دجاج
| ||
التصنيف العلمي | ||
---|---|---|
المملكة | الحيوانات | |
الشعبة | الحبليات | |
الطائفة | طيور | |
الرتبة | دجاجيات | |
الفصيلة | تدرجية | |
الجنس | دجاج مغترب | |
معلومات عامة | ||
مشاكل فلسفية | معضلة الدجاجة والبيضة | |
تشابه مع الإنسان | قابل للتنويم المغناطيسي | |
دجاج مطالب بالحرية | الكنتاكي فرايد |
الدجاج حيوان من الطيور الدواجن ، قصير الجناحين والذنب , لا تعرف مفهوم المواطنة، بدليل حنينها الذي ما يزال قائمًا لمزرعة الدجاج التي نشأت فيها . فالمزرعة هي وطن وهمي تم إعداده ، على عجل ، من أجل تسمينها وتهيئتها للذبح فقط ، وليس للإقامة فيه ، أو لبناء أسس المواطنة على أساس العقد الاجتماعي المتعارف عليه .الدجاجة تنطق بمناقير ملايين الدجاجات التي تهجع في أقفاصها ، وفي أعينها نصف إغماضةٍ على حنين ممضّ إلى تلك المزارع البعيدة التي شهدت ولادتها بالحرارة الاصطناعية ، لا بدفء صدور الأمهات ، وغذّيت بالأعلاف الكيميائية لتسريع نموها واكتناز لحومها ، ووضعت مع رفيقاتٍ يشبهنها ، لتعزيز إحساسها بـ المواطنة ، حتى باتت تعتقد أن المزرعة وطنها الحقيقي الذي ينبغي أن تحيا كامل مواطنتها فيه، وأن تموت من أجله ، إذا استدعى الأمر ، لكنها فوجئت ، بعد اكتمال لحمها وشحمها ، بصاحب المزرعة، وقد أعدها للبيع بعد أن قبض ثمنها كاملاً .
غير أن الدجاجات تتغلب على هذه الصدمة الأولى ؛ لأن القضية لا تتعدى الانتقال من قفصٍ إلى قفص آخر ، فتعاود نصف الإغماضة المعهودة ، وفي قلوبها الصغيرة أمل بالعودة يوماً إلى الوطن المزرعة . وهو ما لا يتحقّق ألبتة ؛ لأن المزرعة ليست على استعدادٍ لتقبل دجاج انتهى أوان تسمينه . والسؤال الملح هنا : أي هدف تلمح له تلك الدجاجة المنكوبة من سؤالها عن المغتربين العرب في دول الخليج ؟ . نودّ أن نقول للدجاجة إن مصطلح الوطن الوهميّ لا يقتصر عليها فقط ، بل يشمل الوطن العربي ، الذي تحوّل ، بدوره إلى مزارع وهمية لا هدف لها غير إعداد مواطنها على عجل وتصديره إلى الخارج ، وبيعه إن أمكن ، إلى دول الخليج ، وانتظار العوائد من بيض الدجاج.
تحويلات المغتربين في الخليج أصبحت تحتل ، في معظم أقطار الوطن العربي ، المصدر الرئيسي للدخل القومي ، في حين تستحوذ السياحة الترفيهية والعلاجية والتعليمية لخدمة رعايا دول الخليج على المرتبة الثانية ، بمعنى أن البلاد العربية خارج المنظومة الخليجية ترسم خططها الاقتصادية كلها اعتمادًا على الخليج فقط ، فالمواطن يُعدّ نفسيًا وتعليميًّا واجتماعيًا في المزرعة المسماة عرضًا وطن، من أجل التصدير إلى دول الخليج ، فيكون أقصى طموحه المعيشي أن ينجح بالحصول على فرصة عمل في الخليج ، بعد أن أقنعته الدولة بذلك طبعًا ، والمزارعون يبذرون ويزرعون ، وفي ذهنهم حلم تصدير منتجاتهم إلى الخليج ، والأطباء ينشئون المستشفيات والعيادات لاستقطاب المرضى من دول الخليج ، والأمر ذاته ينطبق على المنظومة التعليمية وغيرها.
على هذا النحو، يعيش المغتربون انفصامًا داخليًا بين وطن لا يحترم مواطنتهم، إلا إذا اقترنت بتصديرهم خارجًا ، وحنينٍ إلى وطن حقيقي ، كانوا يرغبون بخدمته ، والإسهام في بنائه ، وهم يعيشون على ترابه ، لكن وطنهم رسخ في أذهانهم أن المواطنة الحقيقية تكمن في اغترابهم عن الوطن . أيضًا، ولمزيد من الأمانة العلمية ، سألتني تلك الدجاجة سؤالاً : تُرى، ماذا يحدث للمغتربين إذا لبوا نداء الحنين ، وقرّروا العودة إلى وطنهم يومًا ؟ . عند هذا السؤال ، تذكّرت ما حدث للمغتربين العرب الذين طردوا من دول الخليج إبّان حرب الخليج عند غزو العراق الكويت، وكيف باتوا محط ضيق وتبرم حكوماتهم وشعوبهم معًا، فقوبلوا بالجحود والنكران ، وضوعفت عليهم إيجارات البيوت إلى أرقام فلكية ، وهكذا تم أكل عظمهم ، بعد استنفاد لحومهم سابقًا خلال رحلة اغترابهم . لكن، عندما هممتُ بالإجابة كانت دجاجة المزرعة قد ذبحت .