اللعنة

اللعنة مصطلح غريب الأطوار يعيش في جنح الظلام ، وفي سواده البهيم وله حنجرة مغردة تلقى آذانا صاغية من الكائنات الصغيرة الزاحفة . نظرا لمصباح اديسون الآخذ ضوئه بالانتشار والتمدد ، وعلى حساب الساعات والامكنة المعتمة ؛ فلقد ضاق اللاعنون من هذا الزمن الصاخب المتوهج ليله ، لحد لم يعد يمايزون فيه فارق ما بين ساعة نهار او ليل ، كما أنه ما من لحظة تمر ؛ إلا ويسلب الزمن منهم وقتا ومأوي ، فكلما زادت الانارة كثافة واتساعا قلت وانحصرت المساحة المعتمة ، وكلما زاد العمران والتطور مساحة وبنيان وتقنية نفقت وانقرض لاعنو المعمورة . إزاء الكارثة المحدقة بسلالة مهددة بالانقراض عاجلا أم آجلا ؟ ارتأت هذه الفصيلة النادرة مواجهة وهج اديسون الذي لا يبقي مخلوقا او يذر عتمة ؛ إلا وولجها منيرا مستبيحا وحشة الظلام ، ففي هزيع أخر بقعة معتمة ، عقد اللاعنون جلسة طارئة واخيرة ناقشو فيها محنة شعبهم المهجر ظلما وعدوانا ، ومن موطنها الكوني الفسيح الى بقايا سقوف وزوايا وجدران ازمنة التاريخ المظلمة .

بعد الاخذ والرد أقترح الحاضرين بوطن بديل يضم شعب الظلام ، نعم وطن أخر على غرار فكرة ادوارد هرتزل وجماعته الصهيونية الجامعة لشتات يهود العالم وعلى ارض لم تكن لهم ابدا ، وإذا لم يكن وطنا دائما ومستقرا ؛ فعلى الاقل لابد من ملاذ مؤقت واضطراري تستوطنه اسرابها ،اسوة بجماعات الارهاب المستوطنة كهوف وجبال وقفار افغانستان واليمن والصومال وسواها من الملاذات الاخيرة الخفاقة فيها رايات سوداء وجماعات دهماء ظلامية لا تستطيع التكيف مع العصرنة والحداثة والتنوير .

وعلى هامش مؤتمر دولي عني بالطاقة وأثرها على البيئة وطبقة الازون ، وما ترتب عنهما من تلوث واختلال في حرارة الشمس المتزايدة سخونة ، ولدرجة تنذر بفناء كافة كائنات الارض ؛ كانت معاناة اللاعنين قد ادرجت ضمن جدول المؤتمر ، فبعد جهود ومساعي مضنية بذلها وفد اللعنة، قررت المنظمة أخيرا الامتثال لمطلب شعب اللعنة ، وطرح قضيته ضمن نقاشات وتداول هذا المؤتمر الاممي المكرس للطاقة والبيئة ، وذلك لصلة النور والتلوث بمعاناة شعب الظلمات .

في الجلسة المخصصة لكلمة اللاعنين ، كان أمين عام المنظمة بان كي مون قد اعتذر للأعضاء عدم مثول مبعوث شعب الظلام امامهم لتأذيه من اضواء القاعة ، وعدسات الكاميرات المسلطة لمنصة المتحدثين ،على هذا الاساس اقترح على الحاضرين ؛ إما الاصغاء لكلمة موفدهم ، وعدم الانزعاج لصريره المتسلل من عتمة السرداب السفلي ؛ وإما اطفاء الانوار المؤذية ، واغلاق كافة مصادر الاضاءة ؛ كي يتاح لهذه المخلوقات الظلامية مخاطبة ممثلي دول العالم من المنصة ذاتها المحددة للرؤساء والزعماء والسفراء .

في نهاية الجلسة اصدرت الجمعية قرارها الشهير والخالد في ذاكرة البشرية ، إذ كلفت امينها العام بإيفاد من يراه مناسبا لتقصي مأساة شعب اللعنة ، ورفع تقريره خلال مدة شهر واحد ، اعلنت وسائل الاعلام نبأ الجلسة وقرارها ، رحب العالم كله بقرار المنظمة الدولية ، لكن بعض الدول من الشرق الأوسط طالبو بوقت إضافي لتداول الأمر . انقضى شهر ولم ينجز التقرير ؛ فعادو للمنظمة طالبا تمديد فترة الشهر الى شهرين ، الى ستة أشهر ، ومن ثم سنة، وسنتين ، ومن ثم الى يوم القيامة .

مشكلة اللعنة مع الأردنيين

لا تكاد تجد صلاة جمعة في الأردن دون أن تشتمل خطبتها على لعن الكفار الصليبيين والصهاينة الحاقدين ، والمشكلة أن الامام والمصلين يقودون سيارات صنعت في أمريكا، ويلبسون ملابس صنعت في أمريكا و يحملون هواتف نقالة صنعت في أمريكا، ويأكلون خبزا قمحه أمريكي، وغازهم المستخدم في الطبخ والتدفئة قادم من أولاد العم، ويذهب العديد من كبار الشخصيات الأردنية لتهنئة الدولة المسالمة بعيد استقلالها الذي يوافق وللصدفة احدى أسوءالكوارث بتاريخ العالم الحديث وهي نكبة 1948 .بل ان خطبة الجمعة التي توزعها وزارة الأوقاف يتم مراجعتها من قبل السفارة في عبدون لضمان عدم ايقاظ المصلين من سباتهم. ولا تدري اللاموسوعة هل أن حالة الفصام النفسي التي أصيب بها الناس هي فقط في الأردن أم مشمولة بجميع الدول العبرية؟ نرجو منكم الافادة