دانيال دي لويس

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

دانيال دي لويس (بالإنجليزية: Daniel Day-Lewis) (1957) ممثل إنجليزي سابق , إعتزل التمثيل , يعتبر أحد أفضل الممثلين في تاريخ السينما البريطانية والعالمية . كان يستنزف ذاته في أدواره ليصبح داخل الشخصية التي يؤديها . كان دائم الهرب من الأضواء ، التي لم يكن يشعر تحتها بالارتياح . عندما مثل دور هاملت تحول الى هاملت على خشبة المسرح . حين ظهر له شبح الملك المغدور في مسرحية شكسبير، كان الشبح طيف والده الحقيقي الشاعر سيسيل داي لويس المتوفي منذ العام 1972 ، كان يظهر كل ليلة عرض ضمن مشاهد الشبح ، فيتحادث دانيال ووالده من خلال النص . هو كهاملت ووالده كالملك .

دانيال كان , في كل دور مثله , يتمسك بالنص كمن يحتضن حطام سفينة للنجاة . في فيلم قدمي اليسرى (1989) مثل دور فنان مشلول من كل جسده سوى قدمه اليسرى . حصل على الأوسكار لأنه أمضى شهورا في مستشفى لدراسة الأطفال المقعدين . توالت الأدوار البطولية عليه وتكثف تجارب دانيال داي لويس في الغياب عن ذاته والإنغماس في ذات الشخصيات التي يلعبها . من طرق الصيد البدائية إلى بناء المنازل والسفن ، رمي السكاكين والملاكمة ، تشغيل آلات تنقيب النفط واللغات المحكية من اللكنات الإنجليزية والأميركية حتّى التشيكية . وضع نفسه في ظروف مشابهة للشخصيات ، من النوم في زنزانة إلى الطلب من الشرطة التحقيق معه بعنف ومن العاملين على الفيلم بإذلاله ورمي المياه الباردة عليه . أكثر ما كان يشغله , التفاصيل الدقيقة حول عتاد وثياب الشخصية كالسكين ، القبعة والمعطف .

الغياب الذي نشده داي لويس لم يكن إنغماساً بالكامل داخل الشخصية الممثلة لكي يفقد نفسه ، بل كان تجوالاً في المنطقة الحدية بينه وبينها. حين دخل إلى عالم الشخصية كان يدخل بجسدٍ مشغولٍ بها، بما تقوم به وما تعتاش له وعليه لكي يهيم بجسده المتعب داخلها ، حينها ينتهي الصراع بينهما ويتلاحم الإثنان في غيابهما . كان يبدأ بالتحضير قبل فترة طويلة من التصوير لكي يكون داخل تلك المنطقة الحدية حين يبدأ العمل أمام الكاميرا. حرفته الحقيقية كان الانشغال بالزمن والانتظار ، أمور تعلمها من الحرف اليدوية التي شغلته طول حياته: النجارة، صنع الأحذية وصيد السمك . في كلِ مرة لبس فيها شخصية , أصبحت واقعاً متكاملاً . ولمدة أشهر لم يكن من الممكن التواصل مع داي لويس ، بل فقط مع الشخصية المجسدة . كان في ذلك دعوة من داي لويس لكل فريق عمل الفيلم للرحيل إلى واقع آخر يحمله هو بجسده . ربما لذلك كان دائماً حريصاً على إيجاد معطف للشخصية، لكي يضعه على كتفيه ويحمي به هذا الواقع.

حين كان ينتهي داي لويس من تصوير فيلم ، كان يلزمه وقت طويل للخروج من هالة لقائه مع الشخصية المتخيلة . يخرج منها متعباً كمن يخرج من البحر ناجياً. ربما لذلك أعلن اعتزاله التمثيل بعدما أصبح في سن الـ 60 ، لكي يحمل كل ما لديه من حرفٍ وانتظار ويصنع بها كل السفن والأحذية قبل الغياب الأخير.