وعد بلفور

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث





وريثة الإمبراطورية البريطانية ، (المملكة المتحدة)


كنت السبب في تشريد سلالتي كلها ، وضياع أملاكها، وسرقة أراضيها ، كنت آملُ أن يعترف الأبناء بأخطاء الآباء والأجداد ، غير أن إصراركم على تخليد هذه الذكرى ، واعتبارها إنجازا تاريخيا ، دفعني لفتح ملفاتكم ، وإعادة صورة أجدادكم ليس إلى مراياكم فقط ، ولكن إلى الأجيال التي لم تقرأ التاريخ . إن شعبي الفلسطيني سيظل ينظر إليكم بعين السُخط ، على منحكم أرضي، وبيتي ، لغاصبٍ مُحتلٍ ، وهو اليوم لا يقبل اعتذاركم ، بل يسعي لمحاكمتكم على ما فعلتموه .

ما أقبح من ينشدون نشيد الحرية ، ويعزفون أنغام الديمقراطية ، ويرقصون على إيقاع المساواة ، والعدل والإنصاف ، وهم ، في الوقت نفسِه ، لم يقرأوا تاريخهم ، ولم يشعروا بآلام الشعوب التي اضطهدوها ، ونسَوا ، او تناسَوا ، ملايين ضحايا الحروب التي أشعلوها . تذكروا ، كنتم أول تجار الرقيق في العالم ، روَّاد الاستعباد ، أسَّست إمبراطوريتكم أكبر شركات العبودية في التاريخ البشري ، (شركة الهند الشرقية) هذه الشركة ذات الاسم التجاري البراق ، كانت في الوقت نفسه تمارس الإرهاب ، والقهر ، والقمع ، فقد استولت الشركة على شبه القارة الهندية ، ومساحاتٍ من أسيا، وإفريقيا ، لهدف تسخير العبيد ، ليُنعشوا تجارتكم ، واستولت على معظم جزر العالم لاحتكار التجارة .

ألا تتذكرين ما فعلته إمبراطوريتك بدولة الصين مثلا ؟ لقد شنت على الصين حربين ، الحرب الأفيونية الأولى ، والحرب الأفيونية الثانية . أما الحرب الأفيونية الأولى ، بقيادة أخطر شركة إمبريالية ، شركة الهند الشرقية ، عام 1840-1842 عندما حاول الصينيون حظر تجارة الأفيون ، حفاظا على شعبهم ، من نتائج تجارتكم المُحرَّمة ، أسَّستُم أكبر وكرٍ للإدمان في العالم ، إدمان الأفيون ، حيث بلغ عدد المدمنين اثني عشر مليون مدمنٍ في الصين وحدها! لم تكتفوا بذلك ، بل اقتطعتم من الصين ، جزءا من أراضيها، إمارة، هونغ كونغ .

أما الحرب الأفيونية الثانية ، فجرت عام 1860 لأن حاكم الصين أحرق سفينتكم المشحونة بالأفيون ، مما دفعكم إلى أن تفرضوا على الصين المعاهدات المُذلة ، كوعد بلفوركم ، وأرغمتم الصين أن تفتح خمسة موانئ جديدة لتجارة الأفيون !! مما دفع الفيلسوف الفرنسي ، فيكتور هوغو إلى القول : " تحولت بريطانيا وفرنسا إلى مجموعاتٍ من التُّجار اللصوص" , ألم يقل مؤرخكم البريطاني، توماس أرنولد:"لم يحفظ التاريخ حربا أكثر قذارة من حرب الأفيون الأولى والثانية"

يا وريثة الإمبراطورية التي كانت لا تغيب الشمس عنها ، أعرفُ سبب رفضكم الاعتذار عن الكارثة التي سببتموها للفلسطينيين ؛ لأنَّ مجموع الكوارث التي سببتموها للعالم أكثر من أن تُحصى ! . اعتاد العالم أن يصمتَ في ذكرى مرور وعد بلفور ، غير أنكم بإصراركم على إحياء المئوية ، أنتم وأنصاركم الإسرائيليون عام 2017 قد نكأتم الجرح من جديد ، ليس بسبب الذكرى المئوية لوعد بلفور السيء الذكر فقط ، بل لأنكم فتحتم الباب أمام العالم ليُعيد قراءة سلسلة جرائمكم في حق البشرية جمعاء ، تمهيدا لمحاكمتكم .