الفرق بين المراجعتين لصفحة: «لحاف»

أُضيف 14 بايت ،  قبل 4 سنوات
لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر 1:
[[صورة:quilt.jpg|left|250px220px|]]
'''اللحاف''' (بالإنجليزية: Quilt) غطاء من القطن المضرَّب يتدثر به النائم الذي يجب ان يمد رجليه على قدر لحافه . يا [[الرجل|رجل]] على قد لحافك مد رجليك ، تسمعها يومياً في [[الوطن العربي]] . القانون قانون ، وإذا أردت أن تبقى [[موظف مصري|موظفا]] عندنا ، فعليك أن توائم قدميك مع اللحاف . تذكرت المحاضرة الصباحية ، التي أخضعني لها ال[[مدير]] ، حين طلبت منه زيادة طفيفة على الراتب ، بعد أن تجمّد راتبي ، في [[ثلاجة]] [[الموت]]ى ، منذ سنوات . عدت إلى البيت مكسورا ، فقد كنت أتمنى لو استجاب ال[[مدير]] لطلبي ، لأن راتبي لم يعد يستطيع تغطية أقدام الشهر الطويلة ، وحاولت تلك الليلة أن أوائم جسدي مع اللحاف ، فضغطت جسدي ، وانكمشت ، كي لا يعضني البرد .
 
خرجت صباحاً إلى الجزّار ، لأبتاع نصف كيلو لحم [[الأجنبي|مستورد]] ، فوجدت أن الأسعار قد ارتفعت ، عن اليوم السابق ، وأن ما أحمله في جيبي لا يغطي نصف كيلو اللحم المطلوب ، [[ضحك|فقهقه]] الجزّار ، وهو يلوّح بساطوره الطويل ، الأطول من لحافي ، وأخضعني هو الآخر لمحاضرة ، عن ارتفاع أسعار اللحوم المستوردة ، بسبب حمّى تصدير [[خروف|خرافنا]] إلى الخارج ، وقال بأن على [[الإنسان]] أن يتواءم مع دخله ولا بأس أن أشتري أوقية لحم بدل نصف الكيلو ، وختم محاضرته القيّمة بعبارة: يا عمي على قد لحافك مدّ رجليك ، واضطررت من جهتي طبعا ، أن أثني على نظريته ، خصوصا ، عندما لمحت مدى حدّة ساطوره الطويل .
 
عدت إلى البيت تلك [[كهرباء|الليلة]] ، مفروما ، لأنني لن أستطيع شراء اللحم المستورد [[الأطفال|لأطفالي]] بعد الآن وعلي أن أوائم جسدي مع اللحاف الآخذ بالانكماش ، فكوّرت جسدي ورفعت ركبتيّ إلى [[لحية|ذقني]] ، كي أكتفي بما لدي من فلول اللحاف . خرجت صباحا متيبّس الأطراف واضطررت أن أحني قامتي مرات عدة ، كي أتمكن من الخروج من فتحات منزلي ، ومشيت مترنحا ، في [[حارة|الشوارع]] ، قاصدا مكان عملي .
 
في الطريق ، لمحت مظاهرة [[معارضة|احتجاج]] ، على قانون الصوت الواحد [[انتخابات|الانتخابي]] ، وكان المتظاهرون، يرفعون لافتات من قبيل "القانون الجديد لا يغطي تطلعاتنا ، وآمالنا ، و المتغطي في الحكومة بردان . وفي مواجهة المتظاهرين ، كان ثمة [[سياسيون عرب|مسؤول حكومي]] ، يحاول أن يقنع المتظاهرين بمحاسن القانون الجديد، ويصرخ فيهم بعبارات من قبيل: " هذا أفضل ما استطعنا التوصل إليه، والمسؤولون سهروا [[كهرباء|ليالي]] طوالا لم تشمّ فيها أجسادهم ألحفتهم، وهم يُعدّون هذا القانون من أجل [[العين|عيونكم]] ، و يا إخوان المرحلة دقيقة وحساسة، ولا تحتمل المزايدات ، أما آخر محاضراته فكانت عبارة قاطعة [[الممنوع|مانعة]] لا تخلو من الوعيد ، بعد أن ضاق صدره بهتافاتهم: "إيدكو وما تعطي ، هذا اللي أجاكم ، وعلى قد لحافكو مدوا رجليكم" ، ثم بدأت أقدامه الطويلة تمعن بالركل و[[الشلوت|الشلاليط]] .
 
وما إن ابتعدت حتى لمحت مظاهرة أخرى ، ضد [[الغلاء]] ، وكان أيضا ثمة مسؤول يتحدث من كرشه المدلوق عن قلة الموارد ، وعن ضرورة التقشف ، وعن ضرورة مدّ الأقدام على قدّ الفلقة ، ثم يعود فيستدرك على قد اللحاف . توقفت برهة وتساءلت : يبدو أن المشكلة ليست في اللحاف القصير ، بل بأقدامنا ، وقاماتنا ، نحن [[المواطن]]ين ، وينبغي علينا أن نتواءم مع الألحفة الرسمية ، بكل مواصفاتها .
 
ولا أدري كيف غيرت طريقي في تلك اللحظة ، عائدا إلى البيت ، واتجهت مباشرة إلى لحافي ، وحشوت جسدي أسفله ، وكوّرت نفسي ، فاستغربت كيف استجاب لي هذه المرة ، وغططت في سبات عميق لم أعتد عليه ، قبل اليوم ، ممتثلا لكل المحاضرات الرسمية و[[مجتمع|الاجتماعية]] ، التي ثقبت أذنيّ منذ وعيت على عمري القصير .وفي الصباح ، كنت مرتاحا ، ومطمئناً على خلاف سابق عهدي. لكن المفاجأة التي عقدت لساني ، حدثت حينما أبعدت اللحاف جانبا .. يا للفجيعة ، فقد غدوت قزما .
290

تعديل