الفرق بين المراجعتين لصفحة: «فيودور ميخائيلوفيتش دوستويفسكي»

ط
لا ملخص تعديل
 
(3 مراجعات متوسطة بواسطة مستخدمين اثنين آخرين غير معروضة)
سطر 1:
[[صورة:Dostoevsky_1872.jpg|left|200px|]]
'''فيودور بن ميخائيلوفيتش بن دويستويفسكي''' كان صوت [[الله]] و[[الشيطان]] في إنسان واحد استطاع أن يحتفظ لأدبه بصلاحية [[القراءة]] الأبدية , [[ولادة|ولد]] عام 1821 في حي من أحياء موسكو [[فقراء|الفقيرة]] وارثًا نوبات [[عدنان الدليمي|الصرع]] عن والده [[الطبيب]] في المستشفى العسكري . كان [[الأب|والده]] ذو طباع حادة ترك صورته القاسية في روايات دوستويفسكي لاحقا، أما [[الأم|والدته]] فكانت [[المرأة|امرأة]] مريضة مؤمنة، سرعان ما غيبها [[الموت]] من حياته لتتركه في مواجهةٍ قاسية مع [[العالم]] حيث كان يتجول في ساعات فراغه شوارع [[راس الدربونة|الحي الفقير]] ليشاهد بعينيه كيف ينمو [[الإنسان]] في الظروف الاستثنائية من ال[[حياة]] حيث كان [[فقراء|الفقر]] سببا في خلل النظام [[مجتمع|الاجتماعي]] و الأخلاقي[[الأخلاق]]ي.
 
كان القدر المأساوي حليفا لفيودور ، فقد [[السجن|سُجن]] 1849 بتهمة انتمائه إلى جماعة [[فكرة|التفكير]] المتحرر ، التي عدّها القيصر تسار نيكولاس جماعة خطِرة تهدد [[كرسي|حكمه]] ، فأمر بإعدام أعضاء الجماعة ، وكان فيودور من بين هؤلاء الذين صدر القرار بإعدامهم ، غير أنه في اللحظة الأخيرة ، وبعد أن عايش دوستويفسكي لحظة [[الموت]] الحقيقية،[[حقيقة|الحقيقية]]، صدرت الأوامر بتخفيف الحكم من الإعدام للنفي إلى سيبيريا حيث قضي الأيام القاسية بصحبة المجرمين والقتلة في ظروفٍ معيشية لا تليق ب[[الإنسان]].
 
عاد دوستويفسكي من هذه التجربة محمَّلًا بالألم الإنساني[[الإنسان]]ي ، ووجهات نظر المنبوذين من المجرمين ، وبمعايشة لحظةٍ جوهرية كلحظة [[الموت]] الحقيقي عندما كان في ساحة الإعدام , فغرق في إدمان المقامرة ، حيث المقامرة ليست [[SAW|مجرد لعبة]] ولا مغامرة، إنها [[فلسفة]] جديدة قائمة على [[فكرة]] التخلي الحر عن الامتلاك ، ليس في هذه ال[[حياة]] ما يستحق أن تحافظ عليه، بل في ال[[حياة]] ما يستحق أن تُهدره لتمتلكه مرةً أخرى كلعبة حظ ، تمامًا كمصادفة نجاته من الإعدام في اللحظة الأخيرة.
 
بدأت نوبات الصرع تنتابه منذ التاسعة، لقد كانت نوبات الصرع بوابته الأولى نحو تجربة [[الموت]] ، تلك التجربة التي يمكن اعتبارها [[الأم|أمًّا]] للأسئلة الكبرى كلها. كانت نوبات الصرع تلقيه باعترافه هو نفسه إلى ملذات رهيبة. كان وهو في ذروة هذا التوتر ال[[عصب]]ي يعاين [[الموت]] حيًا ، ويتصل بالوجه الآخر من هذا [[العالم]] الذي نعيش فيه، فيفهم ما لا سبيل إلى فهمه، ثم يعود إلى [[الأرض]] بعد التشنج الأخير مبهورًا مفئودًا، فهذه القدرة على التحليق فوق الظرف [[الإنسان]]ي تتيح له أن يؤكد وجود منطقة وسيطة لا هي في [[خرا|الواقع]] ولا هي الحلم. هناك أصواتٌ كثيرة يمكن أن نسمع وسوستها القاهرة في روايات دوستويفسكي: صوتُ القسوة، صوت المجرم ، صوت المريض ، صوت المتشائم ، صوت المؤمن ، صوت [[إلحاد|الملحد]] ، صوت الشفقة ، صوت [[المسيح]] ، صوت [[الشيطان]]، صوت العقل،[[دماغ|العقل]]، صوت الإيمان، صوت الشهوة والغريزة، صوت [[الحب]] الصافي، لا يمكن أن نميز أيُّ هذه الأصوات كان صوته تحديدًا، لقد بدتْ كلها أصواته تمامًا، وكأنها جميعًا وجوهه الغائبة فيه.
 
إن طول الحوارات بوصفها سمة فنية تميزت بها روايات دوستويفسكي لم يكن إلا نتاجًا للأصوات المتعددة في داخل دوستويفسكي، لذا يعتبر مبدع الرواية متعددة الأصوات، وتعددية الأصوات تكشف تنوع ال[[حياة]]، وتعقد المعاناة البشرية، وتباين الوعي والنظرة إلى [[العالم]]، الحوار عند دوستويفسكي ليس مقدمةً تعود إلى الحدث ، بل هو نفسه حدث. هذا التعدد في أصوات شخصياته يتميز باستقلاله الموضوعي عن شخصية دوستويفسكي ، أي إننا لا نعلم بالضبط أين هو موقع دوستويفسكي من هذه الأصوات ، وهذا ما يجعلها أكثر جاذبية لنا، ففي رواية الإخوة كارامازوف لا ندري إذا ما كان دوستويفسكي هو إليوشا [[أديان|المؤمن]] ، أم إيفان المثقف [[كافر|الملحد]] ، كلاهما يتحدثان وكأنهما لم يُخلقا داخل عقل واحد، هو عقل دوستويفسكي، وهذا يعني أن عقل دوستويفسكي نفسه لم يكن قادرًا على أن يخلق صوتًا واحدًا فقط.
سطر 22:
* رغبته الملحة في معالجة القضايا الكبرى كالإيمان و[[كافر|الإلحاد]] والعدالة وغيرها وهو ما استدعى أن يكون أبطاله استثنائيين ؛ إذ ليس بإمكان الشخص العادي أن يكون نموذجًا للسؤال ولا الإجابة؛ فإنما تفحص قدرة الإجابات هذه الأسئلة على الإقناع في الظروف الاستثنائية، لا في الظروف العادية.
 
البحث عن [[معنى الحياة]] في كتابات دوستويفسكي يتحول إلى قضية الإيمان باللَّه وليس قضية وجود اللَّه، لم يستطع دوستويفسكي إنكار وجود [[الله]] مطلقًا، لكنه ظلَّ غير قادر على الإيمان المطمئن في ذات الوقت , يعتبر الكثير من النقاد رواية الإخوة كارامازوف هي خلاصة أفكار دوستويفسكي حول الإيمان والله، وهي روايةٌ يجد فيها كل ضالٍ حجته: المؤمنون والملحدونو[[إلحاد|الملحدون]] معًا، فهناك من هاجم دوستويفسكي عقب نشرها بأنه أصبح رجعيًا [[الدين|بتدينه]]، لكنه رد مستاءً: لا، لم أؤمن بالله ولم أعترف به كما يفعل طفل، وإنما وصلت إلى هذا الإيمان صاعدًا من الشك والإلحاد بمشقة كبيرة وعذاب أليم. وعلى كل حال، في الإخوة كارامازوف كل شيء. وربما أقرب تفسير لهذه الحالة من الإيمان والتشكك ما رآه فرويد حين قال إن دوستويفسكي كان يتذبذب بين الإيمان والإلحاد، وأن عقل العظيم قد جعل من المستحيل عليه أن يتغاضى عن أي من الصعاب العقلية التي يؤدي إليها الإيمان، لقد كان يأمل أن يجد مخرجًا وتحررًا من الذنب،
[[تصنيف:أدبيات]]
[[تصنيف:صفحات للتحقق]]