مكة

مراجعة 22:35، 14 يناير 2018 بواسطة imported>هيلا هوب (أنشأ الصفحة ب'right|250px| '''مكة''' مدينة تقع في وادي يحيطه من كل الجوانب صحراء جرد...')

مكة مدينة تقع في وادي يحيطه من كل الجوانب صحراء جرداء لمئات الأميال ، وفي الغرب حوالي 100 كيلو متر إلى البحر . لم تكن مكة أبدا عاصمة لأي من الخلفاء المسلمين منذ موت الرسول حتى انقضائهم في القرن العشرين . المغول لم يفكروا في غزو مكة باعتبارها مركز المسلمين الديني ، فلو كان غرضهم القضاء على الإسلام- كما دٌرسنا في المدارس لهاجموها، لكن يبدو أنهم لم يروا فيها ما يشجعهم على الغزو ، فمطامع الغزاة في الغالب مادية ، و لو هاجموها لقضي عليهم في نصف الطريق ، إذ المسافة بين بغداد ومكة ما يقرب من 2000 كيلو متر كلها صحاري جرداء ، وجيشهم كبير يحتاج لدعم لوجيستي وميزانية دولة بأكملها للحركة. يبدو أن محمد علي باشا انتبه لهذه الصعوبة ففضل مهاجمة الوهابيين في الحجاز من البحر ، ووصل بالفعل من جدة القريبة من مكة.

العاصمة الدينية للمسلمين بقيت موحدة في مكة، أما السياسية فاختلفت ، وهذا يعني أن قناعة خلفاء المسلمين بالمبدأ العلماني كانت حاضرة ، فما الذي حملهم على التحدث باسم الله ؟ إلا إذا اعتبرنا أن رفضهم القدوم لمكة بسبب طبيعتها الفقيرة نكون في مشكلة أخرى ، أليس هم من يؤمنون أن من يتق الله يجعل له مخرجا؟..وأليس هم من رووا عن العبرانيين قصة هاجر مع الرضيع التي دعت ربها من أجله فوهبها الماء ؟..وأليس الله يقول في القرآن.." ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض , هذا يعني أن يقين الخلفاء أوصلهم بأنهم مهما دعوا الله لن يجعل مكة لهم بساتين وحدائق كما يتصور البعض ، فعوامل البقاء هناك قاسية، وأهلها لا يعملون سوى في الرعي , حتى مصادر المياة معدومة إلا من آبار وعيون كسمة صحاري العالم.

القصة الشائعة بقدوم أبرهه لهدم الكعبة لا أساس لها و مزورة فنقش أبرهة الأثري نفى ذلك وأن حملته العسكرية انتهت بانتصاره ، وأنه استعان بقبائل عربية ضد قبائل عربية أخرى في الشمال , أي أن معارك أبرهة حسب النقش كانت حرب أهلية عربية وليس كما يصور لنا مؤرخي المسلمين ، كذلك وأنها كانت قبل ميلاد النبي ب 20 عاما ، إلا إذا أخطأ مؤرخي المسلمين في التواريخ ، وكذلك لأن الكعبة كانت مركزا للوثنية ، فكيف ينصر الله الوثنيين على أبرهه المسيحي الذي كان من المفترض أنه يطبق شرع الله باعتبار أن المسيحية آخر ديانات إبراهيم وقتها.

قدسية مكة ليست محل خلاف بين المسلمين سنة وشيعة، وهذا يقوي موقف القائلين بزيف دعاوى باتريشيا كرون ودان جيبسون ولوكسمبرج وغيرهم الذين يفترضون أن الإسلام الأول كان في البتراء أو في الشام، فمنطقية التاريخ تقول أن التزوير لن يمر في مجتمع الحروب والأزمات ، سيظهر أحدهم مزورا لكن خصمه سيكشفه ، فهو المنتفع من هذا الكشف وربما يقرب إليه الناس باعتباره حارسا للدين. مع ذلك قصة القرامطة تشي بشئ عجيب ، هؤلاء سكنوا في البحرين والأحساء، وفي آثارهم قالوا أن مكة ليست مقدسة ، وشنوا الغارات عليها وهدموا الكعبة وسرقوا الحجر الأسود ، لكن ما يثير القصة غموضا أن تراثهم ضاع ولم نعثر على أي كتابة لأحدهم توضح هذه الدولة وذلك الشعب الهجين من العرب والفرس على المذهب الإسماعيلي ، بل امتد حكمهم أكثر من 100 عام، هل معقول أن هذه الفترة لم يتمكنوا من صياغة عهدهم في مؤلفات ؟ وإذا وجدت فأين هي؟.التاريخ الإسلامي غامض للغاية وإذا فتحنا منه باب نفاجأ بعشرات الأبواب المغلقة الأخرى.

تبقى المعضلة الكبرى في عدم وجود آثار قديمة في مكة ، المدن الأثرية عامة تعج بالآثار الأركيولوجية وسير الأقدمين ، بل التحقيق اللغوي لا يؤيد ذلك بالتأكيد على أن نقوش مكة كلها تنتمي للخط الآرامي ، بينما الخط الثمودي المسند في الجنوب اليمني ، نجران وتهامة وما حولها ، والآراميون سكنوا الشمال مما يؤيد رؤية باتريشيا كرون جزئيا أن القرآن تطور من الآرامية أو كتب في صحفه الأولى بالآرامية السريانية ، وفي العصر الأموي جرى التعديل الأشهر تاريخيا بتنقيط الكتاب وتشكيله.الخط الحجازي الأقدم للقرآن أشبه بالسريانية ، ومخطوطة برمنجهام المكتشفة حديثا للقرآن تؤكد عدم وجود فرق كبير بين ما كتب فيه بالخط الحجازي وبين خطوط الأناجيل في ذلك العصر بالآرامية . الوهابيون هدموا ودمروا الآثار الإسلامية القديمة ، والسؤال في المقابل ، وأين آثار ذلك الهدم وما حقيقة ما هُدِم ؟..ألا يحتمل أنه كان أثرا مزورا لا يمت للنبي ولا لعصره بصلة ؟ يعني أن يكون أثر عباسي مثلا أو أموي وربما مملوكي وعثماني لكن الناس قدسوه عن جهل ، ولدينا حوادث مثل هذه تتكرر في كل بقاع المسلمين بتقديس أشياء وأدوات مزورة لا تنتمي لدينهم ومعتقداتهم الشعبية ، كالحادثة الأشهر في مصر إذ قرر أهل قرية بدوية في العين السخنة نقل رفات شيخ صوفي يسمى أبو سريع متوفي منذ 40 عاما ، وبعد فتحهم القبر وجدوا رأس عجل!!! , تخيل هذا مدفون منذ 40 عاما فقط , ما فرصة تزوير مقابر وشواهد إذن منذ 1400 سنة؟