الفرق بين المراجعتين لصفحة: «البغاء في اليونان»
اذهب إلى التنقل
اذهب إلى البحث
لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل |
لا ملخص تعديل |
||
سطر 8:
ماذا نفعل ، فنحن أسرى ، ولا نعرف أحداً في أثينا ، وتذكرت شهادات المعارف ، والسجناء السياسيين ، الذين خرجوا من [[سجن |السجون]] السياسية ورووا لنا الفظائع ، وأن أقسى ما لاقوه من أهوال ، لم يكن التعذيب ، وإنما سماع أنّات وآهات النساء و[[الأطفال]]، وعجزهم عن تقديم العون لهم. لم نفعل شيئاً لأنجلينا، كانت مروءتنا قد ماتت ، إلتفت إلينا القواد واعتذر ، وقال: إنها تستحق العقاب، ثم خرج ، بعدما دعانا إلى اعتبار الشقة شقتنا. ولم نعرف تهمة انجلينا. سقطنا من الإعياء ومن الضرب الذي نالنا ، كما نالها، نتخبط في الأكم وفي الوهد .
عادت الحسناوات إلى مقصوراتهن ، ولم يبق مع انجلينا المجدلية سوى الأفريقية السمراء فيث ، تحاول إسعافها ومواساتها، كان صديقي مذهولاً من أمرين: الأول أن يهان كل ذلك الجمال، الذي لم يره قط ، ويضرب كل ذلك الضرب ، وهنا لا بد من التعريف به ، هو صديق تعرفت به حديثاً ، عمره إحدى وثلاثون سنة ، والسنة غير العام ، أعزب ، لم يعرف [[المرأة|أنثى]] قط ، عفيف وتقي وورع جداً ، من أسرة صالحة ، ربتّه على الصدق والإحسان ،
بادرتُ إلى إخراج علبة من التمر من حقيبتي ، كنا تزودنا بها زاد الطريق ، وفتحتها ، وبدأت أقدمها [[ذئب|للذئبات]] ، فأقبلن عليها بشهية، ونادت فيث صاحباتها، وخلال دقائق كانت العلبتان قد نفذتا، وسعدنا كثيراً بالسرور الذي ظهر عليهن. انجلينا نهضت، وجلست وهي تتأوه، وبدأت تأكل، واللعاب يسيل من فمها من شدة الألم. أعددت شاياً طيب الأعراق ، وشربنا ، وشربتْ معنا [[ذئب|الذئبات]] المدجنة ، عاد [[القواد]] فاستقبلته الذئبات المدجنات على الباب ، وسرعان ما أعدّت له باولا النرجيلة ، والحق أنها كانت جاهزة ، وما أعدته هو مكعبات جمار الفحم ، وأحضرت انجلينا ، وهي تعرج من ركلة في ساقها الممردة ، الماء الساخن في وعاء معدني ، وقربته من القواد الذي لا يبتسم إلا نادراً ، فمدّ قدميه في الماء، وجلس ينفخ الدخان المطيّب، الذي عبق الغرفة برائحة معسل خمائر [[التفاح]] ، وانكبت بإخلاص تدلك قدميه وتغسلهما كما في أفلام الفتوات المصرية.
سطر 16:
ما أرويه ليس حكاية الذئبات الست ، ولا حكاية انجلينا ، التي لم نعرف لمَ تضرب ، إنما هي حكاية صديقي أبي النور، الذي لم أرَ مثل عفافه [[شهيد|عفافاً]] ، وكان روى لي قصة خروجه من [[سوريا]] ، ومحاولات نزوحه الفاشلة عبر البحر سبع مرات، و[[الشرطة]] [[تركيا|التركية]] تأسره، ثم ترده، عندما أمره والده بالهرب من حلب هو وأخوه، ونصحهما بسلوك طريقين مختلفين، كما وصّى يعقوب عليه السلام أبناءه،" لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ". وهو شاب ذكي، كان يمكن أن يكون قائداً أو فاتحاً ، لولا أنه ولد في سوريا [[الأسد]] ، فضمرت مواهبه ، كما ضمرت مواهب أجيال في سورية، والأهم في سيرته، هي أنها خالية من ذكريات الأنثى ، عاش راهباً في الأمن والاستقرار الجنسي ، وقد تأخر [[تزاوج|زواجه]]، وهو يدخل العقد الثالث بخطى فتية ، ذهبية السنابل ، يشوبها الزيوان ، حتى بات يرهب الأنثى، تأخر بسبب ما يسمى في سوريا تكوين الذات ، وتكوين الذات مثل التوازن الاستراتيجي ، الذي يختبئ خلفه النظام هرباً من المعركة، لولا أن الفرق، هو أن التوازن الاستراتيجي ذريعة، وأن تكوين الذات، غرامة اجتماعية واقتصادية. ولم يكن قد أحب أنثى وراسلها، لا قصص حب في حياته، [[المرأة]] عنده شبح أو طيف، أو وهم والإقامة مع ست إناث مفترسات بعريهن الفاجر، هي واحدة من أهم معاركه في ال[[حياة]].
سألني صديقي أبو النور عن هذا السلطان الكبير للقواد عليهن، فتأولت الأمر في أنه يقدم لهن [[دولار|المال]] والمأوى والطعام ، وربما هن
==مصدر==
* أحمد عمر
|