الفرق بين المراجعتين لصفحة: «ثورة 14 تموز 1958»

أُضيف 61 بايت ،  قبل 6 سنوات
لا يوجد ملخص تحرير
imported>سعودي كاوبوي
لا ملخص تعديل
imported>سعودي كاوبوي
لا ملخص تعديل
سطر 7:
 
وتقدم النقيب مصطفى عبد الله وصرخ فيهم ان يجتازوا ممرا من الشجيرات ينتهي الى باحة خضراء صغيرة جنب شجرة توت ضخمة وسط الحديقة , وقد تعلق بها نسناس صغير مربوط من رقبته بسلسلة معدنية فاجتاز الجمع الممر ووقفوا بشكل نسق يتطلعون الى افواه رشاشات الضباط الموجهة نحوهم. وفي هذه الاثناء كان النقيب عبد الستار سبع العبوسي داخل قصر الرحاب فترك القصر ونزل هابطا الدرجات الامامية ورشاشته بيده واستدار الى اليمين فشاهد الاسرة المالكة كلها تسير في صف تاركة باب المطبخ وبعد اقل من نصف دقيقة كان النقيب العبوسي يقف خلف العائلة المالكة تماما, ويفصله عنهم خط شجيرات صغيرة على [[الارض]] .
==المذبحة==
 
[[صورة:Tamooz5.JPG|right|300px|]]
وبلمح البصر فتح نيران رشاشته من الخلف مستديرا من اليمين الى اليسار فاصابت اطلاقات غدارته الثمانية والعشرون طلقة ظهر الامير عبد الاله ورأس ورقبة الملك وظهري الملكة والاميرة عابدية ثم لم يلبث ان فتح مصطفى عبد الله نيرانه من الامام على البشر الموجودين امامه , وفتح بقية الضباط المشكلين نصف حلقة نيران رشاشاتهم , وجاءت النيران من الامام ومن الخلف ومن الجانب من كل يد تحمل [[سلاح]]ا في تلك اللحظة !! اصيب الملك بعدة طلقات فتحت جمجمته وسقط في احضان الاميرة هيام التي تهاوت ارضا , وقد اصيبت في فخذها , وسقط عبد الاله قتيلا وانصبت عليه نيران اكثر من فوهة نارية , وهو يتمرغ قتيلا على [[الارض]] ونالت الاميرة عابدية والملكة نفيسة حظهما من رصاص المهاجمين فتمرغتا بالارض وهما تلفظان انفاسهما الاخيرة واصيب جندي الحرس محمد فقي بعدة طلقات نارية صرعته فورا وجرحت الخادمة رازقية وقتل الطباخ التركي , وقتل احد الخدم في نفس البقعة ايضا.
 
واصيب النقيب ثابت يونس بطلقة نارية اخترقت رئته اليمنى ونفذت , فهرب الى جهة اليمين ومعه ضابطا صف من الانضباط الخاص , وسرعان ما واجهتهم اعداد المسلحين المختفين وراء القصر واجبروهم على التسليم اما المقدم محمد الشيخ لطيف فقد قفز جانبا حائدا عن مهمر الرصاص , واستطاع الملازم اول ثامر الحمدان ان يلقي بنفسه بين الشجيرات, ويزحف ارضا الى ضفاف نهر الخر ويندس هناك بين جموع المهاجمين ويختفي دون ان يعرفه احد.واثار منظر الدماء واصوات الطلقات النارية جنون ضابط المدرعة , ففتح نيران رشاشته الثقيلة على الاجسام الملقاة ارضا فحرثها حرثا وحاول الطفل جعفر اليتيم الذي كانت تربيه الاميرة عابدية ان يهرب الى زاوية من زوايا القصر, الا انه سرعان ما عاجله الجنود برصاص بنادقهم فاردوه قتيلا.
 
[[صورة:Tamooz5.JPG|right|300px|]]
وعلى اثر هذا الرصاص المتناثر يمنة ويسرة اصيب النقيب مصطفى عبدالله بطلقة نارية بصدره, وسقط ارضا والدم ينزف من جرحه, وتهاوى بين الشجيرات النقيب حميد السراج, وقد اصابته طلقة نارية في كعب قدمه وسقط ضابط صف برتية رئيس عرفاء قتيلا من المهاجمين , اما الاميرة هيام فقد تمكنت من الزحف الى ركن امين وتقدم منها ضابط وحملها بيده حيث اخفاها في غرفة حرس الباب النظامي , والدماء تسيل من فخذها . ثم كفت الاطلاقات النارية وكانت الجثث [[الموت|الميتة]] ملقاة ارضا .وتصايح الضباط كل يريد ان يعطي [[فكرة]] او طريقة للتخلص من الجثث , وسرعان ما جلبت [[سيارة|سيارات]] نقل على اثرها الضابطان الجريحان من المهاجمين الى المستشفى . وفجأة سمع المتجمهرون اطلاقة نارية تاتي من الخلف من بين الاشجار العالية المحيطة بالقصر لاتمام عملية التطهير , ولعلع من جديد رصاص الرشاشات شاقا السكون الذي ساد المكان اثر عملية القتل كأنما هو صرخات [[الموت]] الختامية وحشرجته في قصر الرحاب.
 
السطر 17 ⟵ 18:
 
اما الاميرة هيام والخادمة رازقية فقد نقلتا الى المستشفى الحكومي الملكي حيث اعطيتا العلاج اللازم وتم انقاذ حياتهما . وعندما خرجت السيارة التي كانت تقل القتلى. وقفت باب ثكنة الرحاب حيث اعيد رفع جثتي الامير والملك, ووضعتا في سيارة جيب عسكرية ركب معها ضابطان .اما سيارة البيك اب فقد توجهت بسرعة الى دائرة الطب العدلي في المستشفى المدني حيث ووريت جثث النساء في حفرة م[[قبر]]ة قريبة .كانت السيارة التي تقل جثتي الملك والامير تحاول ان تسير مسرعة وسط الزحام الشديد في الشارع, وحاول الضباط الا يعرف احد بان سيارتهم تقل جثتين , الا انه سرعان ما فطنت الحشود الهائلة التي راحت تركض وراء السيارة , وقد شهرت المسدسات والخناجر والهراوات , وكانت اعداد من الجنود قد وقفت على جوانب الطريق المكتظ, وهم يطلقون نيران بنادقهم ابتهاجا.
==الفرهود==
 
وفي قصر الرحاب هجمت جموع المدنيين الى داخل القصر المحترق وباشرت عمليات [[سرقة|السلب والنهب]] في سباق مع اللهيب والنيران الاكلة واستمرت عمليات النهب يومين متتاليين على مرأى ومسمع من الضباط الذين كانوا في الحراسة هناك . وتمت سرقة دار السيد عبد الجبار محمود زوج [[العم|عمة]] فيصل بتسهيل من احد ضباط كتيبة الهاشمي من الحرس الملكي, وتم تهشيم وحرق [[سيارة]] الملازم اول ثامر خالد الحمدان التي كانت تقف امام باب القصر. وشاهدت جموع الغوغاء جثة الطباخ التركي ملقاة في الحديقة فوضعت الحبال في رقبته وسحل الى الطريق العام, والقيت الجثة امام باب معسكر الوشاش حيث صبت عليها قوارير البترول من السيارات الواقفة جنب الطريق واشعلت فيها النار وتركت هناك. وكانت الجماهير خارج القصر قد هاجمت سيارة مدنية يركب بها شاب اجنبي وانهالوا عليه ضربا وهشموا وجهه ورأسه وهويبكي ويصرخ متوسلا انه لا ذنب له ولا يعرف عن الموضوع شيئا.
[[صورة:tamooz2.jpg|right|300px|]]
وفي قصر الرحاب هجمت جموع المدنيين الى داخل القصر المحترق وباشرت عمليات [[سرقة|السلب والنهب]] في سباق مع اللهيب والنيران الاكلة واستمرت عمليات النهب يومين متتاليين على مرأى ومسمع من الضباط الذين كانوا في الحراسة هناك . وتمت سرقة دار السيد عبد الجبار محمود زوج [[العم|عمة]] فيصل بتسهيل من احد ضباط كتيبة الهاشمي من الحرس الملكي, وتم تهشيم وحرق [[سيارة]] الملازم اول ثامر خالد الحمدان التي كانت تقف امام باب القصر. وشاهدت جموع الغوغاء جثة الطباخ التركي ملقاة في الحديقة فوضعت الحبال في رقبته وسحل الى الطريق العام, والقيت الجثة امام باب معسكر الوشاش حيث صبت عليها قوارير البترول من السيارات الواقفة جنب الطريق واشعلت فيها النار وتركت هناك. وكانت الجماهير خارج القصر قد هاجمت سيارة مدنية يركب بها شاب اجنبي وانهالوا عليه ضربا وهشموا وجهه ورأسه وهويبكي ويصرخ متوسلا انه لا ذنب له ولا يعرف عن الموضوع شيئا.
 
سارت السيارة التي تقل الجثتين, تتبعها الحشود التي اخذت تنشد اهازيج الحماسة الشعبية وحالما وصلت السيارة الى النقطة المواجهة لمبنى المحطة العالمية التف حولها اعداد اخرى من الناس والكل يريد ان يلقي نظرة على الاموات . وازاء الضغط المخيف للحشود المتلاطمة من المسلحين المحيطين بالسيارة من كل جنب قام احد الضباط برفع جثة الامير من قدمه وسلم القدم الى اقرب الموجودين اليه وسحبت الجثة من [[السيارة]] والقيت ارضا . سقطت الجثة على ظهرها والدماء تلطخ القميص الابيض الذي كان يرتديه عبد الاله وسرعان ما انهالت عليها الركلات بالاقدام وتناثر رشاش البصاق من افواه المحيطين بها عليه.
انتهز الضابطان انشغال الغوغاء بجثة الامير فاطلقا العنان لسيارتهما التي تحمل جثة فيصل وعبروا بها شوارع [[بغداد]] دون ان يشعر بهم احد وتوجهوا الى وزارة الدفاع حيث امروا بالتوجه بها نحو مستشفى الرشيد العسكري.
السطر 25 ⟵ 27:
وفي المستشفى نقلت الجثة الى احدى غرف العمليات وسجي الجثمان على احدى طاولات العمليات حيث قدم عدد من الضباط الاطباء وغيرهم ليلقوا نظرة على وجه فيصل , وفتح احد الاطباء جفني [[العين]] التي بدت جامدة لا [[حياة]] فيها وسأله ضابطان برتبة نقيب وصلا لتوهما من وزارة الدفاع عما اذا كان الملك حيا ام ميتا فاجابهم انهم ميت. ولم تستطع الممرضات الموجودات في الغرفة ان يغالبن دموعهن وهن يتطلعن الى وجه فيصل وقد خضبت الدماء محياه وشعر رأسه وتركن الغرفة الى الخارج وهن ينشجن .
وفي مساء اليوم نفسه حفرت حفرة قريبة من المستشفى في معسكر الرشيد وانزلت فيها الجثة واهيل عليها التراب ووضعت بعض العلامات الفارقة معها لتدل على مكانها فيما بعد واستمر التراب يغطي الجثة حتى تساوى مع [[الارض]] ودك بالاقدام ولم تعد ثمة علامة في الارض تدل على مكانها ولا يعرفها الا الضباط الذين دفنوا ورفعوا بها تقريرا رسميا الى المسؤولين في وزارة الدفاع.
==عبد الاله==
 
اما جثة الامير عبد الاله فسرعان ما انقضت الايادي على ملابسه وخلعتها حتى عري الجسد الذي بدا اصفر مائلا للبياض من كثرة ما نزف من دماء.وتصايحت الجماهير اجلبوا الحبال وبسرعة جلبت الحبال من الاكواخ المجاورة واللوريات الواقفة وربطت الجثة بحبلين واحد من الرقبة ومرر الاخر من تحت الابطين وامسك بطرفي الحبل بعض الشبان وباشروا المسير والجثة العارية تسحل من ورائهم على الارض. وكلما تقدم موكب القتيل المسحول من قلب مدينة [[بغداد]] صادفتهم الجماهير الهائجة القادمة لتلقي نظرة او ضربة او طعنة في الميت. وما ان وصلت الجثة الى قلب منطقة الكرخ وفي اكبر شوارعها الا وكانت حشود بغداد الرصافة تحاول ان تعبر جسر المأمون الذي غص بمن فيه, وكذلك الشارع واصبح من المتعذر المرور والسير فيه.
[[صورة:tamooz1.jpg|right|180px|]]
اما جثة الامير عبد الاله فسرعان ما انقضت الايادي على ملابسه وخلعتها حتى عري الجسد الذي بدا اصفر مائلا للبياض من كثرة ما نزف من دماء.وتصايحت الجماهير اجلبوا الحبال وبسرعة جلبت الحبال من الاكواخ المجاورة واللوريات الواقفة وربطت الجثة بحبلين واحد من الرقبة ومرر الاخر من تحت الابطين وامسك بطرفي الحبل بعض الشبان وباشروا المسير والجثة العارية تسحل من ورائهم على الارض. وكلما تقدم موكب القتيل المسحول من قلب مدينة [[بغداد]] صادفتهم الجماهير الهائجة القادمة لتلقي نظرة او ضربة او طعنة في الميت. وما ان وصلت الجثة الى قلب منطقة الكرخ وفي اكبر شوارعها الا وكانت حشود بغداد الرصافة تحاول ان تعبر جسر المأمون الذي غص بمن فيه, وكذلك الشارع واصبح من المتعذر المرور والسير فيه.
 
وجلبت الحبال الغليظة وربطت بشرفة فندق الكرخ وبعد دقائق كانت جثة الامير ترتفع معلقة في الهواء. فصعد اليها حملة السكاكين والسواطير فبتر [[قضيب|الذكر]] وفصلت الرجلان من الركبتين, وقطع الكفان من الرسغين, والقيت الى مجموعات من الفتيان والشبان الذين سرعان ما تلاقفوها وانطلقوا مهرولين بالاجزاء المبتورة عبر الشوارع والازقة متجهين نحو الرصافة في صخب ولعب و[[ضحك]] كأنهم في ساحة [[كرة القدم]] , وتقدم شاب في مقتبل العمر من الجثة المعلقة عرف فيما بعد انه ابن احد القواد العسكريين الذين اعدموا بعد حوادث 1941 وناولته الجماهير مسدسا ليطلق منه النار على الميت الا انه امتنع عن القيام بعمل كهذا. وبقيت الجثة معلقة في مكانها زهاء العشرين دقيقة وتعالت الصرخات انزلوها ولنكمل سحلها في الشوارع, وانزلت الجثة وبوشر بالسحل ثانية, وعبروا بها جسر المأمون متجهين نحو شارع الرشيد الذي كان يغص بالناس وبالمتفرجين من الشرفات والنوافذ. وفي شارع الرشيد اصبحت الجثة هذفا للحجارة وبدت طلائع الموكب الوحشي المرعب وهي تسير على لحن نشيد [[الله]] اكبر الذي كان يملأ الاسماع من الراديوات المنتشرة في مقاهي واماكن الشارع.
 
مستخدم مجهول