الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الكهرباء في العراق»
(تبديل الصفحة بـ'البادي اظلم ايها الانجاس') |
imported>Ar interwiki ط (حذف تخريبات المجهول 196.221.64.92 (نقاش) وإسترجاع تعديلات المجهول Bigbig1) |
||
سطر 1: | سطر 1: | ||
[[صورة:iraq_electricity.jpg|left|250px|]] |
|||
البادي اظلم ايها الانجاس |
|||
<div class="boilerplate metadata" id="stub"><table CELLPADDING=5 CELLSPACING=5 style="background-color: #fff7cb"><tr><td>''مقامات آخر الزمان , المقامة الكهربائية''</td></tr></table></div> |
|||
حدثنا عيسى بن هشام . قال : وصلت إلى [[العراق|بلاد الرافدين]] , قادما من [[البحرين]] . فبينما أنا في بعض أسواق ميسان , أتأمل الشعارات المخطوطة على الجدران . إذ طلع [[الرجل|رجل]] بمولدة صغيرة قد اعتضدها, وعصا قد اعتمدها, و[[عقال|كوفية]] قد اعتمرها. فرفع عقيرته . وقال : اللهم يا مبدئ الأشياء ومعيدها, ومحيي العظام ومبيدها. وخالق [[الكهرباء]] وتيارها , وفالق المصابيح وأنوارها. أسألك أن تعينني على الأسلاك التي تقطعت أوصالها, وعلى إصلاح هذه المولدة التي توقف اشتغالها. وأنشأ يقول : |
|||
{{قصيدة|إن يبلغ السيل الزبى يكن الدمار|هي ذي طقوس الإنهيار}} |
|||
فدنوت منه . فإذا هو الشيخ محسن بن جبر . فقلت له ما بك يا شيخ ؟. فقال : لاَ نَصْرَ مَعَ الخِذَلاَنِ، وَلاَ حِيلَةَ مَعَ الْحِرْمَانِ . فنحن نبكي في الظلام , و[[ضحك|نضحك]] في الظلام , ونأكل في الظلام. حتى لم نعد نميز أصابعنا من [[شيخ محشي|طعامنا]] , وأبوابنا من شبابيكنا. فقد تسيدت جيوش الدياجير , واقتادت خيوط النور إلى الأحافير , فاشترينا المولدات بآلاف الدنانير . لتأمين الإضاءة والتنوير . وأنفقنا اجورنا والرواتب , حتى خسرنا كل شيء إيها المعاتب . |
|||
قال عيسى بن هشام : فشهدت شواهد حاله , على صدق ما قاله . ثم قال الشيخ : تشوينا حرارة الصيف . وننام في الليل على الرصيف . وتكوينا الشمس اللاهبة , ويزعجنا ضجيج المولدات الصاخبة. وتحرقنا [[عواصف ترابية|الرياح اللافحة]] . ونتبرد ب مياه [[طز|المالحة]]. حتى تيبست جلودنا , وضعف عودنا , وتبدد صمودنا . فمصيبتنا أطول من أن تحد , وأكثر من أن تعد . فاستعنا بالصبر والدعاء, والعويل والبكاء , على ما فعلته بنا [[الكهرباء]]. وها نحن نرضع من الوعود [[ثدي]] عقيم, ونركب من الأمل ظهر بهيم. فهل من كريم يجلو آثار هذا الكابوس , ويزيح عن كاهلنا قيود النحوس . ويعيد البهجة إلى النفوس . |
|||
[[صورة:sex_dark.jpg|left|250px|]] |
|||
قال عيسى بن هشام : فأشفقت على [[الرجل]] , وحملت معه المولدة على عجل . ثم اشتريت له جليكانا من النوع المتين , لكي يستعين به في حفظ البنزين , وتخزين الوقود والكيروسين . فلما وصلنا إلى داره , وأسدل علينا الليل ستاره . فرش الشيخ بساطه , ومد سماطه . وتناولنا العشاء في [[كهرباء|الظلام الدامس]] . وتحسسنا أصناف الطعام كذوات اللوامس . ثم استلقينا في العراء, وانشغلنا بمراقبة نجوم السماء. واشتد اللهيب المحموم, وهبت علينا رياح السموم . فولينا ظهورنا [[الأرض]] , و[[عين|عيوننا]] لا يملكها غمض . نتقلب ذات اليمين وذات الشمال , حتى قضينا وطرا على هذا الحال . فامسك الشيخ بالمهفة, وهو ينتظر عودة الكهرباء بلهفة. ثم راح يناجي مهفته, ليسلي من عنده. فأنشأ يقول : |
|||
{{قصيدة|ومحبوبة في القيض لم تخل من يد |
|||
|وفـي الـقر تجفــوها أكف الحبائـب}} |
|||
{{قصيدة|إذا ما الهوى المقصور هيج عاشقا|أتت بالهوى الممدود من كل جانب}} |
|||
قال عيسى بن هشام : فقلت كان الله في عونكم يا شيخ . فنظر إليّ نظرة مكسورة , وذرف دمعة مستورة . وقال : لو فتشت خارج [[العراق]] , وجبت الثغور والآفاق . و[[خميعة|البدو]] والحضر, وتميم ومضر , و[[موريتانيا]] و[[قطر]] , و[[سلطنة عمان|عمان]] و[[مصر]] . لم تجد فيها قرية بلا كهرباء, وليس فيها من يعاني من سموم العقرباء. فنحن نعيش في العصر الجلكاني , ويصعب حالنا على القاصي والداني . هذا ونحن أكثر [[الإنسان|الناس]] بترولا ونفطا, وطاقة ووقودا, وأرصدة و[[دولار|نقودا]] . أنهارنا عجب , وأرضنا الذهب . أولها الرطب , وأوسطها العنب , وآخرها القصب . فجعجع بنا الدهر إلى ذل [[الكهرباء]], وتراكم المولدات بالفناء. ومد الأسلاك في العراء. |
|||
قال عيسى بن هشام : فلما انتضى نصل الصباح , وبرز جيش المصباح . تركت ميسان في هذه الظروف الكأداء, والعيشة الضنكاء, وقررت الكف عن النقد والهجاء , ومشاركتهم في معالجة مشاكل الكهرباء. فحبذا لو تضافرت الجهود. وحبذا لو أوفت وزارة الكهرباء بالعهود . والتزمت بالوعود . واندفعت نحو المحمود. وتجاوزت القيود . لتحقيق الهدف المقصود . ونتمنى لها النجاح في إصلاح المحولات , وصيانة المحطات وتوفير المستلزمات , وتنفيذ المتطلبات و[[الله]] ولي التوفيق في كل الأوقات. |
|||
==مصدر== |
|||
* كاظم فنجان حسين الحمامي , مقامات آخر الزمان / المقامة الكهربائية [http://www.alnoor.se/article.asp?id=31870] |
|||
[[تصنيف:تكنلوجيا]] |
مراجعة 21:55، 1 أبريل 2009
حدثنا عيسى بن هشام . قال : وصلت إلى بلاد الرافدين , قادما من البحرين . فبينما أنا في بعض أسواق ميسان , أتأمل الشعارات المخطوطة على الجدران . إذ طلع رجل بمولدة صغيرة قد اعتضدها, وعصا قد اعتمدها, وكوفية قد اعتمرها. فرفع عقيرته . وقال : اللهم يا مبدئ الأشياء ومعيدها, ومحيي العظام ومبيدها. وخالق الكهرباء وتيارها , وفالق المصابيح وأنوارها. أسألك أن تعينني على الأسلاك التي تقطعت أوصالها, وعلى إصلاح هذه المولدة التي توقف اشتغالها. وأنشأ يقول :
إن يبلغ السيل الزبى يكن الدمار | هي ذي طقوس الإنهيار |
فدنوت منه . فإذا هو الشيخ محسن بن جبر . فقلت له ما بك يا شيخ ؟. فقال : لاَ نَصْرَ مَعَ الخِذَلاَنِ، وَلاَ حِيلَةَ مَعَ الْحِرْمَانِ . فنحن نبكي في الظلام , ونضحك في الظلام , ونأكل في الظلام. حتى لم نعد نميز أصابعنا من طعامنا , وأبوابنا من شبابيكنا. فقد تسيدت جيوش الدياجير , واقتادت خيوط النور إلى الأحافير , فاشترينا المولدات بآلاف الدنانير . لتأمين الإضاءة والتنوير . وأنفقنا اجورنا والرواتب , حتى خسرنا كل شيء إيها المعاتب .
قال عيسى بن هشام : فشهدت شواهد حاله , على صدق ما قاله . ثم قال الشيخ : تشوينا حرارة الصيف . وننام في الليل على الرصيف . وتكوينا الشمس اللاهبة , ويزعجنا ضجيج المولدات الصاخبة. وتحرقنا الرياح اللافحة . ونتبرد ب مياه المالحة. حتى تيبست جلودنا , وضعف عودنا , وتبدد صمودنا . فمصيبتنا أطول من أن تحد , وأكثر من أن تعد . فاستعنا بالصبر والدعاء, والعويل والبكاء , على ما فعلته بنا الكهرباء. وها نحن نرضع من الوعود ثدي عقيم, ونركب من الأمل ظهر بهيم. فهل من كريم يجلو آثار هذا الكابوس , ويزيح عن كاهلنا قيود النحوس . ويعيد البهجة إلى النفوس .
قال عيسى بن هشام : فأشفقت على الرجل , وحملت معه المولدة على عجل . ثم اشتريت له جليكانا من النوع المتين , لكي يستعين به في حفظ البنزين , وتخزين الوقود والكيروسين . فلما وصلنا إلى داره , وأسدل علينا الليل ستاره . فرش الشيخ بساطه , ومد سماطه . وتناولنا العشاء في الظلام الدامس . وتحسسنا أصناف الطعام كذوات اللوامس . ثم استلقينا في العراء, وانشغلنا بمراقبة نجوم السماء. واشتد اللهيب المحموم, وهبت علينا رياح السموم . فولينا ظهورنا الأرض , وعيوننا لا يملكها غمض . نتقلب ذات اليمين وذات الشمال , حتى قضينا وطرا على هذا الحال . فامسك الشيخ بالمهفة, وهو ينتظر عودة الكهرباء بلهفة. ثم راح يناجي مهفته, ليسلي من عنده. فأنشأ يقول :
ومحبوبة في القيض لم تخل من يد | وفـي الـقر تجفــوها أكف الحبائـب |
إذا ما الهوى المقصور هيج عاشقا | أتت بالهوى الممدود من كل جانب |
قال عيسى بن هشام : فقلت كان الله في عونكم يا شيخ . فنظر إليّ نظرة مكسورة , وذرف دمعة مستورة . وقال : لو فتشت خارج العراق , وجبت الثغور والآفاق . والبدو والحضر, وتميم ومضر , وموريتانيا وقطر , وعمان ومصر . لم تجد فيها قرية بلا كهرباء, وليس فيها من يعاني من سموم العقرباء. فنحن نعيش في العصر الجلكاني , ويصعب حالنا على القاصي والداني . هذا ونحن أكثر الناس بترولا ونفطا, وطاقة ووقودا, وأرصدة ونقودا . أنهارنا عجب , وأرضنا الذهب . أولها الرطب , وأوسطها العنب , وآخرها القصب . فجعجع بنا الدهر إلى ذل الكهرباء, وتراكم المولدات بالفناء. ومد الأسلاك في العراء.
قال عيسى بن هشام : فلما انتضى نصل الصباح , وبرز جيش المصباح . تركت ميسان في هذه الظروف الكأداء, والعيشة الضنكاء, وقررت الكف عن النقد والهجاء , ومشاركتهم في معالجة مشاكل الكهرباء. فحبذا لو تضافرت الجهود. وحبذا لو أوفت وزارة الكهرباء بالعهود . والتزمت بالوعود . واندفعت نحو المحمود. وتجاوزت القيود . لتحقيق الهدف المقصود . ونتمنى لها النجاح في إصلاح المحولات , وصيانة المحطات وتوفير المستلزمات , وتنفيذ المتطلبات والله ولي التوفيق في كل الأوقات.
مصدر
- كاظم فنجان حسين الحمامي , مقامات آخر الزمان / المقامة الكهربائية [1]