البرلمان العربي (أي برلمان عربي) باختصار هو خان من الخانات البغدادية العائدة للحقبة العباسية، حيث يطيب لرواد هذا الخان النوم خلال معظم ساعات النهار.

مشهد مألوف في البرلمانات العربية: نائب يغط في نوم عميق

البرلمان لغة هو المكان الذي يجتمع فيه ثلة من البشر للتكلم، وعمليا البرلمان هو المجموعة التي أودعها المواطنون ثقتهم بعد انتخابةٍ ديمقراطية نزيهة لتسن القوانين وتسير أمور البلاد وتشكل حكومة تشغل السلطة التشريعية للدولة. ولكن في الدول العربية الصورة معكوسة تماما،ً أي لفهم ماهية البرلمان العربي يجب علينا قلب التسلسل المنطقي من الأعلى إلى الأسفل، فيصبح تعريف البرلمان: هو المجموعة التي اختارتها الحكومة العربية الرشيدة لتضحك على ذقون المواطنين بأن كل شي ماشي والبلد في أحسن حال، وأيضاً للتمويه أمام الدول الغربية الحرة فأنظمتنا العربية من شدة ذكائها لا تزال تأمل بأن العالم الغربي يصدق فعلاً أن العرب يتمتعون بالديمقراطية لمجرد وجود مبنى كبير في العاصمة يحمل اسم برلمان.


تسميات البرلمان العربي

في الحقيقة البرلمان في العالم العربي لا يسمى دائماً برلمان، فمن منطلق أن الشعب العربي قد امتهن التجربة الديمقراطية منذ العصور الجاهلية وأصبح سباقاً لنشر خبراته في هذا المجال بين الشعوب المتخلفة في الشرق والغرب، فقد تفننت حكوماتنا بتسمية برلماناتها. فنرى أنه يسمى مجلس الأمة في الكويت ومجلس الشعب في سوريا ومجلس الشورى في السعودية ومؤتمر الشعب العام في ليبيا والمجلس الشعبي الوطني في الجزائر والجمعية الوطنية في جيبوتي والجمعية الاتحادبة في جزر القمر وغيرها، أما التسمية الأكثر شعبية في الشارع العربي فهي:

  • مجلس الموافقون: فلم يحدث في تاريخ أي برلمان عربي أن نائب قال عبارة "أنا أعترض"، وإن تصادف وجود حوادث متفرقة هنا وهناك فترجع لوجود خلل عقلي أو نفسي لدى النائب المعترض.
  • مجلس النائمون: فالبرلمان العربي هو أفضل مكان لأخذ قيلولة الظهيرة حتى لو كانت الجلسة صباحية أو مسائية.

نام ياحبيبي نام

 
صحيفة الشمس السعودية تبحث في أهم قضية تناولها مجلس الشورى خلال تاريخه

بحسب النائب المصري محمد عبدالنبي يعتبر نوم العضو أثناء الجلسة حالة فسيولوجية لا يمكن مقاومتها قائلا "النوم ليس ظاهرة في البرلمان عندنا ولا في البرلمانات العربية، لكن النوم أقوى مني ومنك، فالنائب ينام تحت وطأة مجهود بذله ولا يستطيع مقاومة اغفاءة بسيطة تجدد نشاطه" طبعاً المجهود الذي تحدث عنه السيد عبدالنبي هو ذاك الذي يبذله النائب خلال جلسة البرلمان ليبقى صاحيا، ويضيف "النائب لا يكون بالضبط نائما أو يغط في نوم عميق، وإنما مجرد نعاس لدقائق يستجمع فيها قواه ليمكنه المقاومة، فالنائب قد يقضي الليل بطوله لحل مشكلة جماهيرية معينة، ثم يأتي في الصباح للجلسة وهنا يجد صعوبة في مقاومة التعب". بالفعل جميع نوابنا الأفاضل يقضون الليالي لحل مشاكلنا الجماهيرية في الكازينوهات وعلى طاولات القمار والميسر، أو في أحضان الراقصة الدلوعة فاتنة البرلمانات، أو ربما في الإجتماعات الحزبية التي تنظمها الحكومة لمناقشة أفضل الوسائل المخابراتية لمتابعة الشعب حالة السبات الشتوي التي يغط فيها.

من جهته يقول العضو في مجلس الشورى د. خليل بن عبدالله الخليل: "أن مجلس الشورى السعودي يعتبر نموذجا فريدا في البرلمانات العربية من حيث الحضور والارتباط بالبرامج وانعقاد الجلسات، لدرجة أنه يتم زيادة يوم في الجلسات التي تعقد اسبوعيا، والمقررة أصلا يومي الأحد والاثنين، لكثرة الموضوعات المطروحة، بينما ينعقد البرلمان القطري مثلا مرة واحدة في الشهر، وأحيانا لا تنعقد الجلسة في مجلس الأمة الكويتي بسبب عدم اكتمال النصاب"، بينما يناقضه الصحفي السعودي حسين فقيه علي قائلاً أن رئيس مجلس الشورى، حذر وللمرة الثانية أعضاء المجلس - مجلس الشورى - من الغياب والتأخر عن حضور الجلسات، وكذلك المشاركة في المداخلات وتوصيات اللجان، مشيرا إلى أن بعض الأعضاء لم ينطق بكلمة منذ دخوله المجلس حتى انتهاء عضويته.

ويدافع عضو مجلس الشورى د.عبدالعزيز الثنيان عن قيلولته خلال جلسة البرلمان بالقول " أعضاء المجلس يقبلون النقد بشرط أن يكون موضوعيا، ويرحبون به، لكن ليس موضوعيا أن يأتي أي أحد بكاميرا كأنها الكاميرا الخفية، ليلتقط لي لقطة أثناء انحنائي مثلا لالتقاط قلمي الذي سقط مني، أو يأخذ لي تلك اللقطة في لحظة سرحان." والله ماتواخذنا حضرة العضو إذا أاتقطنا لك صورة وأنت تنحني لأخذ القلم ...ولكن بالله عليك هل يتطلب الإنحناء لأخذ القلم نصف ساعة؟؟؟ أم أنك تنتحني لأخذ قلم آخر تتسلى باللعب فيه خلال الجلسة؟؟؟

ومن البحرين تقول النائبة لطيفة القعود رداً على السؤال هل سبق أن التقطت كاميرات الاعلام صورا لأعضاء نائمين أثناء جلسات البرلمان البحريني؟.. : "هذا حدث ذات مرة، وبالفعل أبدى البعض غضبه خصوصا مع اقتران ذلك بتعليقات ساخرة على الصورة، فالعضو يعتبر نفسه سلطة!!!، وأن ذلك الفعل تقليل من شأنه واساءة له.". بالفعل العضو والبرلمان العربي هو سَلطة...ولكن لم تحدد القعود فيما إذا كان سلطة طماطم أو خس وخيار.

من جهته يعتبر د.وليد الطبطائي عضو مجلس الأمة الكويتي ابراز الاعلام لصور أعضاء نائمين أثناء انعقاد جلسة البرلمان بمثابة مشاغبة لطيفة ومقبولة ويقول "أحيانا يغفو البعض إذا كانت الجلسة رتيبة فتلتقط لهم الصحافة صورا للهجوم عليهم، وأحيانا على الوزراء أيضا، فحتى رئيس الوزراء التقطوا له صورة ذات مرة توحي بأنه نائم." إذاً من هذا التصريح نستنتج أن ظاهرة النوم أثناء الأجتماعات انتقلت من البرلمانات العربية إلى مجالس الوزراء وماشاء الله.

وهكذا فأن شعوب الدول العربية تنام قريرة العين هي الأخرى عالمة بأن صناع القرار ومخططوا مصيرها يشاركوها النوم العرائسي إلى ما يعلم الله.

أكل لسانه القط

بشكل عام تتصف البرلمانات العربية بالهدوء والسكينة، باستثناء مواويل الشخير التي نسمعها هنا وهناك حيث يقول عضو مجلس الشورى د. خليل بن عبدالله الخليل أن "أحد الأعضاء عليه رحمة الله كان ينام إلى درجة التمدد على كرسيه والشخير، لكننا اكتشفنا بعد وفاته أنه كان مريضا".

ولكن الظاهرة التي تثير الخوف فعلا هي ظاهرة النواب الصاحين الذين لا ينطقون بكلمة منذ دخولهم وحتى خروجهم من البرلمان. فيفسر البعض هذه الظاهرة بأن نوابنا الأفاضل يعتنقون البوذية أو غيرها من الديانات والفلسفات الشرقية لذلك فهم يمارسون خلال الجلسة طقوس اليوغا والتأمل ...خصوصا أن جو المجلس الهادئ يشجع كثيراً على ذلك.

بنما تذهب السيدة لطيفة القعود النائبة الليبرالية في البرلمان البحريني إلى أن الأعضاء أحيانا لا يشاركون بالرأي لوجودهم في كتل برلمانية، فيكتفون بوجهة النظر التي يطرحها ممثل الكتلة باعتبارها تعبر عن وجهة نظر البقية. طبعاً عندما قرأت هذا التعليق لأول مرة شردت قليلاً وتخيلت أني أستمع لتعليق نائبة في البرلمان السويسري أو السويدي، فهذه أول مرة في حياتي أعرف أنه يوجد في برلماناتنا العربية كتل، ولكني استدركت الأمر لأفهم قصدها ...فهذه الكتل هي عبارة عن كتل من اللحم البشري الملتصق بكسل شديد على كراسي مجالسنا الموقرة، ويتكلم بالنيابة عنها النائب الوحيد الذي تغذى على حليب أمه الطبيعي فاكتسب المهارات البشرية البسيطة كالكلام والتعبير عن المشاعر البدائية للفرح أو الحزن.

وصلات خارجية ومصادر