معمر القذافي

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
مراجعة 18:09، 31 يناير 2007 بواسطة imported>Classic 971
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

معمر القذافي

فترة الحكم: 1 سبتمبر 1969 الى -- --
الرئيس الذي سبقه: حسن الرضا المهدي السنوسي
الرئيس الذي لحقه : --
تاريخ الميلاد: 1942
مكان الميلاد: سرت ، ليبيا

ولد معمر محمد عبد السلام ابو منيار القذافي في قرية "جهنم" بإحدى مناطق مدينة سرت عام 1942 , وقد خلد مسقط رأسه في قصته الأدبية المشهورة "الفرار الى جهنم", وقد عاش القذافي ونشأ بين مناطق سرت ومصراته وسبها, والتحق بالكلية العسكرية الملكية الليبية ليتخرج برتبة ملازم بالجيش في منتصف الستينات تقريبا.ولقد برزت ظاهرة القذافي كغيرها من الظواهر الأخرى التي أنتجها التطور التاريخي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي والفكري الذي مر به المجتمع الليبي, منذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية .

على الصعيد العربي الإسلامي لاقى انقلاب القذافي العسكري على الحكم الملكي عام 1969 ترحيبا لا بأس به في بداية ظهوره, خاصة وان القذافي كان قد حرص على الظهور أمام العالم بمظهر القائد العربي المحنك والإنسان المسلم الورع والتقي, المتحمس لنشر الدين الإسلامي , ولكن هذه المواقف جميعها سرعان ما تبددت بعدما وضح للعيان مخالفته للإجماع العربي والإسلامي. ولطعنه الصريح في صحة الحديث النبوي والسنة, ولتغييره التاريخ الهجري ولإعلانه صراحة أن كتاب الله الكريم لا يعالج إلا أمور الحلال والحرام والزواج والطلاق والجنة والنار, وليقول بكل جرأة بان "كتابه الاخضر" هو المرجع الوحيد المشتمل على حلول كل المشاكل البشرية.

بدأت ملامح ومعالم "ظاهرة العقيد"تظهر في شهر أبريل عام 1973 عندما أعلن ما اسماه "الثورة الشعبية" في خطابه المشهور بمدينة زوارة والتي اعتبرها إطارا عاما لنقاطه الخمس, التي احتواها الخطاب وحدد أهدافها بصورة موجزة قائلا : المطلوب في كل قرية ومدينة ومؤسسة جماهيرية أن تسيطر الجماهير على السلطة وتقوم بتقويض ما تراه غير صحيح وتخلق وضعا شعبيا جديدا. وكانت النقاط الخمس الشهيرة هي تعطيل وإلغاء كل القوانين المعمول بها حتى الساعة, تطهير البلاد من المرضى سياسيا الذين يتآمرون على القضية الثورية وعلى الشعب وعلى التحول الثوري, إعلان الثورة الثقافية , إعلان الثورة الإدارية , تسليح الشعب , الحرية للشعب , لا حرية لاعداء الشعب.

وللمزيد من فهم شخصية وأفكار القذافي, التي ساعدت على بلورة "ظاهرة العقيد" بعود إلى خطابه الذي يقول فيه: " لا بد من تطهير البلد من جميع المرضى, أي شخص نجده يتكلم في الشيوعية أو الفكر الماركسي سوف يوضع في السجن" إلا أن القذافي قال في خطاب لرابطة الأدباء والكتاب في ليبيا في عام 1988 :" أن الجماهيرية هي البؤرة التي ترتكز فيها تطلعات الفوضوية والشيوعية والمدينة الفاضلة, أن الجماهيرية هي خلاصة وثمرة الجهود التاريخية الإنسانية لتطلعات الفوضويين والشيوعيين , إنها النعيم المفقود والفردوس الأرضي". ثم يضيف قائلا " أنا تعديت الشيوعية والفوضوية الباكونية (نسبة إلى باكونين) أنا عملت شيئا منظما ابعد منها.

وبعد خطاب زوارة المشهور أمر العقيد معمر القذافي, على مرأى ومسمع من العالم بحرق الكتب الأجنبية والآلات الموسيقية في ساحات المدن الليبية, كما أمر بإلغاء مهنة المحاماة. وطالب ب "الزحف" الثوري على المؤسسات والبيوت , تطبيقا لمقولته الشهيرة "البيت لساكنه" وحرص على تصفية "أعداء الشعب" واعتماد الفوضى الشاملة أسلوبا للحكم والإدارة. وأمر بتأسيس لجان فكر وتوعية والبدء في إنشاء اتحاد اشتراكي ولجان شعبية وبالطبع لجان ثورية.

وكانت هذه اللجان هي أهم الأدوات لتنفيذ فكر العقيد. فهي جهاز سياسي يقوم بدور الحزب الحاكم, وهي جهاز تحريضي يستوعب إرشادات القائد. وهي جهاز عسكري وإخباري وأمني, وقضائي وتعليمي وتربوي ودعائي. وقد وصفها قائلا :" اللجان الثورية هي الثمرة النهائية لكفاح الشعوب من اجل الديمقراطية". وبالتالي أسبغت هذه اللجان لقبين جديدين على العقيد وأسمته "صانع عصر الجماهير وقائد مسيرة الإنسانية في رحلة الانعتاق النهائي" وتأثر العقيد بهذا التكريم خاصة وصفها له بأنه "نبي العصر".

الكتاب الاخضر كان بالطبع العامل الرئيسي في شهرة العقيد وظاهرته. وبين دفتي هذا الكتاب بفصوله الثلاثة خط "النظرية العالمية الثالثة" وهذا الكتاب كما ورد في فصله الثاني:"لا يحل مشكلة الإنتاج المادي فقط بل يرسم طريق الحل الشامل لمشكلات المجتمع الإنساني , ليتحرر الفرد ماديا ومعنويا تحررا نهائيا لتتحقق سعادته". ووصف القذافي الكتاب الاخضر ونظرته العالمية حيث قال:" هذه النظرية ستجعل لنا دينا, لان الناس في هذا العصر محتاجة الى دين الى كتاب يوحدها". (من خطاب ألقاه في المؤتمر الدولي للحركات السياسية لشباب أوروبا والبلاد العربية وفي مقدمة الطبعة الروسية من الكتاب الاخضر , كتب القذافي " اقدم لكم كتابي الاخضر, الذي يشبه بشارة عيسى أو الواح موسى, او خطبة راكب الجمل القصيرة, الذي كتبته في داخل خيمتي التي يعرفها العالم بعد ان هجمت عليها 170 طائرة وقصفتها بقصد حرق مسودة كتابي التي هي بخط يدي".

منذ مجيئ العقيد القذافي إلى الحكم وهو في حالة مد وجزر, حب وكراهية مع دول عربية عديدة وهو لم يتوان في بعض الأحيان في غزو هذه البلدان عسكريا, أو محاولة زعزعة أنظمة حكمها, ليعود ويعلن توحده معها مما أعاق بالتالي مراحل نموها واستقرارها وتطورها. فبعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر , دخل في صدامات سياسية ثم عسكرية مع الرئيس الراحل أنور السادات, ولم ينج بالطبع الشعب المصري من حروبه الإعلامية وتصرفاته. كما كان السودان منذ السنوات المبكرة لحكم القذافي , هدفا لتحرشاته رغم كل ادعاءاته القومية وشعاراته العروبية, إلا ان دعمه لإيران ضد العراق اثبت عكس ذلك وكانت الصواريخ الإيرانية التي تضرب بغداد مشتراة بفلوس ليبية .

وذاقت تونس لسنوات عديدة تحرشات القذافي العسكرية والأمنية, وعلى رأسها محاولة احتلال مدينة (قفصة) التونسية, ومحاولة نسف مقر الجامعة العربية بتونس العاصمة, وكذلك محاولة اغتيال العشرات من الشخصيات السياسية والصحافيين التونسيين, الذين نادى في خطاب له ب "قص ألسنتهم وقطع أياديهم".

كذلك خاض حروبا طويلة أهدرت فيها الأرواح والأموال في محاولات لغزو تشاد, وكانت المغرب وملكها الحسن الثاني هدفا لسنوات طويلة خلال دعمه للمنشقين في الصحراء المغربية, وفي حالات كثيرة لم ينج العمال العرب من مزاجية القذافي, الذي كان يرمي بهم خارج الحدود كما حدث مع العمال المصريين والسودانيين والتونسيين والفلسطينيين.

أما القضية الفلسطينية فنالت هي الأخرى نصيبها من القذافي, واتهمه بعض قادتها بأنه عمل على شق وتفتيت صفوف الثورة الفلسطينية في محاولات عديدة, وذلك بتأليب ودعم فصائلها المختلفة وفي محاولات لاحتوائها, ولعل اشهر مواقفه عندما دعا الثوار الفلسطينيين أثناء حصار بيروت عام 1982 إلى الانتحار الجماعي.

لقد وصف القذافي الرئيس عرفات انه مجرد "عريف في الشرطة الإسرائيلية" وبان كل دوره هو حماية إسرائيل. كما طلب منه "أن يأتي للعمل في ليبيا بدل عمله في الشرطة الإسرائيلية وانه لو حضر إلى ليبيا فانه لن يستقبله ولن يوجه إليه أي نصح, ونقد عملية السلام بين بعض العرب وإسرائيل ما يراه المحللون البعد الرئيسي في "ظاهرة العقيد" بكل تناقضاتها وازدواجيتها. فبعد حملاته وشعاراته المتوالية ضد عملية السلام, فاجأ القذافي العالم بإرسال وفد من الحجيج الليبي إلى القدس. وقد علق تاجر السلاح الإيراني يعقوب نمرودي حينها في مقابلة مع تلفزيون تل أبيب: شيئ ما حدث للقذافي , أريدك أن تعلم انه أبدى رغبته الشديدة في تبديل موقفه, لقد اخبر عدنان (عدنان خاشقجي) بأنه يحب إسرائيل وله أصدقاء يهود, وأحدهم هو الذي رتب لزيارة الحجاج الليبيين.

ورغم تبرؤ القذافي إعلاميا من هؤلاء الحجاج, إلا انه اتضح أن وفد الحجيج كان يتكون من أفراد وأعضاء من رجال الأمن والمخابرات واللجان الثورية الليبية. ولقد فاجأ العقيد العالم مرة أخرى بترحيل الفلسطينيين ورميهم على الحدود الليبية المصرية, وبرر العقيد قراره بأنه يقدم خدمة للفلسطينيين لإعادتهم إلى بلدهم, كما صرح للمرحلين أمام معسكر لهم قرب الحدود الليبية المصرية بأنه :" لا يستطيع أحد أن يزايد على عمر القذافي بالنسبة للفلسطينيين فأنا حبيبهم الأول وأنا المدافع الأول عن الشعب الفلسطيني, وأنا احرص من أي أحد على الفلسطينيين في أي مكان من الكرة الأرضية", وأضاف" أنا على استعداد لإحضار خيمتي ونصبها إلى جوار خيامكم في الصحراء حتى نعود جميعنا إلى أرضنا المحتلة".

وبعد هذه الدراسة المقتضبة عن بعض ملامح "ظاهرة العقيد" بكل شطحاتها وتناقضاتها وازدواجيتها نستطيع القول انه من الصعب فهم أسرار شخصية العقيد القذافي المتشابكة, أو الاقتراب من مفاجأته المزاجية التي تبدو عفوية في الظاهر . وقد يتساءل البعض: هل العقيد مصاب بجنون العظمة ؟ أو بانفصام الشخصية؟ أم إنها حركات مسرحية مدروسة لإخفاء ذكائه؟ أم انه زعيم نستطيع اعتباره فلتة عصره وزمانه؟ وللإجابة على هذه الأسئلة نفرد هنا إجابة للقذافي للصحافية الإيطالية ميريلابيانكو, التي سألته خلال حديثها معه الذي نشر في كتاب "القذافي رسول الصحراء" :يا رسول اكنتم راعي غنم؟