الدين عبارة عن فكرة جاءت على خلفية أن الأمم والشعوب قد بلغت من الفجور والفسق والانحلال الخلقي مبلغاً يلزم إعادتها لجادة الحق والصواب فقسمت تلك الأفكار الدينية الوحدة والأخوة الإنسانية وقسمت بني الإنسان إلى مؤمنين وهراطقة وزنادقة وكفار وملل وأطياف ، وحقنت الناس بمشاعر الكراهية والعنصرية وأشعلت أتون الحروب والعداوات والثارات والانقسامات وبثت الحقد والكراهية والعنصرية وفكر العصمة والاستعلاء بين الناس . كل دين كان يأتي ، كان ينسخ ويبطل ما قبله ، ويعتبره في غي وضلال وبأنه هو الوحيد الذي يمتلك ناصية الحق وجادة لصواب . وانقسمت الأديان نفسها بفعل التقادم الزمني وتآكل إيديولوجيتها وتعثرها وعدم قدرتها على مواكبة التطورات إضافة إلى إغراءات التسيـّد والزعامة لدى بعض الشخصيات إلى ملل ونحل وطوائف وعشائر ومذاهب وجماعات تشن الحروب فيما بينها وسيبقى يقاتل والحمد لله بعضها بعضاً إلى يوم البعث والحشر والنشور والحساب .

أكثر المجتمعات التي تعاني الفقر و تفتك بها الأمراض والحروب والمجاعات هي تلك المجتمعات التي ما تزال تعيش صراعات دينية وفي سكرة الفوز بالجنان وتتخللها انقسامات مذهبية حادة وتشغلها اختلاف التفسيرات وحملات التكفير وهيمنة الوعاظ ورجال الدين على مناحي الحياة وعن اللحاق بركب الحضارة الإنسانية جمعاء . وتتخلف مثلاً دول في قلب القارة الخضراء مثل ألبانيا، والبوسنة والشيشان عن أوروبا سنيناً ضوئية بسبب حلمها الوردي بالعودة إلى المنابع والأصول والأجداد. وفي الهند ما تزال الولايات التي ترزح تحت نير الاستبداد الديني تتخلف عن تلك الولايات والمقاطعات التي تنعم بشيء من الليبرالية والعلمنة. وأما دول أمريكا الجنوبية الكاثوليكية فتتخلف قروناً عن دول الشمال الأمريكي ، ككندا والولايات المتحدة التي اتخذت من العلمانية منهجاً لها في الحياة.

بنى الروس الشيوعيون الكفار أعظم إمبراطورية وقوة عسكرية في التاريخ وأرجو ألا يقولن لنا البنلادينيون الموظفون أمريكياً سابقاً ولاحقاً بأنهم هزموا هذه القوة الجبارة فمن قوّضها هو بوريس يلتسين ومن وراءه الإصلاحي الروسي ميخائيل غورباتشيف وأعطى أوامره بسحب قواته بعد أن تيقن أن تلك الشعوب التي أتى ليحررها تبدو عصية على التقدم والتحضر ولا داعي هنا للتذكير بالعملاق الياباني صاحب البوذية الوضعية الذي فاق التصور والخيال والنمر الكوري الجنوبي الجامح والنسر السنغافوري الجارح . ويتراكض المتدينون من كافة الأديان وفي كافة بلدان العالم وأصحاب العمائم واللحى لاقتناء المنتوجات اليابانية والتفاخر بها على الملأ، وأمام الناس .

الدين ببساطة هو وكما قال ماركس أفيون الشعوب والشعوب البليدة بالذات التي يتحكم بمصائرها رجال الدين اللاعبون بالدين لعبا . وسأروي لكم هذه القصة الحقيقية التي حدثت في عهد الخليفة العباسي المنصور
حيث ان ابن المقفع الأديب المعروف كان حينها على الديانة المجوسية (أي من عبيد النار) وكان يعمل في ديوان الخليفة المنصور فجاءه أحد أصدقائه وقال له (يا ابن المقفع لم لا تترك دينك المجوسي وتكون مسلما

اما دخل الأيمان قلبك ؟؟ وانت من اقرب المقربين الى مولانا الخليفة!!؟؟) فوعده ابن المقفع بعد طول مجادلة وتفكير وقال له : انه سيشهر اسلامه غدا عند صلاة الفجر وامام الملأ في المسجد الجامع !! فرح صاحبه وهلل وأخبر الناس من امر ابن المقفع . ثم ذهب اليه ليلا فرأى ابن المقفع ساجدا للنار ويتمتم بتراتيل المجوسية فغضب صاحبه منه وقال :اما وعدتني يا رجل بأنك ستشهر اسلامك غدا فجرا ..!! فقال له نعم وعدتك ولكني خفت أن أبات بلا دين!!! هذا هو الدين شيء مرعب اذا كان قصرا وغصبا وليس هناك شيء افضل منه اذا كان عن قناعة ودراية