علي بن أبي طالب

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

|- | ولادتـه: ولد الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بن عبد المطلب إبن عم الرسول الأكرم محمد (صلّى الله عليه وآله) بعد عام الفيل بثلاثين سنة وكانت ولادتُه في يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب. في البيت الحرام الذي جعله الله قبلةً للأنام(1).وعن ابن الصباغ المالكي انه قال: لم يُولد في البيت الحرام قبله أحدٌ سواه وهي فضيلة خصّه الله تعالى بها إجلالاً له وإعلاماً لمرتبته وإظهاراً لتكرمته.أمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف وهو واخوته أوّل هاشمي ولد من هاشميين.وروى الشيخ الصدق عن سعيد بن جبير قال: قال يزيد بن قعنب: كنتُ جالساً مع العباس بن عبدالمطلب وفريق من عبدالعزى بأزاء بيت الله الحرام إذا أقبلت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين (عليه السلام) وكانت حاملة به لتسعة أشهرٍ وقد أخذها الطلق. فقالت: ربِّ إني مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسُلٍ وكتب وإني مصدقة بكلام جدّي إبراهيم الخليل (عليه السلام) وإنّه بنى البيت العتيق فبحق الذي بنى هذا البيت وبحق المولود الذي في بطني لمّا يسّرت عليّ ولادتي قال يزيد بن قعنب: فرأينا البيت وقد انفتح عن ظهره ودخلت فاطمة فيه وغابت عن أبصارنا والتزق الحائط فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح فعلمنا أنّ ذلك أمر من أمر الله عزّوجلّ ثم خرجت بعد الرابع وبيدها أمير المؤمنين (عليه السلام)(2).2ـ فضائله ومناقبه (عليه السلام): فأما فضائله فهي كثيرة جداً وقد أذهلت الألباب وحيّرت العقول وقد بلغت من العظم والجلال والانتشار والأشتهار مبلغاً يكون التعرض لذكرها وتفصيلها ممجوجاً كما أشار إلى ذلك ابن أبي الحديد المعتزلي الذي له اعتقاد عظيم بأمير المؤمنين (عليه السلام) حيث قال في القصيدة السادسة من القصائد السبع العلويات في بعض أبياتها:لـولا حـدوثك قلتُ إنّك جاعل      الأرواح فـي الأشباح والمتنزّعلـولا مـماتك قـلت إنك باسط      الأرزاق تقدر في العطاء وتوسّعأنـا  في مديحك ألكنُ لا أهتدي      وأنا  الخطيب الهزبريّ المصقعأأقـولُ  عـنك سميدع كلا ولا      حـاشا  لـمثلِك أن يقال سميدعبـل أنـت في يوم القيامة حاكم      فـي الـعالمين وشـافعٌ ومشفِّعوالله لـولا حـيدرٌ مـا كـانت      الـدنيا ولا جـمع البرية مجمعٌورأيـتُ ديـن الاعتزال وإنّني      أهـوى  لأجـلِك كل مَن يتشيّعُإلى آخر قصيدته الرائعة البالغة ثمانين بيتاً(3) فيه (صلوات الله عليه) وحكي عن الشافعي إنّه قيل له: ما تقول في عليٍّ (عليه السلام)؟ قال: ما أقولُ في حقّ من أخفت أولياؤه فضائله خوفاً وأخفت أعداؤُه فضائلَه حسداً وشاع بين ذين ما ملأ الخافقين(4).وكان (عليه السلام) أعبد وأشجع وأكرم وأفصح وأبلغ وأعلم وأفقه وأزهد وأحكم وأقضى أهل زمانه.فهو ظل الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) وأديبه وهو الآية الكبرى والمعجزة العظمى في خلقه وعبادته وقضاوته وعلمه حتى قال عمر بن الخطاب «أفقهنا علي وأقضانا علي وأعلمنا علي»(5) وكلمته المشهورة المسطورة «لولا علي لهلك عمر»(6) خير دليلٍ على ذلك. بل لم ينقل أرباب التأريخ والسير أن أحداً أعلم أو أقضى أو أفقه منه بل لم يقدموا أحداً عيه غير معلمه الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) في كل الجوانب وهو القائل: «علمني رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ألف باب من العلم يفتح لي من كل باب ألف باب»(7).ويكفي دليلاً على شجاعته ما سطّره أهل التأريخ في معركة بدر وأحد وحنين والخندق وخيبر وغيرها من المعارك التي هدّت حصون الكفر وقلاع الباطل.زوجه الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) صبيته وبضعته فاطمة الزهراء (عليها السلام) بأمرٍ من الله تبارك وتعالى ولولا أنّ الله خلق علياً لها ما كان لها كفوء من آدم فمن دونه كما عبرت الروايات الشريفة عن هذا المعنى(8). فكان خير زوج لخير زوجة. فولدت له الحسن والحسين وزينب (أم كلثوم) (عليهم السلام).3ـ شهادته (عليه السلام): قبض سلام الله عليه ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة ضربه أشقى الأولين والآخرين ابن ملجم الملعون بالسيف المسموم على رأسه في مسجد الكوفة ليلة الجمعة لتسع عشرة ليلة مضين من الشهر. فبقي يومين إلى نحو الثلث الأول من الليل ثم قضى نحبه شهيداً ولقي ربّه تعالى مظلوماً وله يومئذٍ ثلاث وستّون سنة كعمر النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله).قال المؤرخ الشهير المسعودي في مروج الذهب في ذكر مقتله: وفي سنة أربعين اجتمع بمكّة جماعة من الخوارج فتذاكروا الناس وما هم فيه من الحرب والفتنة وتعاهد ثلاثة منهم على قتل عليّ (عليه السلام) ومعاوية وعمر بن العاص وتواعدوا واتفقوا على أن لا ينكص رجلٌ منهم عن صاحبه الذي يتوجّه إليه حتى يقتله أو يقتل دونه وهم: عبدالرحمن بن ملجم لعنه الله، وكان من نجيب وكان عدادهم في مراد فنُسب إليهم وحجّاج بن عبدالله الصريمي ولقبه البرك وزادويه مولى بني العنبر فقال ابن ملجم: أنا أقتل علياً وقال البرك أنا أقتل معاوية وقال زادويه: أنا أقتل عمرو بن العاص واتعدوا أن يكون ذلك ليلة تسع عشرة من شهر رمضان وقيل: ليلة إحدى وعشرين.فخرج عبدالرحمن بن ملجم المرادي إلى عليّ (عليه السلام) فلمّا قدم الكوفة أتى قطام بنت عمّه وكان عليّ (عليه السلام) قتل أباها وأخاها يوم النهروان وكانت أجمل أهل زمانها فخطبها فقالت: لا أتزوج حتى تُسمي لي قال: لا تسأليني شيئاً إلا أعطيتُه فقالت: ثلاثة آلاف وعبداً وقينة وقتل عليّ (عليه السلام) فقال: ما سألتِ هو لك مهر إلاّ قتل عليّ (عليه السلام) فلا أركِ تدركينه قالت: فالتمس غرته فان أصبته شفيت نفسي ونفعك العيش معي، وإن هلكت فما عند الله خير لك من الدنيا قال: والله ما جاء بي إلى هذا المصر وقد كنت هارباً منه إلاّ لك وقد أعطيتك ما سألتِ وخرج من عندها وهو يقول:

ثـلاثـة  آلاف وعـبد وقـنية      وقـتل  عـلي بالحسام المصممِفلا مهر أغلى من عليّ وإن علا      ولا  فتك إلاّ دون فتكِ ابن مُلجمِ

فلقيه رجل من أشجع يقال له شبيب بن بجرة من الخوارج فقال له: هل لك في شرف الدنيا والآخرة؟ فقال وما ذاك؟ قال: تساعدني على قتل علي. قال ثكلتك أمّك لقد جئت شيئاً إدّاً قد عرفت عناءه في الإسلام وسابقته مع النبي (صلّى الله عليه وآله) فقال إبن ملجم: ويحك! أما تعلم أنّه قد حكم الرجال في كتاب الله وقتل اخواننا المصلين فنقتله بعض إخواننا... إلى أن قال: وخرج عليّ (عليه السلام) ينادي أيها الناس الصلاة فشدّ عليه ابن ملجم وأصحابه وهم يقولون: الحكم لله لا لك، وضربه ابن ملجم على رأسه بالسيف في قرنه(9).وذكر غير ذلك وأنّه في صلاته ضرب على أم رأسه فلم يكمل صلاته وهذا هو المعروف عند علمائنا (قدس الله أسرارهم).وهكذا طوى حياته المملوة بالجهاد والتضحيات في سبيل إعلاء كلمة لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله بعيداً عن طلب الدنيا وزخارفها وبعيداً عن الشهوات والملذات ولذا قال حينما ضرب: «فزتُ وربّ الكعبة»(10) إشارة منه (عليه السلام) إلى الخاتمة الحسنة التي ختم الله بها له وهي الشهادة في سبيله عزّوجلّ.


|}