الفرق بين المراجعتين لصفحة: «البكاء»

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
تمت إضافة المحتوى تم حذف المحتوى
(أنشأ الصفحة ب''''البكاء''' أو النياحة طقس قديم عند العرب ، بدأ بالبكاء على الأطلال، ولا نعرف كيف أن العرب ا...')
 
طلا ملخص تعديل
سطر 7: سطر 7:
عند إستقالة [[لأجنبي|أجنبي]] لا أحد يسأل لماذا استقال او استقالت غير شعوب [[العالم الثالث]] وطغاتهم فقط، ففي مثل هذه الدهشة يشترك الطرفان في العجب العجاب، فالشعوب تسأل: "منذ متى يستقيل حاكم إذا أخفق بتمرير صفقة مع البرلمان؟"، فيما يقول [[دكتاتور|الطغاة]]: "وماذا إذا فشلت الصفقة ويتناسى الطرفان أن الحكم في تلك ال[[جغرافيا]]ت تكليف لا تشريف، وأن آخر ما يفكر به الحاكم هو [[السلطة]]، فإن أحسّ وهلة بأنه لم يعد مؤهلًا لخدمة شعبه، سرعان ما ينسحب بصمت، أما دموعُه فلا تنهمر على "ملكٍ مُضاع"، بل على خدمة "مُضاعة" لشعبه، لم يستطع أن يؤديها كما كان يحلم قبل تسلّمه المنصب. في تلك البلاد، تكون [[السلطة]] عبئًا وقلقًا وعرقًا وخوفًا وحسابًا عسيرًا. وفي هذي البلاد تكون السلطة تمطّيًا ورفاهية وخدمًا وحشمًا و[[سياحة]] وأوامر.. هناك يكون الحاكم في خدمة الشعب، وهنا يكون الشعب في خدمة الحاكم.
عند إستقالة [[لأجنبي|أجنبي]] لا أحد يسأل لماذا استقال او استقالت غير شعوب [[العالم الثالث]] وطغاتهم فقط، ففي مثل هذه الدهشة يشترك الطرفان في العجب العجاب، فالشعوب تسأل: "منذ متى يستقيل حاكم إذا أخفق بتمرير صفقة مع البرلمان؟"، فيما يقول [[دكتاتور|الطغاة]]: "وماذا إذا فشلت الصفقة ويتناسى الطرفان أن الحكم في تلك ال[[جغرافيا]]ت تكليف لا تشريف، وأن آخر ما يفكر به الحاكم هو [[السلطة]]، فإن أحسّ وهلة بأنه لم يعد مؤهلًا لخدمة شعبه، سرعان ما ينسحب بصمت، أما دموعُه فلا تنهمر على "ملكٍ مُضاع"، بل على خدمة "مُضاعة" لشعبه، لم يستطع أن يؤديها كما كان يحلم قبل تسلّمه المنصب. في تلك البلاد، تكون [[السلطة]] عبئًا وقلقًا وعرقًا وخوفًا وحسابًا عسيرًا. وفي هذي البلاد تكون السلطة تمطّيًا ورفاهية وخدمًا وحشمًا و[[سياحة]] وأوامر.. هناك يكون الحاكم في خدمة الشعب، وهنا يكون الشعب في خدمة الحاكم.


على هذا الأساس، تختلف موجبات البكاء بين جغرافيتين. الأولى تبكي فيها تيريزا ماي وحدها بلا شعبها، والأخرى تبكي فيها شعوبٌ بأكملها بلا حكامها، اللهم إلا عند زوال الملك من حكام "صغار" كعبدالله الصغير، وربما، أيضًا، ك[[صدام حسين]] حين بكى رفاقُه في [[حزب البعث]]، قبل أن يأمر بإعدامهم إبّان الاجتماع الشهير في قاعة الخلد في [[بغداد]]، ليسجل سابقة فريدة من حاكم [[عرب]]ي بكى وهو على هرم السلطة، وإن كانت دموع التماسيح حاضرةً في المشهد السوريالي. أما ما دون ذلك، فلم يسجل ال[[تاريخ]] بكاء زعيم عربي على أي كارثة، أو مجزرة اقترفت في عهده، فلا [[بشار الأسد]] ذرف دمعةً واحدةً على نصف شعبه المهجر، ونصفه الآخر المروّع بالغازات السامة والقنابل الفسفورية، ولا [[عبد الفتاح السيسي]] اختطفت مجازره في [[ميدان رابعة العدوية]] وسواه دمعة عابرة من [[عين]]يه، ولا المجلس العسكري في [[السودان]] استوقفته جثث المعتصمين أمام مقر قيادة الجيش. هو اختلاف في ثقافة السلطة بين كوكبين ليس إلا، في الكوكب الأول يبكي الحكام من "تسلّط" الشعوب، وفي الكوكب الآخر تبكي الشعوب من تسلّط الحكام.
على هذا الأساس، تختلف موجبات البكاء بين جغرافيتين. الأولى تبكي فيها تيريزا ماي وحدها بلا شعبها، والأخرى تبكي فيها شعوبٌ بأكملها بلا حكامها، اللهم إلا عند زوال الملك من حكام "صغار" كعبدالله الصغير، وربما، أيضًا، ك[[صدام حسين]] حين بكى رفاقُه في [[حزب البعث]]، قبل أن يأمر بإعدامهم إبّان الاجتماع الشهير في قاعة الخلد في [[بغداد]]، ليسجل سابقة فريدة من حاكم [[عرب]]ي بكى وهو على هرم السلطة، وإن كانت دموع التماسيح حاضرةً في المشهد السوريالي. أما ما دون ذلك، فلم يسجل ال[[تاريخ]] بكاء زعيم عربي على أي كارثة، أو مجزرة اقترفت في عهده، فلا [[بشار الأسد]] ذرف دمعةً واحدةً على نصف شعبه المهجر، ونصفه الآخر المروّع بالغازات السامة والقنابل الفسفورية، ولا [[عبد الفتاح السيسي]] اختطفت مجازره في [[مذبحة ميدان رابعة العدوية|ميدان رابعة العدوية]] وسواه دمعة عابرة من [[عين]]يه، ولا المجلس العسكري في [[السودان]] استوقفته جثث المعتصمين أمام مقر قيادة الجيش. هو اختلاف في ثقافة السلطة بين كوكبين ليس إلا، في الكوكب الأول يبكي الحكام من "تسلّط" الشعوب، وفي الكوكب الآخر تبكي الشعوب من تسلّط الحكام.