بيت

مراجعة 03:22، 15 أغسطس 2019 بواسطة روبوت (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''بيتي''' هناك , في المنحدر المؤدي الى الهاوية . بني من خراب ودمار ، لا من حديد و لا من أحجار .. م...')

بيتي هناك , في المنحدر المؤدي الى الهاوية . بني من خراب ودمار ، لا من حديد و لا من أحجار .. منحوت من ضجر . لا يتحدى لا العواصف و لا الرعد ولا الامطار . بيتي من طين وتراب ، وسقفه من تبن وتراب وصلصال وقليل من الاخشاب . كنت طفلا سليل عائلة عريقة في الفقر , عائلة من زمن بؤساء فيكتور هيجو . كنت انا جون فالجون في صيغته المغربية , طفل صغير سجين الفقر و الحرمان والتهميش . خريفا وشتاء ، عندما يهطل المطر بيتنا يبدأ بعزف السيمفونية المأساوية لتشايكوفسكي بعد ان تتناوب القطرات النازلة من السقف على الارتطام بالكؤوس و الصحون وباقي الاواني . اواني نكون قد وضعناه حيطة حتى لا تتبلل الارضية و والافرشة و الثياب . صوت ارتطام قطرات المطر بالاواني المطبخية وتفاوت التواقيت ،يخلق الحانا وايقاعات موسيقية اكثر ماساوية من رائعة تشايكوفسكي .سمفونية البرد القارس و الجوع والمطر المنهمر من السماء السابعة تتوحد لتؤلف لحنا رهيبا يتجاوز بيتهوفن و فيفالدي وباقي عباقرة الموسيقى اجمعين . بين الرغبة في النوم والبرد القارس وصوت السمفونية،ولدت حكاية طفل كتب له ان يولد في مغرب البؤس و التهميش و الحرمان .ايقاعات السمفونية والبرد القارص كان يدفعني ان أؤدي رقصة البجعة السوداء مجبرا.

رقصة الباليه على ايقاعات احزان و الام طفولة مغتصبة. صباحا قرب الولي الصالح سيدي محند و يوسف , هذا الاخير صنع له الناس قصرا صغيرا يؤمه الزوار . و اكثرهم زائرات باحثات عن البركة ، يغتسلون في الحنفية المجاورة له قبل الدخول , حاملين قراطيس الشمع هدية الفقراء للولي الصالح , تقربا وطلبا للمساعدة على حل مشاكل مختلفة ، كساد تجارة ، فشل في الزواج ، عقم ، واشياء اخرى . يتحول مقر الولي الى مصحة متعددة التخصصات. سوسو صديقتي و أنا نلعب بالقرب منه و نراقب الزوار , الولي الصالح ورغم موته ، بيته من حجر وسقفه من حديد ، وغير مجبر على سماع السمفونية كل مساء , ينام نومة الملوك و الامراء .