الديمقراطية

الديمقراطية مخلوقة أغريقية ولدت من رحم كلمتين (Demo = الشعب) و (Kratie = الحكم) قال عنها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشرشل «أفضل النظم السيئة». كغيرها من المخلوقات تبدأ بعملية التزاوج و تكوين البيضة المخصبة ومن ثم عملية الولادة التي تكون عسيرة في أغلب الأحيان ويمر المخلوق الجديد بعدة مراحل عمرية شبيهة بمراحل نمو الإنسان , كان الإغريق يطبقون الديمقراطية بشكل جيد بإستثناء إهمال طبقة العبيد و البدون على أنهم ليسوا مواطنين . إن كنت تحلم بتأسيس ديمقراطيتك الخاصة إليك بعض الخطوط العريضة لمراحل الديمقراطية المختلفة:

المرحلة	التفاصيل	صورة
الرضاعة	مرحبا بك في حضانة الديمقراطية لقد قمت بالإطاحة توا بنظام سياسي او ديني او اقتصادي دكتاتوري شمولي كان يدار من قبل زعيم عربي او رجل دين كان الله يديم ضله عن طريق إنتفاضة دموية او غير دموية او إنقلاب او حكومة في المنفى , الدرس الأول هو ان تختار زعيما جديدا عن طريق الإنتخابات , هذا الزعيم الجديد من المفضل ان يكون قد قضى حياته في المنفى ويفضل ان يكون حاملا لجواز سفر امريكي , اول خطوة في هذه المرحلة هو كتابة دستور جديد و إلغاء العلم و النشيد الوطني السابق , لا تتردد نحن فخورون بك.
الطفولة	ديمقراطيتك تبرعمت و أصبحت على قدم و ساق , انت متهيئ الآن لتشكيل أحزاب سياسية , يجب ان يكون هناك حزبين على الأقل يقومون بتغذية و تزويد الشعب بالأفكار و الآراء , هذه المرحلة مليئة بالإثارة ولكن تذكر جيدا ان بعض الأطفال قد يتصرفون بصورة طائشة لذلك يجب عليك إنشاء قوات الجيش و الشرطة للسيطرة على ما لا يحمد عقباه ومن المفضل ان تستعين بالضباط الذين أطحت بهم من النظام السابق , من الخطوات المهمة في هذه المرحلة هو كتابة نشيد وطني عنيف لإخافة دول الجوار والبدأ بجمع الضرائب لجيبك الخاص ولاتنسى ان تتخلص من اي منافس كان قد حاز على جائزة نوبل للسلام.
المراهقة	من أكثر مراحل الديمقراطية توترا و إنفعالا حيث تبدأ هذه المرحلة بمجموعة من الإغتيالات و الثأر وتنتهي بالحرب الأهلية وفي هذه الأثناء تبدأ بالتأمل و التفكير فيما إذا كان رفاقك و آبائك في تأسيس الديمقراطية على صواب في طريقة تفكيرهم , من الناحية الجسمية سوف تلاحظ نموا سريعا في حجم الشركات القضيبية الخاصة ويزداد حجم إنتاج الحليب وتبدأ بالتفكير بالنساء و كيفية إستدراجهم الى حزبك السياسي و التصويت لك في الإنتخابات وفي هذه المرحلة سوف تلاحظ هجرة محدودة من قبل مواطنيك الى اوروبا لكن لاتهتم فالكلاب تنبح و القافلة تسير.
الشباب	انت الآن في أوج سنين ديمقراطيتك وانت تعرف قدراتك و لك زملاء في الأمم المتحدة و مجلس الأمن , مواردك الطبيعية في قمتها, حان الوقت لتفكر بمستقبلك بواسطة التحالف مع القوى العظمى وربما تستطيع ان تبسط نفوذك على مستعمرة مجاورة ولكن مع النجاح يزداد المسؤوليات فالدول الحديثة العهد بالديمقراطية تحتاج جيوشك لحفظ السلام فيها وفي بعض الأحيان لابد ان تلجأ الى النفاق فتدعم حكاما دكتاتوريين يلوطون بشعوبهم ولكن لاتدع هذا يثبط من مبادئك الديمقراطية وقد تدفع في هذه الفترة احد الثمار السيئة للديمقراطية فترى الصحف و وسائل الإعلام يسخرون منك لكن لا تهتم بهذا الخراء .
منتصف العمر	ذات يوم و عندما تنظر الى نفسك في المرآة سترى منظرا مخيفا فلا أحد يشترك في الإنتخابات بنفس الحماس السابق ونظام الضمان الإجتماعي الذي أنشأته تحول الى وكر للحرامية و اللصوص ولم تجري إنتخابات نزيهة منذ عقود عندما يحدث كل هذه الإخفاقات فأنك تمر بمرحلة جنون منتصف العمر حيث تقوم كالأطفال و المراهقين بالإنشغال بصحون الساتلايت و الفضائيات العربية سيارات الهامر والصواريخ العابرة للقارات , لاتنزعج عندما تسمع حلفائك يقولون كان في السابق عظيما وفي هذا المفترق هناك خياران لا ثالث لهما إما التنحي عن السلطة و شرب فودكا البركة أو تنشيط محادثات السلام الراكدة في مستنقع الشرق الأوسخ .
الشيخوخة	في هذه المرحلة يكون المجلس التشريعي لديمقراطيتك منهمكة بتشريع قوانين الرعاية الصحية والدول التي ساعدتها في السابق يتجاهلونك الآن ولكن الأسوء من هذا كله ان ذاكرتك قد طارت بدون رجعة كما طار الشعراء و الخبراء و المبدعين من ديمقراطيتك و أصبحت في حيص بيص غير قادر على تنظيم ميزانيتك و إنتخاباتك وعندما يقترب نهايتك فأنك لا تتذكر حتى مبادئك الأساسية التي إعتمدت عليها في تأسيس ديمقراطيتك , أصدقائك القدامى اللذين يعدون على أصابع اليد الواحدة قد يحاولون إنقاذك من وضعك المزري بإطلاق رصاصة الرحمة على طيزك