نقاش:حسن نصرالله

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
مراجعة 18:07، 14 سبتمبر 2020 بواسطة 198.161.4.27 (نقاش)
(فرق) → مراجعة أقدم | رؤية النسخة الحالية (فرق) | نسخة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

'لماذا يكرهونه ؟


يقول الطائفيون على الجانب الآخر : يكرهونه لأنه شيعياً .

هل حقاً يكرهونه لهذا السبب ؟

ربما يكون هذا تفسيراً منطقياً لكره المتعصبين الطائفيين له، فالطائفيون يكرهون لا لشيء إلا لكون الشخص الذي يستحق الكره بالنسبة لهم ينتسب إلى الطائفة الأخرى، يصدق هذا الإستنتاج على الطائفيين المنغلقين فقط، وهؤلاء يوجدون في الجانبين، إنهم مروّجوا الكراهية والظلامية، وهم ليسوا مدار بحثنا في هذه المقالة المختصرة، وإنما نحن نريد التطرق لقوى أخرى، قوى تدعي أنها لا تنطلق من منطلق طائفي، وبعضها وياللعجب يدعي أنه ينطلق من منطلق نضالي معاد للإحتلال والتبعية والصهيونية، ويصنف نفسه كجزء من حركة التحرر العالمية .

الذي يعادونه يجهر بالعداء للإحتلال والصهيونية، ليس هذا فقط بل حرر أرضه وهزم الجيش الذي لا يُقهر لمرتين، وهو يناصر القضية الفلسطينية، بشهادة ثوار فلسطين أنفسهم ، وتحديداً أبطال غزة، وهو رأس الحربة في العداء لإسرائيل بشهادة كل وسائل الإعلام الإسرائيلية، وهوالعدو الرئيس الآن للصهونية وإسرائيل، والخطر المميت بالنسبة لها، وفق كل تصريحات جميع المسؤولين وصناع القرار في الدويلة العبرية. إذن ووفق هذه المعطيات شخص مثل هذا سيكون وبالبداهة حليف طبيعي لمن هم أعداء للصهيونية وإسرائيل في الحد الأدنى، لذا فأنه مثار عجب أن ينشغل من هم أعداء إسرائيل والصهيونية بمناصبة عدو إسرائيل والصهيونية العداء. أليس هذا الأمر مُحيراً ؟

بعيداً عن الصخب البلاغي، والإنسياق لهووس إختلاق خبايا وأسرار، لا يعرفها سوى أولئك النفر الراسخون في العلم، من كتاب الإفتراضات والاسرار الخفية، والوقائع الحبيسة في مدارج المخابرات التي لا تتاح لأحد إلا لعبقرية هذا الكاتب أو أذاك، فإن الأمر البين الواضح وضوح الشمس، والذي عرفه وشاهده العالم كله، والذي لا يحتاج إلى دليل، والذي برهنته الوقائع التي عشناها نحن جيل النكسات والهزائم، إن المقاومة اللبنانية الباسلة، جعلتنا نتذوق طعم الإنتصار لمرتين متتاليتين على عدونا الذي أهاننا وأذلنا طيلة عقود، وأن هذه المقاومة أضحت ، ومنذ إنبثاقها الحليف الموضوعي للمقاومة الفلسطينية .

من حقنا أن نسأل أخوتنا هؤلاء لماذا تكرهونه؟

أما غيرهم فنحن نعرف لماذا يكرهونة . لماذا تكرهه الأنظمة العربية، ملكية أم جمهورية ، ثورية أم رجعية؟

منذ ستين عاماً والنظام العربي يفرض على الشعوب تحمله، وتحمل أوزاره، بذريعة وحدة الجبهة الداخلية .

ستون عاماً والأنظمة تراكم القوّة، العسكرية والشرطية والأمنية بحجة مقاومة إسرائيل . حوّلوا أوطاننا إلى سجون كبيرة. كان العالم من حولنا يعيش، وكنا خارج الزمن . يتحكم بنا وبمقدراتنا رجل الأمن والبوليس السري، تُمتهن كراماتنا في عقر دارنا. عبر هذه العقود أنفقوا على التسلح والتدريب ترليونات الدولارات . كدّسوا احدث الأسلحة الفتاكة التي كانت تذوب بسويعات لدى أي منازلة مع العدو . لم يثبت سلاحهم نجاعة في أي حرب مع العدو ، لكنه كان كثير الفاعلية والنجاعة مع شعوبنا المسحوقة .

وبعد كل هزيمة علينا بشدّ الأحزمة على البطون، مع أنه لم يعد لدينا بطون تحتاج إلى شد ، ومن أجل خلق التوازن، الذي لم نخلقه مطلقاً، كان على الشعوب أن تضحي بحريتها وكرامة أبنائها ، ولقمة عيشها، وكلما إنهزمت الأنظمة إشتد تفرعنها على الشعوب، حتى لكأن من هزم هذه الأنظمة ليس العدو وإنما شعوبها ، وبالتالي فقد تحوّل العدو الذي لا طاقة لنا على منازلته إلى حليف وصديق، وأصبحت شعوبنا هي العدو الحقيقي للأنظمة .

أوهمونا نتيجة ضعفهم وفسادهم وتخاذلهم وهوانهم وتواطئهم بإن عدونا لا يُقهر. وأن مصلحة أوطاننا أن يحكّم قادتنا العقل، وأن يأخذوا من العدو ما يقدرون على أخذه عن طريق التفاهم ، وبالطرق السلمية والتفاوضية، وبعد أن سودوا أنبل صفحات تأريخنا ، وشيطنوا أنبل قادتنا، وسخفوا دماء شهدائنا، ذهبوا إلى التفاوض، وعقدوا الإتفاقيات مع العدو ، لكنهم لم يرفعوا عن شعوبهم ثقل قوانين الطواريء، التي ظلوا يعملون بها سواء في زمن الحرب أم السلم، ولم يخلقوا دولة الرفاه التي وعدوا بها الشعوب وهم يقدمون على خطوة النكوص والإرتداد .

وكانت النتيجة أننا لم نأخذ من العدو شيئاً، لا عن طريق الحرب ولا عن طريق السلم، فلسطين الحرّة المستقلة لم تظهر للوجود، حتى بعد ما يناهز العقدين من عقد إتفاقيات السلام مع العدو، والجولان لم يعد، والقدس ما زالت أسيرة، والضفقة الغربية التي أصبحت كالجبنة الهولندية تتلاشى، وأرض فلسطين فيئاً ينتهب، ونساء وأطفال فلسطين طرائد للصهاينة يتفننون بصيدهم ، ويفرحون بقتلهم .

نفس السلطات. نفس الأنظمة، نفس الحكام، أبدلوا شرعية المواجهة، بشرعية السلم والتفاوض، ولم يحدث شيئاً ..

وجاء الفعل المقاوم ، ليكشف خواء وعجز أنظمتنا ، وجيوشنا ، وجنرالاتنا .

جاءت المقاومة لتهزم العدو من دونما دبابة ولا طائرة، ولا بارجة حربية جاءت المقاومة لتهزم العدو، وتدك مدنه وقراه ولتجبره على ترك الأرض من دون مفاوضات وحتف أنفه.

جاءت المقاومة لتذيق العدو الهوان الذي ذقناه طيلة عقود .

جاءت المقاومة لتقول أن النصر على العدو ليس ممكناً فحسب بل هو متحقق، وبات الإحباط ، ومنذ الإنتصار لدى الإسرائليين وليس لدينا .

المقاومة قدمت البديل .. وأشارت لطريق الإنتصار الحقيقي، ورفعت عن الأنظمة، كل الأنظمة الغطاء الذي كانت تتخفى تحته .

أنظمة العجز إنهزمت في كل حروبها، ولم تحرر فلسطين في سلمها .

عندما نتمعن في دلالة ما أحدثته المقاومة اللبنانية، وكذا الفلسطينية يتضح لنا تماماً ، لماذا يكرهونه .