و[[دولار|نقودا]] . أنهارنا عجب , وأرضنا الذهب . أولها الرطب , وأوسطها العنب , وآخرها القصب . فجعجع بنا الدهر إلى ذل [[الكهرباء]], وتراكم المولدات بالفناء. ومد الأسلاك في العراء.


قال عيسى بن هشام : فلما انتضى نصل الصباح , وبرز جيش المصباح . تركت ميسان في هذه الظروف الكأداء, والعيشة الضنكاء, وقررت الكف عن [[بيضيبيديا|النقد والهجاء]] , ومشاركتهم في معالجة مشاكل [[الكهرباء]]. فحبذا لو تضافرت الجهود. وحبذا لو أوفت وزارة الكهرباء بالعهود . والتزمت بالوعود . واندفعت نحو المحمود. وتجاوزت القيود . لتحقيق الهدف المقصود . ونتمنى لها النجاح في إصلاح المحولات , وصيانة المحطات وتوفير المستلزمات , وتنفيذ المتطلبات و[[الله]] ولي التوفيق في كل الأوقات.
قال عيسى بن هشام : فلما انتضى نصل الصباح , وبرز جيش المصباح . تركت ميسان في هذه الظروف الكأداء, والعيشة الضنكاء, وقررت الكف عن [[بيضيبيديا|النقد والهجاء]] , ومشاركتهم في معالجة مشاكل [[الكهرباء]]. فحبذا لو تضافرت الجهود. وحبذا لو أوفت وزارة الكهرباء بالعهود . والتزمت بالوعود . واندفعت نحو المحمود. وتجاوزت القيود . لتحقيق الهدف المقصود . ونتمنى لها النجاح في إصلاح المحولات , وصيانة المحطات وتوفير المستلزمات , وتنفيذ المتطلبات و[[الله]] ولي التوفيق في كل الأوقات.

مراجعة 18:55، 30 سبتمبر 2019

حدثنا عيسى بن هشام . قال : وصلت إلى بلاد الرافدين , قادما من البحرين . فبينما أنا في بعض أسواق ميسان , أتأمل الشعارات المخطوطة على الجدران . إذ طلع رجل بمولدة صغيرة قد اعتضدها, وعصا قد اعتمدها, وكوفية قد اعتمرها. فرفع عقيرته . وقال : اللهم يا مبدئ الأشياء ومعيدها, ومحيي العظام ومبيدها. وخالق الكهرباء وتيارها , وفالق المصابيح وأنوارها. أسألك أن تعينني على الأسلاك التي تقطعت أوصالها, وعلى إصلاح هذه المولدة التي توقف اشتغالها. وأنشأ يقول :

إن يبلغ السيل الزبى يكن الدمار هي ذي طقوس الإنهيار

فدنوت منه . فإذا هو الشيخ محسن بن جبر . فقلت له ما بك يا شيخ ؟. فقال : لاَ نَصْرَ مَعَ الخذَلاَن، ولا حيلة مع الحرمان . فنحن نبكي في الظلام , ونضحك في الظلام , ونأكل في الظلام . حتى لم نعد نميز أصابعنا من طعامنا , وأبوابنا من شبابيكنا. فقد تسيدت جيوش الدياجير , واقتادت خيوط النور إلى الأحافير , فاشترينا المولدات بآلاف الدنانير . لتأمين الإضاءة والتنوير . وأنفقنا اجورنا والرواتب , حتى خسرنا كل شيء إيها المعاتب .

قال عيسى بن هشام : فشهدت شواهد حاله , على صدق ما قاله . ثم قال الشيخ : تشوينا حرارة الصيف . وننام في الليل على الرصيف . وتكوينا الشمس اللاهبة , ويزعجنا ضجيج المولدات الصاخبة. وتحرقنا الرياح اللافحة . ونتبرد ب مياه المالحة. حتى تيبست جلودنا , وضعف عودنا , وتبدد صمودنا . فمصيبتنا أطول من أن تحد , وأكثر من أن تعد . فاستعنا بالصبر والدعاء, والعويل والبكاء , على ما فعلته بنا الكهرباء. وها نحن نرضع من الوعود ثدي عقيم, ونركب من الأمل ظهر بهيم. فهل من كريم يجلو آثار هذا الكابوس , ويزيح عن كاهلنا قيود النحوس . ويعيد البهجة إلى النفوس .

قال عيسى بن هشام : فأشفقت على الرجل , وحملت معه المولدة على عجل . ثم اشتريت له جليكانا من النوع المتين , لكي يستعين به في حفظ البنزين , وتخزين الوقود والكيروسين . فلما وصلنا إلى داره , وأسدل علينا الليل ستاره . فرش الشيخ بساطه , ومد سماطه . وتناولنا العشاء في الظلام الدامس . وتحسسنا أصناف الطعام كذوات اللوامس . ثم استلقينا في العراء , وانشغلنا بمراقبة نجوم السماء. واشتد اللهيب المحموم, وهبت علينا رياح السموم . فولينا ظهورنا الأرض , وعيوننا لا يملكها غمض . نتقلب ذات اليمين وذات الشمال , حتى قضينا وطرا على هذا الحال . فامسك الشيخ بالمهفة, وهو ينتظر عودة الكهرباء بلهفة. ثم راح يناجي مهفته, ليسلي من عنده. فأنشأ يقول :

ومحبوبة في القيض لم تخل من يد وفـي الـقر تجفــوها أكف الحبائـب
إذا ما الهوى المقصور هيج عاشقا أتت بالهوى الممدود من كل جانب


قال عيسى بن هشام : فقلت كان الله في عونكم يا شيخ . فنظر إليّ نظرة مكسورة , وذرف دمعة مستورة . وقال : لو فتشت خارج العراق , وجبت الثغور والآفاق . والبدو والحضر, وتميم ومضر , وموريتانيا وقطر , وعمان ومصر . لم تجد فيها قرية بلا كهرباء, وليس فيها من يعاني من سموم العقرباء. فنحن نعيش في العصر الجلكاني , ويصعب حالنا على القاصي والداني . هذا ونحن أكثر الناس بترولا ونفطا, وطاقة ووقودا, وأرصدة ونقودا . أنهارنا عجب , وأرضنا الذهب . أولها الرطب , وأوسطها العنب , وآخرها القصب . فجعجع بنا الدهر إلى ذل الكهرباء, وتراكم المولدات بالفناء. ومد الأسلاك في العراء.

قال عيسى بن هشام : فلما انتضى نصل الصباح , وبرز جيش المصباح . تركت ميسان في هذه الظروف الكأداء, والعيشة الضنكاء, وقررت الكف عن النقد والهجاء , ومشاركتهم في معالجة مشاكل الكهرباء. فحبذا لو تضافرت الجهود. وحبذا لو أوفت وزارة الكهرباء بالعهود . والتزمت بالوعود . واندفعت نحو المحمود. وتجاوزت القيود . لتحقيق الهدف المقصود . ونتمنى لها النجاح في إصلاح المحولات , وصيانة المحطات وتوفير المستلزمات , وتنفيذ المتطلبات والله ولي التوفيق في كل الأوقات.

مصدر

  • كاظم فنجان حسين الحمامي , مقامات آخر الزمان / المقامة الكهربائية [1]